الثلاثاء، 2 أبريل 2013

فتوى المناكحة وثورات الربيع السني





ثورة على ماذا ؟ :
طالعتنا المواقع بما يشيب له الولدان وينفطر له القلب على حال الإسلام اليوم حيث ما يسمى بثورات الربيع العربي ، وما قيل في حادثة هروب فتيات إلى سوريا أثر فتوى مزعومة من رجل دين سلفي ، حيث تناقلت الأوساط الغربية عن طريق مراسليها كالمدعوة جانيت نمور- إذاعة هولندا العالمية- حيث كتبت نقلاً من موقع الكتروني : "ارتفعت الاصوات على مواقع التواصل الاجتماعي متسائلة عن مصير كل من امينة وهي اول تونسية تحتج عارية، وأضافت صورا عارية لها على الانترنت في إطار نشاطها مع منظمة (فيمن النسوية) خاصة بعد الاخبار عن اختفاء امينة وانقطاع اخبارها منذ يوم الجمعة الماضي . تصرف امينة هذا وما قامت به ناشطات اخريات من الظهور عاريات ايضا لإعلان الدعم لها اعتبره البعض 'قمة الانحطاط الاخلاقي' وانه مستهجن في بلد مسلم، ولا علاقة للحرية به.وخلق جوا من الغضب في اوساط تونسية لان هذا التصرف يحث الاخريات على الفسق والفجور .وهذا مع ما تردد من اخبار ان 20 تونسية ذهبن الى سوريا تلبية لفتوى جهاد المناكحة.". سرعان ما تناهى للذاكرة تشابه ثورة فرنسا على حكم لويس السادس عشر وزوجته ماري انطوانيت التي تقلبت في الملذات والبذخ المفرط تاركة الشعب يتلوى من الجوع ولا كسرة خبز على موائده في الصباح ، مما أدى إلى خروج ثورة عارمة قادتها (مومسات) يطالبن بإسقاط الحكم . هل هي ثورة على الظلم أم ثورة على الإسلام ؟ هل هي صدفة أم هناك جهات دولية منظمة تعمل بحرفية على ضرب الإسلام في خلق فوضى وتمرد لا كابح له ولا ضابط أمام حكام اشتهروا بالجور المزمن وضياع فلسطين ؟.
الجهاد والإعلام :

في مقالة منشورة في موقع(محيط) بعنوان (تجنيد التوانسة بالجيش السوري الحر بين "الجهادية" و"المناكحة")   للكاتبة (إلهام محمد علي) التونسية بينت اهتمام الحكومة بقضية الجهاد في سوريا وتبعاته وفيه جاء النص التالي بتصرف : كشف مصدر تونسي مسئول أن شبكة مختصة في تجنيد الشباب "للجهاد في سوريا" تعمل عن طريق وسطاء تونسيين على تجنيد شباب جزائريين  في ولايتي تبسة وسوق أهراس، مقابل 3 آلاف دولار من أجل السفر إلى سوريا لدعم الجيش السوري الحرّ ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وأشارت صحيفة "النهار" الجزائرية حسب تصريح المصدر ذاته إلى أن التحقيقات الأولية التي تجريها مصالح الأمن أفادت بتورّط قطر في تجنيد شباب تونسيين من أجل الجهاد في سوريا وبتفويض وإفتاء من الشيخ يوسف القرضاوي، مضيفا أن الشبكة ذاتها جندت شبابا تونسيين بعد تأكد تورط الشيخ القرضاوي وقطر بدفع 3 آلاف دولار كتحفيز لـ"الجهاد ضد نظام بشار الأسد". وأضافت ، أن في يوم 27 فبراير 2012 حذرت وزارة شئون المرأة والأسرة في بيان من "ظهور شبكات متخصصة تستهدف الشباب والأطفال من الجنسين لتجنيدهم عبر ممارسة التجييش الفكري والعقائدي" مما أدى إلى "تسجيل العديد حالات اختفاء الأطفال المراهقين"، ودعت الوزارة التونسيين إلى "تكثيف الإحاطة بأبنائهم وتوعيتهم بخطورة الانجراف وراء هذه الدعوات التي تستغل عوامل انعدام الفكر النقدي ونقص الثقافة الدينيّة لديهم من أجل زرع أفكار التعصّب والكراهيّة وإرسالهم إلى بلدان تعيش صراعات داخليّة بدعوى الجهاد" وعن المناكحة قالت : وعلى جانب أخر أبلغت عائلات تونسية عن اختفاء بناتهن المراهقات وسط ترجيحات بسفرهن إلى سوريا من أجل "جهاد المناكحة". فقد أصدر رجال دين يدعمون الجماعات الإسلامية المقاتلة في سوريا حسب "الوطن نيوز" فتوى تبيح ما سمى "بجهاد المناكحة في سوريا".أنتهى

من الخطورة أن يُترك الشباب بلا رقابة من الأهل حيث عصر التقنيات والتواصل الاجتماعي الذي يعج بآلاف المواقع المفتوحة بلا أبواب عازلة ولا شروط مانعة للداخلين إليها ، فما اشبهها بسوق شعبية في ساحة كبيرة يعرض فيها كل أنواع البضائع فيها المبهرج التافه والرخيص الضار، وفي حقيقة الأمر أن من أولويات النضوج هو امتلاك الحرية في الاختيار لكن من مستلزماته أن يفهم الطرفان احترام الضوابط التي تهذب هذه الحرية وتوجهها في الطريق الصحيح ، ففي عصرنا هذا لا يُستساغ اختيار الآباء للمواقع التي يرتادها الشباب إنما يُفترض أن تكون هناك مراقبة وتوجيه ونصح لنوعية المواقع ، والأهم من هذا كله ضرورة الحوار فيما يجري على الساحة العربية من تحديات وأحداث متسارعة ترتبط الواحدة بالخرى فلا مجال لهامشية الجيل الجديد عن السياسة ولا عن الدين الضابط لها ، وعليه ومن باب الإنصاف لا يجب أن نحمل الغير انزلاق الشباب في أنفاق مجهولة يعلم أولها ولا يعلم آخرها أو ما فيها من منحيات طرق ومهاوي ، فلا الشيوخ تتحمل كامل المسئولية ولا المجاهدون الذين يناشدون النصرة بعد تخاذل الحكام ، بل هي مسئولية مشتركة لعدم تبيين الضوابط والمخاطر أزاء ما يعانيه الشعب العربي مما لم يعد خافياً منذ عقدين من الزمان على أقل تقدير .

فتوى المناكحة !
من بركات الحضارة التقنية والإعلام هذا السلاح الفتاك ذي الأبواب المعدومة أن اعلنت قناة (الجديد) الفضائية فتوى منسوبة للشيخ (محمد العريفي) يدعو لزواج المناكحة لدعم المجاهدين في سوريا وتناقلها المئات من الشباب عبر الأنترنيت بلا تحقيق بواسطة الفيسبوك والرسائل الخاصة بينهم، كما أكدت الكثير من المواقع الإخبارية التي نشرت خبر الفتيات الهاربات إلى سوريا خاصة من تونس . الكثير للأسف لا يعلم أن الشيخ العريفي حفظه الله قد صرح على الهواء براءته من هذه الفتوى وأنها مزورة منذ فترة طويلة ، وأوضح سماحته حال علمه أن هناك صفحات في تويتر بأسمه غير مسئول عنها قد نشرت عنه تغريدة بشكل فتوى بأكثر من 140 حرف ، علماً أن تويتر لا يسمح بهذا العدد ، وتصريحه موثق في اليوتيوب * . السؤال هنا : لماذا الشيخ العريفي ؟ الجواب ليس صعباً، فالشيخ عُرف عنه أنه من الدعاة ومن رجال الدين الذين يتصدون لعقائد التشيع الباطلة بشجاعة افتقر إليها الكثير ، وقد كانت له وقفة ضد فتاوى المرجع السيستاني مما أثار حفيظة الشيعة ، وهذه القناة (الجديد) هي قناة شيعية رافضية تدعم النظام النصيري في سوريا ، أرادت أن تضرب عصفورين بحجر كما يقال ، فمن جهة ألحقت الأذى بالشباب السني وخاصة الفتيات وساعدت على تأليب الشارع على المجاهدين ، ومن جهة أخرى ألحقت الضرر بالشيخ العريفي حيث رميت كل التهم على فتواه هذه المزعومة ، فإن عُرف السبب بطل العجب ، لكن من الجدير بالذكر أن من تناقل خبر جهاد المناكهة هذا الذي نسب كمصدر عن جريدة (الوطن نيوز ) ــ مع عدم عثوري على النص المزعوم ــ فئة ذات دوافع خاصة كونها مواقع سياسية مناهضة للتوجه السلفي فغالبيتهم شيعة ، ومنهم علمانيون لهم مقالات تطعن بالإسلاميين من السودان الشقيق، حيث هو أقدم ما توصلت في بحثي . بهذا الضجيج المفتعل المفسد بقيت تبعات الفتوى تسري كما خطط لها المخالفون المحاربون للشعوب الموحدة بهدف نصرة المجاهدين كفرض تملص منه حكام العرب وعجزوا عن الإسهام في تنحي الأسد ونظامه المجرم .

مخيم الزعتري واجتماع الأردن :
 إن ما جرى من مناوشات في اجتماع الأردن على أثر القمة المضطربة كالعادة، وما جرى من إلقاء اللوم على الدور القطري وفتوى القرضاوى والدعم المالي للمجاهدين، كان في حقيقة الأمر الجذوة التي انطلقت بعدها حوارات حول التواجد الفلسطيني في الأردن بشكل مقارنة لما يُخشى منه أن يتحول الوجود السوري مشابه له في المستقبل ، وهذا ما يشكل أزمة كبرى للشعب السوري وللبلدان التي تستضيفهم من حيث القدرات المالية وتبعاتها السياسية والاجتماعية ، ولولا هذا التشرذم العربي وهشاشة جامعته لما تعرض المجتمع المسلم لواقع الغثاء وصورة الحَمل الدسم الضعيف ، حيث أثير في الاجتماع قضية مخيم (الزعتري) وحقيقة الزخم المتزايد مع تفاقم الأمراض المزمنة والحديثة بسبب تردي الظروف المعيشية وعجز السلطات عن السيطرة عليه وسط اقتراحات بنقله إلى داخل سوريا أو غلق المنافذ غير الشرعية فيه ، وهنا كان تصريح النائبة (ميسر سردية) ــ منقول من موقع زاد الأردن الإخباري ــ عن وجود السلاح و(زواج المتعة) ودُور الدعارة فيه ومن المسئول عنه من قبل السوريون ، وبعنوان استقطب انتباه الإعلام : "النواب" يطالبون الحكومة بوقف الدعارة في "الزعتري" وإقامة منطقة عازلة تحت اشراف "الامم المتحدة"
إن هذه العبارة لا أجد لها علاقة بفتوى (نكاح المجاهدة) حيث أن الاعتراض على وجود ممارسات لا اخلاقية في المخيم في داخل الأردن ولا علاقة للمجاهدين فيه، إنما فيها ــ وعلى ذمة المصدر ــ مفهوم وتشابه لعقيدة الشيعة حول نكاح المتعة المتبع عندهم والبيوت التي تُنظم لهذا ( بيوت العفة! ) كجزء من موروثات بنيت على روايات مزعومة لأئمة آل البيت، والمفترض أن تتوضح هذه الاشكالية في الإعلام حتى لا يتحمل أخواننا في المخيم ما هم في غنى عنه، إضافة للكارثة الإنسانية التي يتعرضون إليها من ضنك العيش في وسط غبار الصيف وبرد الشتاء .

أما ما نُشر عن تضليل فتيات من المخيمات وتهريبهن فأمر آخر لا يرتبط بفتوى جهادية، سوى أنه تحصيل حاصل للفساد المصاحب للحروب ، وهو مثبت تاريخياً على مر العصور في استغلال تجار الحروب لانعدام الأمن وتوافق المصالح سواء كانوا تجار سلاح أو بشر أو مبيضي أموال ــ وهذا ما حدث في العراق وتم التكتم عنه وسط تغافل العرب الكامل لتداعيات غزو العراق على المنطقة ــ فقد ذكرت صحيفة (الشروق) الجزائرية أن الكثيرات منهن تم استقدامهن من مخيمات اللاجئين السوريين بتركيا والأردن ولبنان، وبالتنسيق مع أفراد عصابة دولية ليتم تهريبهن إلى دول الخليج للعمل في مجال الدعارة، وقالت الصحيفة أن بدء التحرك الأمني والتحقيق في هذه القضية جاء إثر شكوى عائلة سورية مقيمة بعنابة، منذ ما يقارب الستة أشهر، تفيد بتعرض ابنتها القاصر إلى محاولة إبعاد نحو الخارج، من قبل عصابة أوهمتها بتوفير فرصة عمل على مستوى أحد الفنادق المعروفة في الولاية، قبل أن يعرض عليها التوجه نحو لبنان قصد الخضوع لعملية تجميل . هل هو من باب الصدفة أن تكون لبنان العامل المشترك في كل فضيحة كبيرة ؟ وهل يمكن أن نهمل التعاون الإيراني وحزب الله واجنداتهم الشعوبية التوسعية ؟! .

لا شك أن الغرب المعادي والشرق المنتفض بعد سبات مدروس قد وجد الطريق للنفوذ إلى ثغور الإسلام استعصت أمام الغزو العسكري، فكان الغزو الفكري هو الطريق الناجح لصدع أقوى مفاصله ، ألا وهو الجهاد. هي حبكة داهية لأيادي خفية اُستغل فيها الغضب الشعبي وعدم سوقه المنظم في جره إلى ما فيه مصلحة الغرب بدءاً من تسلط المندسين وتغليب الأخوان المسلمين إلى فرض الحلول الإيرانية وتسويف الوساطة العلمانية ، وأخيراً شق صف المجاهدين . من المخجل تغافل الشعوب عن أهداف أعداء الإسلام وهرمهم (اليهود) في السيطرة على العالم حيث محور كل القضايا هو الشرق الأوسط ، فليس عبثاً ولا هو من باب الصدفة حين تم خلط الثورات المرفوضة في الشرع الإسلامي في انطلاقتها المشؤومة في تونس من حرق ثم تعرٍ يحرمه الله تعالى، مع حادثة تجنيد فتيات قاصرات إلى سوريا من دول المغرب العربي، فهو متطابقاً مع ما ورد عن التاريخ الإسلامي من ترخيص (نكاح المتعة) لغزوتين كرخصة وقتية ، رغم أنها قد تم تحريمها بسند صحيح عليه إجماع العلماء . بيد إن الثورات المفروضة شرعاً في العراق وسوريا أزاء حكم لا أسلامي إنما تشيع بدعي تكفيري دموي . هذه التجمعات الثائرة تلاقي الصد الكبير من الهيئات المتنفذة في الخفاء والإسناد الإنساني في العلن وتعوق تغيير الحكم بينما تيسر لغيرها تبديله ، وهذا من حيث العقيدة لا جور الحاكم وحاشيته ، فأين أولي الألباب ؟!

إن الأيام ستأتي بالمزيد إن لم يعي الحكام والشعوب بعلماءها ومثقفيها من أعلمهم إلى أقلهم تعليماً ضرورة الوعي بأن العدو لا ينام ولا يهدأ له بال إلا بإراقة المزيد من دماء المسلمين . ليعي الحكام بالدرجة الأولى سواء طالته الثورات أم قابع في صف الانتظار ، وكل مسئول تواجد في الاجتماعات منذ عامين وخرج بلا حل موحد جذري لما تعرض له العراق وسوريا له من الذنب حصة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق