في بداية تجميع الأفكار لكتابة المقالة بحثت عن عنوان مختصر فلم أجد غير هذه الحقيقة ، فما نسعى إليه هو لفت الأنظار قدر المستطاع بشكل يجسد خطورة الوضع القائم في المحافظات السنية، فالواقع الذي نعيشه اليوم لا يقبل الخطاب اللين أزاء الخطر الكبير الذي يتعرض له الوجود السني في العراق ، فعندما نعترض على بيانات وخطوات صادرة من قبل علماء دين أو رؤساء عشائر في داخل وخارج ساحات الاعتصام ، فهو من منطق الشعور بالمسئولية والتوعية لما غاب عن الأذهان أو قصر في فهم حقيقة الحل السلمي الذي يتمثل في الأقاليم كحل فوري يمنح أهل السنة ما حُرموا منه منذ عشر سنوات ، وهو القوة المسلحة والتصدي للمخاطر الداخلية والأقليمية التي تنذر بمعركة وشيكة تحضر لها إيران وأذرعها في العراق ولبنان .
وكانت مجزرة الحويجة
لو عددنا أخطاء وسلبيات وعوامل مجزرة الحويجة وتداعياتها، لوجدنا أن من أول العوامل غياب (المرجعية الدينية السياسية) رغم ما تم الإعلان بقرب تشكيلها منذ أشهر عدة ، ورغم ما جرى من تجمع لعلماء الدين في ساحة العزة والكرامة ، ورغم الوضوح في الوعي عند البعض ممن له ثقل مؤثر ، إلا أنه أنتهى بلا تشكيل للمرجعية إنما بوقف البث المباشر قبل إعلان بنود المؤتمر .
لقد فات على التجمع السني كسر الحصار على ساحة الحويجة سريعاً ، وفات على التجمع العشائري والسياسي إعلان العصيان المدني إلى إشعار آخر ، وفات على التجمع السني وضع خطوة إعلان الأقاليم كرد موحد في حالة عدم الموافقة على قانون العفو العام، ووقف العمل بقانون المسائلة والعدالة المؤقت خاصة وأنه مباح لكردستان بلا ريبة واتهام بعمالة وتقسيم للعراق ، وفات على قادة الاعتصام أن يوجهوا الخطاب والضغط إلى السجون الموجودة في محافظاتهم والتحرك الفعلي السريع من قبل نقابات المحامين والصحفيين وغيرها بجمع أسماء المعتقلين والمفقودين والمعتقلات منذ عشر سنوات، فلا احصائية حقيقة أو موقع الكتروني خاص ، ولهذا فالمطالبة بإعلان مصيرهم من على منابر الساحات جاء بعموم كخطاب أو بيان انتهى بعد قراءته ، وتم تغليفه ضمن البنود التي تم حرقها للأسف .
أن تزايد الاعتراضات والاتهامات بالعمالة والمماطلات المحافظات السنية في توافقها على إعلان الأقليم، قد أوقفت سياقات متوالية كان من شأنها أن تمتلك زمام القرار وتطبيقه كرد فعل أزاء ممانعة التنفيذ من قبل الحكومة أو المماطلة والتسويف ، وكان من الأمور الهامة المتحصلة هو تكوين قوة مسلحة تحمي المحافظات وساحاتها المباركة ، وكان من المؤكد أن لا يتم التحشد الصفوي حولها بل وتجنب الاحتكاك تماماً كما جرى بين قوات دجلة والبيشمركة الكردية . إن هذا القصور في الرؤى وتخلف القادة عن وعي الجماهير كان لها ناتج متوقع من استهداف المعتصمين في ساحة الغيرة والشرف في قضاء الحويجة حيث راح ضحيته أكثر من 400 بين شهيد وجريح بعد أيام من الحصار ومنع الماء والطعام بشكل طائفي صفوي واضح ، بل منعت إعلانه بعد المجزرة كرد مناسب إن لم يكن التقسيم من الخيارات التي توصل لها أهل السنة كحل جذري للحاضر والمستقبل .
كانت كل المعطيات تؤشر بوضوح على خيار المواجهة المسلحة التي باتت جديدة بتشكيل جيش العزة في ساحة العزة والكرامة في الرمادي، وقد توافق هذا النهج في باقي الساحات، ولكن ما جرى من تبعات هذا الخيار المسلح كقوة خارجة عن القانون غير دستورية هو التحرك القوي من قبل الحكومة الصفوية بكل ثقلها القانوني وغير القانوني ، فكان التحشد العسكري غير المسبوق حول الساحات المعتصمة بمعدات ثقيلة، وقوات إيرانية ضمن ما تسمى (سوات) متحدية المجتمع العربي والعالمي من منطلق القوة التي استمدتها من دعم أمريكا وإيران أثر الغزو الغاشم منذ عشر سنوات مريرة ، ومن منطلق الضعف السني وضعف قياداته بعكس حقيقته .
والسؤال : لماذا هذه الإجراءات العسكرية بعد الاستعراض غير المسلح لمجموعة من المعتصمين ؟
الجواب : يـُمنع على أهل السنة العرب أن تكون له قوة مسلحة وحصرها بيد الشيعة في حالة تشكيل الأقليم كما للأكراد ،
وهذه مقارنة بسيطة تبين الطائفية والدكتاتورية في ظل الحكم الشيعي أزاء المكون المعين ( السني ) .
1ــ حل الجيش العراقي السابق وتبديله بآخر جلَه من الشيعة خارج معايير القيول المتعارف عليها .
2 ــ تشكيل المليشيات التابعة للأحزاب الشيعية وبقيادة مرجعية دينية إيرانية مع رفدها بقوات إيرانية تشمل القيادات العليا .
3ــ ضم المليشيات إلى القوات المسلحة وفق الدستور .
4 ــ حرية الحركة والاستعراض لمليشيات البطاط والعصائب في بغداد لإخلاءها من أهل السنة .
5 ــ نقل المليشيات والمتطوعين والمعدات العسكرية إلى سوريا لمنع سقوط نظام الأسد بأوامر وتعاون إيراني .
6 ــ السيطرة على المنافذ الحدودية بقوات شيعية وإخلاء السكان وفق المصلحة الصفوية .
بالمقابل مكاسب أهل السنة !
1 ــ اغتيال منتسبي الجيش السابق والمنتسبين السنة في القوات المسلحة بكواتم وعبوات.
2 ــ منع المتطوعين السنة من الانضمام إلى القوات المسلحة والحصول على بياناتهم لغرض التصفية.
3 ـــ منع عودة المتقاعدين للجيش والشرطة وحرمان المنحلين من الكيانات السنية من أي حقوق مادية .
4 ــ منع ضم الصحوات للقوات المسلحة وحرمانهم من الأجور المتفق عليها .
5ـــ منع تشكيل جيش العزة في ساحات الاعتصام وتفتيش الساحات وخلوها من الأسلحة ومنع استعراضهم في بغداد
6ــ وقف العمل بقانون التجنيد العسكري لمنع أهل السنة من الخبرات والتواجد في الفرق العسكرية .
لقد شهدت المنطقة تداعيات التدخل الإيراني والعراقي في المنطقة، حيث نُشر الخبر الذي مفاده فتح باب التطوع أمام الآلاف في المحافظات الجنوبية لدعم الأسد في سوريا، وهو إجراء عملي سريع من قبل القيادة الشيعية وتنظيمها المدروس لتحقيق أهدافها التوسعية ، فقد خرج على الملأ المجرم (واثق البطاط) يعلن عن مليشيا جديدة بأسم (جيش المختار) وهدفها مقاتلة (البعثيين) كما ادعى ، والحقيقة أنها مليشيا احترازية لحماية التواجد الشيعي في سوريا، إضافة لإمكانية تنفيذ عمليات داخل المحافظات السنية لمنع التواصل المحتمل للتصدي السني العراقي السوري بعد الانتفاضة غير المتوقعة ، لا سيما في الأنبار ونينوى المتاخمة للحدود السورية. وما يجري في الفترة الأخيرة في العاصمة بغداد هو الخطوة الأخيرة لإخلاءها من أهل السنة، أو تهجير العدد الأكبر منهم بالتهديدات المتزايدة من المليشيات ، ولا يخفى أن موجة التفجيرات الأخيرة ما هي إلا تصعيد من قبل القوات المسلحة لتنشر الرعب والشحن الطائفي في المناطق الشيعية حيث تتركز أغلب التفجيرات لتبدأ مرحلة الحرب الأهلية من جديد ، وهذا كله قبل أن تعلن قوانين ولاية الفقيه بأحد الخيارين لمن يريد العيش في بغداد ، فأما التشيع أو القتل ، ولا يقتصر هذا على العاصمة بل هو مخطط مشابه لما يجري في إيران ومحنة الأحواز المعروفة المنسية . فأين أولي الأبصار ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق