( يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ) المائدة 51
آثار غياب القوة الحاكمة السنية :
إن أقرب صورة لما يحدث بغياب القوة السنية هو صورة غياب الأب القوي الذي كان وجوده أساس الهدوء في العائلة التي تحوي أبناء متشاكسين، منهم من له نوازع للخروج عن الضوابط الإنسانية لتحقيق أطماعه على حساب أشقاءه ، ومنهم من هو مسالم يتخذ من التسامح والحلم طريقة لوقف المشاكل حتى لو وقع الظلم عليه وضياع حقه، فيكون والحالة هذه أن جعل الضعف المهين صفة ذاتية مع مرور الزمن حتى تعطلت عنده همة الدفاع ، وربما أكتفى بحد أعلى في النهي عن المنكر بالقول فقط، وهذا أضعف الإيمان في تعاليم الإسلام . من الأبناء نوع ثالث ، وهو من يتصف بالحكمة والفعل، ولكنه يسخرهما لفصل النزاع فقط ولا يستثمرها ليكتسب مرتبة اليد اليمنى للأب كمقدمات تهيئهُ لاستحقاق خلافة الوالد في إدارة شؤون البيت، خاصة وأن الهيبة من صفاته لحلمه ، وهذه بحد ذاتها إشارة لضعفه في الإرادة والطموح، يفهمها الأبن الأكثر طموحاً من بينهم، وهو الذي كان يمارس الإيهام بالتراجع عن نيته للغلبة عليه من الكل ، ومع غياب هذا الأب القوي الضابط للبيت فمن الطبيعي أن يقفز المشاكس بإرادته القوية وأحلامه القديمة وعلمه بنقاط ضعف شقيقيه، فيكون حاكماً للأسرة بشكل سلبي لتحقيق مصالحه على حساب العائلة لا يهمه تضرر العائلة مادياً ومعنوياً ، ولا ما سيجر من تبعات ومشاكل على الكل من خارج البيت نتيجة نوازعه الشريرة هذه ، فكيف وهو يوالي من يعادي أخوانه ويطمع فيما عندهم ؟
النزاع حول أموال الخمس :
أن غياب القوة السنية الحاكمة في العراق قد أجج الرغبة المسعورة عند رجال الحوزة الكبار والصغار بحجة تبعيتهم لآل البيت ـ وما أبعدهم ـ بأن يتصدروا للمنافسة كغاية لتطبيق للحكم الإسلامي الحق المتمثل بولاية الفقيه، وهو ما أدى إلى بروز النزاع بين المراجع الفارسية والعراقية على الملأ وبصورتها الحقيقية الدموية، والتي تدور حول تسلم زمام الأمور في الحوزة المعروفة منذ عقود من قبل غزو العراق ، إضافة للنزاع المحتدم بين الأحزاب الفارسية ذاتها، كما هو معلوم بين حزب الدعوة والمجلس الأعلى وهو الأدنى، بسبب أن من يدعمهم هي المرجعية، وما يسير المرجعية هي إيران ، وما تعينهم هي ما تدره الحوزة من أموال الخمس المنهوبة من الشيعة، فإنعكس هذا الصراع في الحوزة على الأحزاب الشيعية الحاكمة، لأن المراجع هم الواسطة الطبيعية بين إيران والقيادة السياسية، فقد ظهر هذا التغيير في الصفوف القيادية وخلط الدين بالسياسة كما أسس له الخميني في نظريته في ولاية الفقيه . ظهر تدخل الدين بالسياسة بشكله السلبي بعد فضيحة ضلوع (مقتدى الصدر) أبن المرجع محمد محمد الصدر بحادثة قتل المرجع (عبد المجيد الخوئي) مع تورط عدد من طلبة الحوزة والمنشورة أسماءهم في مذكرة قضائية ضمن ملفات التحقيق، والتي أسفرت عن إحالة القاضي (رياض راضي مطلك) على التقاعد لنشره لها .
إن هذه الجريمة ظهرت للعلن في ظل حكومة دينية شيعية تضع الانتقام هدف لا الإصلاح ، فكان الدور على بني جلدتهم . كان تدبيرهم تدميرهم لأن مرجعياتهم متواطئة ومرتبطة مع المحتل الأمريكي مما أشعل الأمور في محافظة النجف عام 2004 . أدت الرغبة في تصفية الحسابات كطريقة للتفرد بالحوزة وثرواتها إلى قصف المحافظة من قبل قوات التحالف بموافقة رئيس الوزراء آنذاك (إياد علاوي)، وكانت أموال الضريح ونفائسه التي تنازع عليها أتباع الصدر وأتباع السيستاني كأسباب أخرى للهجوم، تبعه سفر السيستاني للعلاج كذريعة ليعود بعدها لمسك زمام الأمور كنائب عن إيران في العراق بصورتها الديني. حينها تم تشكيل ( جيش المهدي)، فما هو إلا وسيلة للدفاع عن مقتدى وتياره العربي ضد أتباع الخوئي والسيستاني الفارسي واتباعه، ولم يتشكل لتحرير العراق من الاحتلال إنما وجه ضراوته نحو صدور أهل السنة وجوامعهم ومناطق سكناهم بعد أن باع سلاحه للأمريكان بأمر من بريمر ! . هذا التقاتل المحموم على أموال الخمس والأضاحي والهبات وكميات الذهب التي فقدت قد سرى بين قيادات جيش المهدي ذاته، مما أدى إلى القبض على الشيخ اليعقوبي من قبل القوات الأمريكية وهروب مقتدى الصدر إلى إيران بحجة الدراسة، وهو الجهول، وقد أنكر قضية دراسته للاجتهاد مؤخراً ، كما أعلن عن تبرئه لعصائب أهل الحق المنشق عنه !.
مما لا يخفى أن هناك العديد من جرائم القتل بين علماء الشيعة مراجع وطلبة بعد احتلال العراق، قد نُشرت في الصحف والمواقع رغم التعتيم الحوزوي عليها، وأشهرها مقتل المرجع (محمد سعيد الحكيم) وكان للحرس الثوري الإيراني يد فيها .
أما الأسماء فقد جمعتها من موقع مفكرة الإسلام وهم :
القيادي ( سيد خميس) عام 2006 عثر عليه مقتولاً في بيته في النجف مع مصرع ثلاثة في نفس العام بسبب نزاع بين جيش المهدي والمسئول عن حماية أموال الأضرحة ( جماعة عاشور) ــ في عام 2007 ـ كاظم جاسم البدايري ورحيم الحسناوي وعبد الله فلك البصراوي(مسؤول الحقوق الشرعية للسيستاني) وفاضل عقيل والأخير أحمد الأنصاري .
وكلها في محافظة النجف ، وجميعها بسبب أموال الخمس المنهوبة من الشيعة باسم المهدي المعدوم، وبلا دليل لا من قرآن ولا سنة ولا رواية للأئمة .
ولن يتوقف النزاع في الحوزة ولا آثاره السلبية على الشارع العراقي إلا أن يشاء الله أمرا .
مما سبق بيانه أن غياب الحكم السني يعني أن الأبواب مشرعة للمراجع والعلماء خاصة للقيام بأي عمل أو إصدار أي أمر التخلص من منافسيهم بما يضمن ديمومة تمكنهم مستغلين أموال الخمس والسلطة التي ترافقها، وللمقابل حق الدفاع وتولي المناصب لتمثل العقيدة، ولا يخلو الأمر عند من له المنزلة الأكبر والرياسة في الحوزة في للتخلص من مخالفيهم عقائدياً ومعارضيهم سياسياً ، ولا يعني هذا إلا استمرار النزاع والفوضى بين الجميع ، ولا حل لهذه المتلازمات المقوضة للاستقرار وجر العوام المتبوعين للمراجع في النزاع ، الإ في بقاء الحكم السني لعدم وجود عقيدة كسب المال بالدين ، فحكم السنة هو لحماية الضعفاء من الأقليات العرقية وباقي الطوائف الدينية ولكبح جماح الضراوة عند الشيعة .
تتلخص خطورة سيطرة الشيعة على الحكم في مسألتين رئيسيتين :
1ـ تسخير المراجع لعودة الحكم الصفوي .2 ـ تسخير العوام لتنفيذ المهام .
تسخير المراجع لتحقيق الحلم الصفوي :
يتضح في الخبر الذي نشرته الصحافة البريطانية عن إفادات بول بريمر الحاكم المؤقت للعراق بعد الغزو عن ضلوع بريطانيا في مسألة القرارين المتعلقين بحل الجيش العراقي واجتثاث البعث في أهميته التي لا تخفى على المطلع بعلاقة إيران بالقرار، وخاصة ضلوع المراجع الشيعية في التخطيط لغزو العراق، فقد كُشف عن اتصالات كبار رجال الدين الشيعة مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (توني بلير) قبل الغزو ، وكُشف عن اتصالات المرجع الأكبر علي السيستاني كما هو واضح في بياناته في موقعه ، وكُشف عن اتصالات رجال السياسة في العراق بملالي طهران في كل مفصل وأزمة تعرض لها العراق منذ الغزو بصورة علنية ـ كما أسلفت ـ وكأن العراق بهذه الصورة محافظة تابعة لإيران وجب إرجاعها .
لقد كان للمرجع (كاظم الحسيني الحائري) القائد الروحي والمفتي لجيش المهدي وهو في قم إيران فتاوى بالقتل باستعمال الحزام الناسف في بداية عام الغزو على العراق، وهذا أكبر دليل على أن الانتحاريين ليسوا من أهل السنة فقط ، والفتوى منشورة في موقعه والمسألة وجوابها بالنص : (المسألة : 101) هل يجوز الانتحار بالحزام الناسف؟ الجواب: إذا كان الانتحار سبباً لعمل جهاديّ مهمّ يهون دونه قتل النفس جاز ذلك. أما الفتوى فهي لأصناف أربعة أستحل دماءهم بكل بساطة لسبب بسيط أنه يقصد البعثيين وخوفه من رجوع الحكم بيد صدام أو غيره ، توسع في الخامس حين شمل غيرهم : والخامس: اُولئك الذين بداُوا يعملون لتخريب حياة الناس بمثل قطع أسلاك الكهرباء، أو تهديم البيوت، أو القتل، أو خلق الفتن والمحن، أو ما إلى ذلك. أما الصنف الأول فهم ممن لم يتورطوا في جرائم !(*) . أتساءل لماذا لم يختار النفي بحسب الآية التي استشهد بها ؟ وهل علم بلجنة اجتثاث البعث أم أنه خير زائد ؟ وهل يعرف الانتحاري من هم بناءاً على وجوه أم ملابس أم ماذا ؟ . من الواضح أنه توافق مع الدستور حين لمح عن البعثيين من الشيعة وعدم تجريمهم .
من الصعوبة أن ادرج كل الوثائق وكل الأقوال التي تبين حقيقة تسخير المراجع والعلماء كل طاقاتهم لتصدر إيران عقائدياً وسياسياً عند العامة، ويجدر الذكر بدور خادم إيران ( حسن نصر اللات) في مسيرته في الدعوة وفي قيادة حزب الله الإيراني لحماية نفوذ إيران في المنطقة أولاً، ثم حماية إسرائيل التوأم الإرهابي .
ــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق