( مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً) الأحزاب الآية 23
في العراق المُبتلى تتجلى أعلى مظاهر التمحيص، لتطفو هامات موحدة، وتغرق أخرى من سوء البصيرة وأفعال الغدر المهلكة ، وما لها يوم القيامة من محيص . في العراق الذي احتار فيه الحليم، نحتار كيف نؤازر المجاهدين والثابتين بما يليق بهم ، وأقلامنا تبدو أمام ما قدموه من قبس أعمارهم وأرواحهم خيط بصيص، ويبقى في ذمتنا تقصير في حياتهم وذكراهم، وقد أتعبونا في الأثنين، وذاك فضل الله يعطيه لمن يشاء ، ولكل ٍقدر له وسعه، والله المستعان وهو النصير .
في عراق أمير المؤمنين عمر الفاروق(رضي الله عنه )، يُنظر إلى عمائم تكاد تبدو متشابهة وأسماء مماثلة ، فبين قاسم وقاسم فرقٌ سحيق ، فشتان بين الكافر المجرم قاسم سليماني أبن إيران بلد المجوس والشرك المديد ، والإمام المجاهد الشيخ قاسم المشهداني أبن غزالية بغداد الخلافة والرشيد ، وسبحان مَن جعل النظر إليهما بالمعنيين من تخصيص . شتان عند الله العليم إماميّ هدى وضلالة النار ، فعند المشهداني العقيدة بيقين من الكتاب والسنة ، وذاك يحرف الدين وتُشترى الآيات بثمن رخيص، ومن بين ملايين الضحايا تسمو هامات الشهداء الذين أنطبق قول الله عليهم (( مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً)، فكان ممن قضى نحبه باغتيال آثم بأمر من قاسم المجوس.
من هو الشيخ قاسم حبيب المشهداني ؟
كان الشيخ قاسم المشهداني صاحب الوجه النوراني الذي انطفأت فيه الابتسامة منذ أن دنس أرض العراق أقدام الكفر في احتلالين يظاهر أحدهما الآخر، والعالم الإسلامي ينظر ببلاهة يرتعد يخشى أن تصيبهم دائرة، وقد تكالبت على أهل السنة مؤسسات الدولة التي اختارت لنفسها وصف دولة المليشيات بدل دولة القانون، فكم ارتكبت من مظالم ومجازر غير مسبوقة في التاريخ تحت ظل الحكم الشيعي المخرب، فكان لزاماً أن ينبرى عنصر القوة وأصل الجهاد أهل السنة ليطرد المحتل الأمريكي ويصد المحتل الإيراني، بينما يصافح ويهلل له جل الشيعة فكان التمايز، ومن الله المنة . الشيخ قاسم المشهداني الشاب الذي ولد في عام 1987، ونشأ في عبادة الله على بصيرة، وقد صوبته أعوام العجاف والتحالف الخليجي الأول الآثم والغزو الذي فرح له أهل الإرجاف . هذا الشيخ الذي فهم معنى الدين عقيدة وقضية، وعلم أن هناك هدى للناس عليه ونصرة، وما أكثر الغافلين !.
الشيخ قاسم المشهداني المجاهد القائد الذي تخطى الشباب من مرحلة الطفولة إلى الرجولة بخطوات عجولة، إذ حمل القضية وتقدم الصفوف وصدح بما هز عروش الاحتلال وأذنابه من الكروش في بغداد الأسيرة التي عرفته وتبسمت، وعرفه أهل السنة وتخوفت . لقد أرعب الشيخ وهو أعزل مَن حمل السلاح خفيفه وثقيله، وهزت خطبه أهل الرذيلة .
لله درك يا شيخنا ورحمك حياً وميت، فكم أصعبت عليهم الغفو فبات نومهم كابوس ونهارهم نار تستعر في النفوس، حتى أسكتوك بمكيدة! ، نعم بمكيدة ، ولم يتجرأوا على مواجهة هذا الأسد، ولم يفلح تهديد معه وهو يقسم برب محمد (صلى الله عليه وسلم) أنه لن يحيد . عندما أردت أن أكتب عن هذا الشيخ البطل الذي لا يعرفه الكثير قبل أشهر وجدت من الصعوبة أن أجمع كل آثاره وبصمات النصرة ، فلم يكتف بمهامه في المسجد كخطيب على المنبرحيث عمله في جامع (الحديثي) في الغزالية ، بل تعدت إلى إمام لجموع السنة الغيورة التي تتشبث بعمائم قادة قل عددهم بحملات الرافضة المسعورة، ومن مهام العقيدة في مساجد العبادة المحاصرة في أحد زوايا غرب بغداد الأسيرة ، إلى حضور مكين في فضاء القنوات بتحدي وإصرار لا يلين .
حادثة أغتيال الشيخ رحمه الله
في يوم التاسع عشر من تشرين الثاني من عام 2013 في الغزالية المحاصرة بنقاط تفتيش مليشياوية وبمعونة الحكومة أفراد ومعدات ، فقد كان الشيخ رحمه الله في سيارة يقودها أخيه وهو يخرج من المنطقة في شارع يسمى شارع (البدالة) بلباسه المعروف وبوجه مكشوف كأي بطل ، أوقفته نقطة التفتيش التي تعرفه جيداً وتتربص به منذ حين تطالبه (بمعروف) ! . لقد طلب منه أفراد النقطة أن يقل أحد الأشخاص معه بحجة عدم امتلاكه عربة تقله في يوم ماطر وقد سمح بلا وجل، ولم يكن هذا الشخص إلا أحد أفراد مليشيا عصائب أهل الباطل تتبع أساليب الجبناء كعادتها في قتل أهل السنة ، فقد جلس المجرم في المقعد الخلفي وطلب إنزاله بشكل فجائي ، ثم أخرج سلاحه على بعد أمتار من نقطة التفتيش ليصيب الشيخ وأخيه، وما كان من مليشيا الدولة إلا أن لحقت بالسيارة وأنزلت الشيخ ورمته على قارعة الطريق ومن معه ، وحملت المجرم بعيداً عن ساحة الجريمة . لم يتوفى الشيخ إلى رحمه الله من ساعتها بل أصيب إصابة بليغة وهو ينزف لساعة أو أكثر حتى توفي، وبحسب المستشفى فالإصابة من رشاشة ، وهذا يدل على أن الطلقات الأولى من مسدس كاتم فلا يمكن أن يخفي القاتل سلاح بحجم الرشاشة في ملابسه، ولهذا لم تحدث إلوفاة بل أن من قضى عليه بالرشاشة هم أفراد نقطة التفتيش، وشاءت الأقدار أن يعيش قريبه ليشهد على الجريمة ويعرف العالم حقيقة اغتيال الشيخ المجاهد ، ويعرف العالم أن ما تكمله الدولة الرافضية من جرائم بلا قصاص عادل، إنما عندها عمل جهادي باسل يرقي فاعله إلى رتبة عسكرية ومكافئات مالية منذ 11 عاماً ـ وبهذا عرفوا عنهم أنهم قوات (الدمج) ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
إن الشيخ الشهيد بإذن الله قاسم المشهداني سيد شباب الغزالية ، قد اختار مهام الدعوة الخالصة التي تحمل القضية، فقد فهم معنى النازلة وفقهها ، وعلم أن الدعوة الحقة في النصرة بإعلان معنى الأمة بالهوية السنية والدفاع عن أعمدة الدين .
وعرف مهام الإمام والفقيه أنها لا تُحصر بأحكام ومسائل يجدها المسلم بدقائق في عصر المعلومة الالكترونية . لقد كان حضوره يغيض الإعداء أعداء الدين وهم يشخصون الهمة والحرقة على حال أهل السنة عند رجالهم كما هو حال الشيخ قاسم رحمه الله، وقد كانت مقابلته في أحد القنوات مما هزت المشاعر مرتين ، مرة لما يجري من حملات إبادة لسنة العراق بغية تشييعه وتغيير ديمغرافيته ، وأخرى عندما نتلمس الحزن والرباط عند قادتنا فنحزن لحزنهم، ونحزن لفراقهم بعد حين ولا نملك إلا الدعاء ، والله المستعان . اليوتيوب المرفق وهو يعتذر لأهل الغزالية وينصحهم وهو يشعر دنو أجله رحمه الله (1)
أما حادثة اغتياله في19/11/2013 فبسبب بسالته وقوته في الحق وحمله روحه على كفه من أجل الله والمسلمين ، واليوتيوب المرفق في جموع شباب الغزالية الواع للقضية حين انتفض نصرة للفاروق عمر رضي الله عنه رداً على سبه من قبل أهل الشرك والتكفير، والتي كانت كآخر القشة التي قصمت ظهر الرافضة ولم تحتمل المزيد، وهذا ما تردد عن سبب اغتياله على ما يبدو (2)
ولم يكتف ِالشيخ رحمه الله بسعيه الجهادي خارج بيته، بل كانت أوقاته داخله بقلمه يشد من أزر أهل السنة في زمن تخلى عنهم الساسة والعامة، ومن أحجم عن حقيقة القضية وهم يسمون أنفسهم قادة. كانت كلماته الأخيرة مثبتة في صفحته الشخصية قبل ساعات من استشهاده، وهي شاهدة على إخلاصه كما رأينا ظاهره باقية تصف الأراذل حتى بعد موته فنعم الخاتمة ، ولا نزكيه على الله هو أعلم بعباده الحكم العدل سبحانه .
إن ما يجدر الإشارة له هو أن دولة المليشيات الرافضية التي جعلت جهادها ومعركتها المقدسة ليس ضد اليهود ولا لتحرير الأقصى أو العراق من أحتلال أمريكا وإيران بل لقتل أهل السنة بجريمة ارتكبها اجدادهم، وتعساً لعقول خربة أنهتها المخدرات والضرب على الرؤوس وجلد الذات لما ارتكبوا من طعن العفيفة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها . لم تكتفِ هذه الحشود وبئس ورودها ورد قوم فرعون ولوط باغتيال الشيخ قاسم، بل عمدت إلى استهداف مشيعيه في الغزالية بعيارات نارية حية بغية تفريقهم (3)، وتبقى الغزالية صامدة سنية موحدة منيرة بشهداءها وأبطالها مع باقي مناطق بغداد الأسيرة فك الله أسرها، وأعان أهلها الأصلاء.
رحم الله القائد الشهيد قاسم حبيب المشهداني وتقبله في عليين مع المقربين وصحبة نبي الله الأمين صلى الله عليه وسلم ، نسأل الله تعالى أن ينصرنا بهم وبمن يخلفهم ولو بعد حين ، وسبحان الله بين غلهم ورعبهم جرائم يصمت على إرهابهم العالم !
والله المستعان .
*(1)
(2)
(3)
http://safeshare.tv/w/eOozkwpijj
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق