بسم الله الرحمن الرحيم
{ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }غافر12
إمام واحد أم إثنا عشر إمام ؟
يدعي الشيعة الإمامية بأنهم على هدى وما عداهم على ضلالة وأنهم يركبون سفينة النجاة وغيرهم لا سفينة لهم ولا إمام يتبعونه أما هم فلهم إثنا عشر إمام وهم من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم على التوالي رضوان الله عليهم : علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي و علي بن محمد والحسن بن علي الملقب بالعسكري الذي كان ولده الوحيد آخر الأئمة محمد بن الحسن الملقب بالمهدي المنتظر والغائب والقائم بزعمهم ، إلا أن هناك الكثير من الخلافات بين الشيعة على تعيين المهدي المنتظر لا داعي لذكرها هنا .
يفخر الإمامية ويعتقدون بأن لهم إمام وموتتهم ليست جاهلية كما هي موتة أهل السنة لعدم اعتقادهم بما يعتقدون من إمامة الأئمة بتعيين إلهي ، وهذا الاعتقاد يقول به الإمامية معتمدين على حديث (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) وينسبونه للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا يعرفون له إسناد ولا من أول من قال به !
مع أن الحديث في صحيح مسلم هو (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) وهذا يختلف كثيراً في المعنى وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه يبين موقف المسلمين في زمن الفتن ووجوب الطاعة لأولياء أمورهم، ولكن الإمامية حورت الحديث والمعنى وملأت به الكتب حتى صار دليل عندهم ويعنون بإمام الزمان هو الإمام الثاني عشر المهدي الغائب عندهم، مع أن لو فكروا فيه قليلاً لعلموا أنه يخالف المنطق لأن ملايين من الشيعة ماتوا ولم يعرفوا إمام زمانهم إلا بالسمع كقصة تعاد في المجالس فلم يبايعوه بيعة أصولية لأنهم يجهلون مكانه ولم يلتقوا به ولم يتصل بهم أو بمراجعهم ولم يضيف شيئاً لأمور دينهم ولا فصل في نزاعات فقهاءهم ولا أجاب تضرعاتهم بالظهور بمعنى أنه حبر على ورق كتب علماءهم لا أكثر ، وهذا هو المثير للشفقة من جهة أخرى أن هذا الحديث ينص على إمام مفرد والإمامية تنص على إثنا عشر إمام وبهذا سموا كفرقة وعندهم وجوب الاعتراف بالكل واتخاذهم أئمة لا يجوز إنكار إمامة أي واحد منهم .
لقد ادعت الإمامية أن الإمامة هذه ركن من أركان الدين وهي أفضل ما دعي به إلا أنهم لا يملكون نص قطعي ثابت من القرآن على إمامة علي ولا على أسماء آل البيت من بعده رضي الله عنهم أجمعين ولا نص من الحديث موثوق بصحته بل كل ما هناك هو ولاية علي رضي الله عنه أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض جند المسلمين العائدين من اليمن عندما خالفوا أوامرعلي رضي الله عنه، وهذا تخصيص لا يجوز أن يعمم وإلا لكان أمر به الحجيج جميعاً قبل أن يتفرقوا بعد إتمام المناسك ويعودوا إلى بلادهم لتكون حجة كافية ولكن عادة من لا يملك دليل أن يعتقد ثم يستدل من روايات هنا وهناك يربطها بالتأويل بالقرآن .
وهذي كتب علماءهم تقر أن فكرة الإمامية بالعدد المذكور لم تكن محددة نصا ًبل أنها روايات تواترت والتواتر لا يعني الوثوق من حيث السند في علم الحديث لديهم ، وهذه شهادة أحد علمائهم ( أبو القاسم الخوئي ) حيث قال :
(الروايات المتواترة الواصلة إلينا من طريق العامة والخاصة قد حددت الأئمة عليهم السلام بإثني عشر من ناحية العدد ولم تحددهم بأسمائهم عليهم السلام واحدا بعد واحد حتى لا يمكن فرض الشك في الإمام اللاحق بعد رحلة الإمام السابق ...) (صراط النجاة2/453 للخوئي وتعليقات التبريزي) .
ومن هنا يسقط الاحتجاج بأن الإمامية على هذا الترتيب منصوص عليها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم برواية المعراج المكذوبة وتسقط معها رفض فكرة الخلفاء الذين حكموا وكلهم من قريش وعددهم إثنا عشر معتمدين على الحديث الضعيف كباقي أصولهم وحيث أن أثنين فقط من الأئمة هم الذين حكموا علي والحسن رضي الله عنهما الذي تنازل عنها .
نظرة القرآن للإمامة وتعددها :
لا يمكن للمسلمين التخلي عن الدستور في التحكيم والرجوع إليه في المسائل العقائدية وخاصة تلك التي ينشأ عن رفضها تكفير المسلمين بل استحلال دمائهم ومالهم وأعراضهم ، وهذا الدستور هو القرآن الكريم الذي أنزله الله وفيه أصول الدين بمجمله أصول العقائد وأصول التشريع قال فيه تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يوسف 111
وقال تعالى ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )الأنعام 38 وغيرها الكثير من الآيات التي تبين ان القرآن هو المرجع للعقائد وأنه جاء تبيان وتفصيل لكل شيء بحمد الله ونعمة منه لعباده سبحانه .
لقد تجاهل علماء الشيعة جميع الآيات التي تنطق بتمام الهدي والدين ، وادعوا ردءاً لإحراجهم هذا أن الإمامة لم تنص لعلي بالأسم مخافة التحريف ولكنها ضمن إمامة إبراهيم في الآية الكريمة :
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124
وهذا هو التأويل الباطن الذي حذر منه علماء الأمة متقدميهم ومتأخريهم وافتراء وطعن في الصحابة الذين أوصلوا لنا الدين كاملاً رضي الله عنهم فقد قال ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين الجزء الرابع مبينًا خطورة التأويل: "فأصل خراب الدين والدنيا، إنما هو من التأويل الذي لم يرده الله ورسوله بكلامه، ولا دل عليه أنه مراده، وهل اختلفت الأمم على أنبيائهم إلا بالتأويل وهل وقعت في الأمة فتنة كبيرة أو صغيرة إلا بالتأويل، وهل أريقت دماء المسلمين في الفتن إلا بالتأويل، وليس هذا مختصًا بدين الإسلام فقط؛ بل سائر أديان الرسل لم تزل على الاستقامة والسداد حتى دخلها التأويل، فدخل عليها من الفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد".
نظرة القرآن الكريم لمعنى الإمام :
ذكر كلمة الإمام في القرآن الكريم بمعنى ( الكتاب) كما في الآيات المباركة التالية :
{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } هود17
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }يس12
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف12
{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }الإسراء71
واتفق إجماع المفسرين على أن الإمام هو كتاب أعمال العبد وقال أبن كثير في تفسيره هذا القول هو الأرجح؛ لقوله تعالى:
وَكُلَّ شىْءٍ أَحْصَيْنَـٰهُ فِىۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ
والآية {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الجاثية28
المفهوم منها أن القرآن الكريم هو كتاب الأمة فقد قال أبن كثير رحمه الله عن الآية الكريمة في تفسيره :
( وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته ؛ فإنه لا بد أن يكون شاهداً على أمته بأعمالها )
أتساءل كيف يستسيغ الإمامية إثني عشر إمام إن كان تفسيرهم للآية أنه الإمام المفترض الطاعة لأن الصورة ستكون يوم القيامة هو أن هناك أمة جاثية تدعى بأمة محمد وأخرى بأمة علي وأخرى بأمة الحسن وأخرى بأمة الحسين إلى آخرهم المهدي !!! وهذا هو التفسير الباطل والفاسد بعينه لأنه هو التفريق الذي يقصده أعداء الإسلام في الدنيا والآخرة وخاب ما يعملون .
تعدد الأولياء للفرد :
هل يجوز أن يكون للإنسان أكثر من ولي كمفهوم حاكمي كما أدعت الفرقة الإمامية بأن هناك إثنا عشر إمام ؟
ونعود لكتاب الله دستور الأمة ( القرآن الكريم )
{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }النحل76
وهنا ذكر الله المولى بصيغة المفرد لماذا ؟
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }الزمر29
إذن لو كان للرجل أكثر من مولى أو حاكم يطيعه للاقى ما لا يطيق فكيف وهم مختلفون فيما بينهم هل يستويان مع من له مولى واحد لا غير ؟ ما لكم لا تعقلون ؟
فعندما نسألهم من إمامكم ؟
يقولون (علي بن أبي طالب ) وآخرين يقولون ( المهدي الغائب )
ولا يذكرون الإئمة العشرة الباقين كإمام للفرد منهم فلم جعلوهم إثنا عشر إمام ولا يتخذوا منهم واحد ؟
ولو قارنا القول وطبقناه في الحقيقة فلا نجد لهما وجود حسي لوفاة علي رضي الله عنه وعدم وجود دلالة على وجود المهدي في الواقع فلا إمام للشيعة يطيعونه فيما يأمر ويفتيهم فيما يخص حياتهم ودينهم إنما هناك مراجع سرقت الطاعة من الأئمة وأفتتت بما لم يفتي الأئمة وغيرت سنن وأوجدت عقائد وطقوس ومنعت على من يقلدوهم أن يراجعوهم في أي شيء بدعوى أن الراد عليهم كالراد على الأئمة وكالراد على الله ! كيف قبلها الشيعة لا أدري !
بل من يموت من المراجع على مقلديه أن يتركوا كل فتاويه ونهجه ويبحثوا عن مرجع آخر! ولا أدري لم البحث ولديهم إثنا عشر إمام لمَ لم يختاروا منهم واحد وهم معصومون بزعمهم وبيدهم تصريف الكون ولهم حساب الخلق وهم معهم أينما حلوا ويحضرون مجالسهم؟
كما تفاجأنا مؤخراً بأفلام صورت فاطمة الزهراء وعلي رضي الله عنه يحضرون في الحسينيات يمثلها أفراد لم يروا أي هيبة ولم يفزعوا بمجرد قبولهم التمثيل في هيئة الإمام المعصوم وكل هذا لترسيخ هذه الافتراء والغلو في عقول العوام في جنون محموم وتسابق على نشر التشيع بدعوى محبة آل البيت وهي تخدم تغييب العقل وتنويم العوام لصالح المراجع لتأمين ديمومة الخمس والمتعة شرياني الدين الإمامي .
هذا ولا يخفى أن الشيعة لا تبحث في اختلافات بين نهج الأئمة ونهج المراجع وفتاويهم التي تختلف فيما بينها كفرق فكل مرجع يفتي بخلاف غيره حتى كثرت الخلافات بينهم في كل الأصول والفروع بشهادة علماهم ومعترف بهذا في كتاب (وسائل الشيعة) للحر العاملي كأحد الشهادات من أهلها، بل الأدهى لا يوجد كتاب للإمامية واحد معروف يرجعون إليه في التحكيم عند الخلاف ولا حتى كمذهب جعفري حيث لا كتاب لجعفر الصادق في الفقه أو الحديث يكون مصدراً يستند إليه كما هو معروف في المذاهب الأربعة كتبها هو أو أملاها لأحد تلامذته ،
وهذه الحقيقة صدع بها الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي في كتابه ( أسطورة المذهب الجعفري ) ولم نجد لعلماء الإمامية نقض لهذه الفضيحة .
إن أوضح مسألة تبين اختلافات فقهاءهم ومراجعهم واجتهادهم هي في تعيين أول أيام شهر رمضان فكثيراً ما يختلف المراجع فيما بينهم بل لا يفتي أحدهم إلا بعد أن تعلن الحوزة في قم رؤية الهلال مخالفين قول الله في القرآن فأين إمام العصر من كل هذا ؟.
فإلى متى يبقى الشيعة الإمامية على ادعاءهم بأن لهم إمام وليس لأهل السنة من نصيب ؟
إن إمامنا نحن أهل السنة هو كتاب الله تعالى القرآن الكريم في الحياة الدنيا
وقائدنا وقدوتنا هوالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)
ومولانا هو الله سبحانه نعبده لا نشرك به وبه نستعين .
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله رب العالمين .
بقلم / آملة البغدادية
آب/ 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق