خاص/ مشروع عراق الفاروق
مما لا يخفى على الجميع ، أصبح العراق رهن الطائفية المقيتة التي فرضتها إيران بحكم تسلط الأحزاب الشيعية الحاكم الفعلي في العراق وبقيادة سفيرها الذي أصبح قائد للقوات ، وحيثما كانت مفاصل القوة الفعلية لأهله من سنة العراق فجرى التخطيط بكسر قواعدها في الدستور الأسود الذي خطط له اليهودي وصفق له الفارسي والجاهل والعميل في مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، ولكل غايته واتفاق محصلته تخريب العراق المستمر في ظل حكم الشيعة . الدستور الذي كانت ديباجيته طائفية ناعية لا بد أن تتوالى بنوده بنفس النسق ، فكان من بينها حذف الخدمة الإلزامية المتبع ، حتى يتفرغ المشروع الفارسي من إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة بعيداً عن سنة العراق، بجيله آنذاك والجيل الحالي من خريجين العشر سنوات . بعد عقد من الزمان افتقدت شريحة كبيرة من الشباب على استعمال السلاح ومهارة الدفاع عن الوطن ضد الأعداء ، ولم يبال الساسة السنة للخطر ولا أحزابهم التي سميت نفسها إسلامية !
اليوم أو بالأحرى في الخامس والعشرون من الشهر الماضي تشرين الأول( أكتوبر) ، تم رفع طلب إعادة الخدمة الإلزامية من قبل رئيس التحالف الشيعي ورئيس الخارجية ( إبراهيم الجعفري) بعد أن تحطمت المؤسسة العسكرية وانهار بنيانها من القواعد بالهجمات التي فرضتها حكومة المليشيات ذاتها على أهل السنة، وكان تشكيل الثوار ردة فعل طبيعية وشرعية لفك الاعتصامات بالقوة أوائل عام 2014 ، وتحديداً بعد المؤامرة التي دبرت بليل بقتل اللواء (السني) بتفجير في صحراء الأنبار ، وكانت بعدها عملية (ثأر القائد محمد ) على الفلوجة والرمادي بحجة مداهمة أوكار القاعدة ومكافحة الإرهاب مع اعتقالات متواصلة في بغداد . مع أن لا حاجة لذكر جرائم الإرهاب الحكومي بحق السنة العزل في ساحات الاعتصام في الفلوجة والحويجة وبعدها مجازر جامعة سارية ديالى وآخرها مصعب بن عمير في نفس المحافظة مما لم تلق تحالفاً لمواجهة هذه الحكومة الدموية ، إلا ببيانات شجب وتقرير إحصاء ونصائح من البيت الأبيض بتغيير الحكم من المالكي الطائفي إلى العبادي الطائفي كإجراء حاسم دون الضغط لتفعيل الحرس الوطني للدفاع عن النفس رغم المطالبات طوال ثمان سنوات خاصة بعد 2006 .
لماذا الان ؟
لقد تكبدت القوة المليشياوية خسائر بالأرواح تقدر بالآلاف وطالت كل تحشيداتها النظامية والطوعية بما يسمى بالحشد الكفاءي بفتوى المجرم السيستاني ، وأن العودة لخدمة التجنيد الإلزامية دلالة على الخسائر الجسيمة في معسكر الحسين كما يصفها الشيعة عن طريق رئيس الوزاراء الأسبق نوري المالكي وتم تأكيدها بالحالي حيدر العبادي ، والساسة السنة في العراق ما زالوا يتعاملون مع الوضع بعلمانية بحتة وعمالة مطردة ، فقد تم اختيار وزير الدفاع الجديد خلفاً للمجرم سعدون الدليمي المستشيع وفق المحاصصة ضمن المكون السني ، وكان المتفق عليه ( خالد متعب العبيدي ) الدكتور المهندس اللواء وكل هذه الرتب صفها على جنب حين استقبل سفراء الغرب أمريكا وبريطانيا وحتى استراليا المعادية للعرب ، وفي فخر بالعمالة كانت هذه في صدارة موقع الوزارة على الأنترنيت . ومما زاد اليقين بموافقة إيران عليه هو زيارته في عاشوراء إلى كربلاء ليعلن ولاءه المطلق من هناك بلا جدال ، وكأن أهل السنة لا توالي الحسين برفضها طقوس عاشوراء ، وكأنهم سيرضون عليه كما اليهود عن مخالفيها في العقيدة .
السؤال المهم لماذا الآن ؟ فقد كانت دواعي إعادة الخدمة العسكرية أكثر أهمية بعد حل الجيش العراق ، ولم يتخذ حينها ، وكانت دواعي أخرى بعد دخول القاعدة من خارج العراق، ولم يتخذ حينها كما جرى من اقتتال في الأنبار ، ولم يتخذ بعد منع ضم الصحوات بحجة مكافحة الإرهاب ذاته الذي أصبح دافعاً لكل مؤتمر وقرار .
اليوم أرتأت إيران أن يكون إعادة النظر في الدستور بما يخدم هيمنتها على العراق ، وبالتالي يديم أثرة الشيعة على السلطة المطلقة بلا جدال ،حيث أن إعادة النظر بالخدمة الإلزامية يتيح لتشكيل (الحرس الوطني) المزمع إنشاءه في المحافظات السنية المتعرضة للهجمات، وقد تعاملت أمريكا معاملة الشريك المتضامن في الخفاء ، ومن المهم أن نفهم أن هذه القوات المستحدثة بقيت مجرد كلام وليس حبراً على ورق خشية تقوية الصف السني الذي تم ضعفه من كل الأطراف على مدى أحد عشر عاماً ، حتى كانت ثارات سنية سنية تحكم المناطق وتدعو لاصطفاف صريح مقيت كاصفاف الجاهلية يصفق له التحالف المقيت في الداخل والخارج .
والجواب أيضاً لا يخص فقط دواعي النظر بقدر اختيار الوقت المناسب لتغيير الدستور، ليكون بداية تغييرات أخرى تصب كلها في غير صالح أهل السنة ، ولو تنبه الساسة والعوام من شيوخ دين وعلماء وعشائر ومثقفي العوام وحتى أبسطهم مدارك حول أهمية تشكيل الحرس الوطني ضمن منهج يحفظ الهوية والدين والأرض مع حفظ النفس ، وكلها بالأقليم الذي جاهدوا لرفضه واعتبروه من دلائل العمالة لحكومات الاحتلال ! . اليوم عندما يخوضون في ضرورة تشكيل حرس وطني للمحافظات لا يبدو لهم أنه تابع لحكومة احتلال ، ولا عجب ، فقد توضح الأمر أنه تعنت وعزة نفس عن الاعتراف بالخطأ وليكن ما يكن من خراب .
أما لمصلحة من ؟
فهنا الأهم ، حيث الوضع المعقد في ظل الحرب على (داعش) ، والسؤال حول ردة فعل الشارع السني في اختيار الاصفاف مع حكومة المليشيات أو مع داعش التي توصف بالدولة الإسلامية كنقطة مفترق طرق . الكثير يرجح أنه مشروع إلزامي في صالح داعش من منطلق النظر إلى جهتها في التحليل ، إلا أن الواقع يقول أنه لصالح المشروع الصفوي حيث أن حكومة المليشيات التي تسفك الدماء وتحيل مناطقهم إلى أطلال يجري عليها ترتيب ديمغرافي صفوي مبطن لا يخفى على أحد ،ولا يخفى أن هناك حرية التحرك لكل القطعات في كل المحافظات مما يعيد انتشار المليشيات بزيها النظامي العسكري في محافظات السنة، ولا فرق عنها الآن بل يعني هذا تعامي الساسة عن مطالب إبعاد الجيش المليشياوي . من حيث الترتيبات وبالقانون سيكون لدى حكومة المليشيات مجهر قوي بتوفر دوائر الإحصاء في الجامعات والمدارس وكل دوائر الدولة بمعلومات كاملة بما يسرع من إبادة أهل السنة باجتثاث فعلي ، ومن ناحية أخرى يسرع بإبادة أهل السنة بتفعيل البند التابع للخدمة الإلزامية المسمى (الإفرار) حيث الحكم القاضي بالإعدام على أكثر احتمال . أما عن عوائل الشباب الخاضع للخدمة الإلزامية فالخطر يمتد إليها لا محالة بكل أشكال الإرهاب الشيعي من خطف وتهديد وطلب فدية وأمور إجرامية أخرى من عقلية فاسد حاقد مهووس بخرافة أخذت على كل تفاصيل حياته .
الاختيار لا وجود له بكل الأحوال ، إنما اضطرار مع أو ضد ، ويكون في صالح التنظيم نظرياً فلا يمكن أن يوافق السني على الانظمام للمليشيات التي قتلت عائلته وخربت مدينته ، وتطبيقياً فادحاً لعائلته عن طريق النفرة وحيداً ، أو الهجرة خارج البلد ، وكلها مكسب للمشروع الإيراني في المنطقة .
ما زلنا نزداد يقيناً أن المعركة المسلحة لا غنى لها عن معركة مدنية لا تكون إلا بإقرار محيط جغرافي موحد الخواص والهدف ، ولا يوصف إلا بمجتمع الهوية السنية بأقليم مؤسساتي يلبي كل نقاط الاعتصامات من أولها إلى آخرها وخاصة الحرس الوطني حرس الأقليم، وما زلنا على يقين أن كل ما تقره الأحزاب الشيعية يصب في صالحها وضد أهل السنة ، ولهذا الخشية من تعديلات في الدستور تحرم المكون السني عنصر الجهاد من لبنة الاجتماع والاتحاد بما ينفذ بنود الأقليم ، وبالتالي يحرم مجالس المحافظات من أداء وظيفتهم الحقيقية حتى وإن كان أحد المسئولين لا يتمتع بوعي كاف لأهمية الأقليم ، وإن يكن طامع لمصلحته الضيقة يبحث عن أدراج سفلية يخفي أوراق الفساد . مهما يكن الأقليم من ضعف فهو خطوة نحو مراحل متدرجة لحكم السنة أنفسهم بأنفسهم حتى تعديل الدستور وقيام دولتهم بأقل الخسائر ، ولكن للأسف كان وسيلة للمبارزة لا غير .
كتبت أن حرس الأقليم بلا أقليم مؤامرة *، فكيف يفرح للحرس الوطني من عرف غرض الحراك السني وعمل عليه ولا يعرف الترتيب أولوية؟ وما الفرق بينه الآن وبين قانون الإلزام ؟.
متى يعي سنة العراق للقضية ثم لأهمية الأقليم كحاضنة دستورية تضع العالم أمام تحدي تفعيل الديمقراطية ، ومن جهة أخرى تعنى الفدرالية ببناء فرد له هوية تترتب عليها مقومات المجتمع المحمي العقيدة أولاً وباقي مهام الشرع الخمس يبدأ أوله بالحرس الوطني لا الحرس الوثني الذي سيكون صبغة حقيقية، وما زال في جعبة إيران المزيد ما دام ساسة السنة يحصرون اهتمامهم في الثريد .
والله المستعان ومنه النصر
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق