فضيحة صحيفة الحياة/ أربع فصائل جهادية سنية تكذب خبر انخراطها في الحرس الوطني
خاص/ مشروع عراق الفاروق
بقلم /آملة البغدادية
يعتبر الإعلام عند الدول التي تدعي تبني الديمقراطية بأنه القوة الرابعة من حيث استقلاليته ونقله للحدث بشكل مهني وبمصداقية عن مصادر موثوقة بأقلام تمتهن التحليل السياسي ، وأما عند الدول التي تمتلك أيديولوجية استعمارية عقائدية فيمثل الإعلام القوة الثانية بعد المال ، ومن هنا يمكن التأثير على الشعب بزرع الاضطراب في الصفوف ، وبما يخلق حالة العجز الذهني عند العوام غير الواعين لحقيقة الصراع في العالم ، وكل ما يأتي من محصلة تشتت يعين على القرار السياسي أن يستغل الخبر بشكل مضاعف عندما يرتب الشارع لما فيه مصلحة اللوبي المتنفذ .
لا اخطر من الإعلام في عصرنا اليوم، وقد تنامت القوى الجهادية والفكرية والعمالة والصليبية في اصطدامات مباشرة يحير فيها المواطن العربي خاصة، حيث يضيع في متاهات الأنباء وتضادها مرة ، وأخرى حين ينصطدم بتغيير مواقف الثقاة إلى 180 درجة ، والمهزلة وشر البلية أن يتضخم دور الإعلام ليصبح رؤوسه أصحاب القرار بشكل غير مباشر عندما يُجند الكثير من المحللين السياسيين في بلورة صورة ممسوخة عن الحقائق يعتمد عليها الحاكم ، والفاعل هو ذاته صاحب المال وراء الستار ، ويا لها من مكاسب . لن أتطرق إلى الصحف الأجنبية التي يديرها اللوبي اليهودي في الغرب مع كثرة التحليلات الهزيلة بشأن ما يجري في المنطقة العربية خاصة العراق ، وإنما الحديث هنا عن صحف (عربية) تُدار بنفس النهج الخبيث حينما تلقف الخبر وتحوره في إطار مدروس مسيس ، وسواء كان المصدر تابع ذليل أو حريص مستقل .
انتشرت في المواقع الأخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن اشتراك فصائل الجيش الإسلامي وجيش المجاهدين وجيش رجال الطريقة النقشبندية و كتائب ثورة العشرين في مشروع تشكيل الحرس الوطني بإدارة أمريكية وإيرانية في المحافظات السنية مما أربك المكون السني المعني، إضافة لهذه الفصائل التي تعي حجم العداء بلا شك .
فقد نقلت صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 2/12/2014 الخبر المفبرك حول اشتراك الفصائل المعينة في مباحثات مع واشنطن تفضي لاشتراكها في تشكيل وتدريب وإشراف مباشر من قادتها في مشروع (الحرس الوطني) الجديد المزمع تشكيله إعلامياً دون أن يصدر أي قرار فعلي وتنفيذ حكومي أو أمريكي لتفعيل القرار ، والخبر فضيحة تلحق بالصحيفة بكل المقاييس ، فإن هذه التوليفة الغريبة من الأخبار التي تطعن في الفصائل الجهادية المعلومة مبادئها الثابتة ، ومعلوم عداءها وإثخانها في المحتل الأمريكي وتحالفه حتى انسحابه العسكري ذليلاً عام 2011 لها دواعيها لا تخفى على الفصائل خاصةً ، فضلاً عن جمهورها الواسع المقدر بالملايين . لذا سارعت الفصائل أعلاه إلى نشر بيانات تنفي فيها ما تناقلته وسائل الاعلام حول مشاركتهم باجتماعات واشنطن التي شارك بها بعض شيوخ الأنبار من الطرفين النقيضين، ولهذه الأنباء تسلسل إعلامي شابهُ الكثير من الزيف والمراوغة في نقل الخبر، وعن عمد وقصد لا يخرج عن أهداف التحالف الآثم وأيادي إيران ومصالحها الاستعمارية ضد أهل السنة .
فمنذ أن رفض مراجع أهل السنة وهياتهم الإعلامية ــ طوال عام على الاعتصامات ــ تبني مشروع الأقاليم المثبت دستورياً بحجة عدم الاشتراك في الحكومة غير الشرعية دون إعلان الحل العسكري لقلع الاحتلالين وحكوماته بات الانشقاق وضعاً لا مفر منه ، وبات يقيناً على قادة الحراك ومن وعى ضرورة أن يحكم السنة أنفسهم بأنفسهم بأقل الخسائر أن يتجهوا لتدويل القضية والمطالبة بالأقليم الذي يحوي كل المطالب والحقوق المغتصبة بشكل قانوني ، ومع أهمية الكفاح المسلح الذي لا يخفى كضرورة في الدفاع وتحرير الأرض المراد لمساجدها الخراب ، وهؤلاء هم أطراف الحوار الذي تم تشويهه من قبل الإعلام المسيس إلى درجة التكتم عنه وتحويره بشكل مفضوح .
لا يسع المقام هنا على شرح مراحل استغلال الشيعة لتفرق السنة وعجز ساستها وخلوهم من أي مشروع إنقاذ بعد ملاحقة فصائل المقاومة عامل القوة ، وإنما بات الوقوف على الوضع الخطير لأهل السنة من تدمير مجتمعاتهم ومناطقهم وملاحقتهم بحجة مكافحة الإرهاب ثم داعش أمراً يستدعي الإجماع على قرار يهيأ الاستقرار للتحرك في عمليات البناء والتمكين .
وما زاد الطين بلة ، تم الإعلان عن تحالف عربي إيراني أمريكي لشن الهجمات العسكرية على ما يسمى (داعش) بعد توسع تقدمها في نينوى وصلاح الدين حتى حزام بغداد ، وآخرها قرب إفلات الأنبار من النفوذ الحكومي ، ومن هنا سارعت الصحف ــ نقلاً عن شخصيات سنية عشائرية ــ بنشر أخبار اجتماعات بعض شيوخ الأنبار مع الإدارة الأمريكية في واشنطن، فقد تم نشر خبر بعنوان ( واشنطن تتعهد لمسؤولين من الأنبار بالمساعدة العسكرية لمواجهة «داعش»بتاريخ ١٧ أغسطس/ آب ٢٠١٤، ومفاده ( ابلغت مصادر سياسية سنّية «الحياة» أمس أن تنحي المالكي عن الحكم ساهم في تحقيق تطورات كبيرة في ما يخص المحافظات السنّية، أبرزها مساعي الفصائل السنّية لاتخاذ موقف من «داعش»، واستعداد أميركي لمساعدة جميع المحافظات السنّية سياًسياً وأمنياً. وأشارت المصادر إلى أن اجتماعاً مهماً عقد قبل يومين بين مسؤولين سنّة عن محافظة الأنبار ومسؤولين أميركيين عسكريين رفيعي المستوى في محافظة أربيل، خلص إلى الطلب من واشنطن مساعدة الأنبار في مواجهة تنظيم «داعش»).أهــ
عند تتبع الخبر تبين أن إعلان (كتائب الموصل) من قبل محافظ نينوى أثيل النجيفي وبدعم أمريكي جاء بعد هروب القادة الأمنيين، مما جعل عناوين الفصائل تنضوي تحت هذا الفصل الجديد لا العكس ، بينما وثق الخبر أن هذه الكتائب المستحدثة خاطبت الفصائل الجهادية عبر بيان بضرورة العمل السياسي ، وعند تتبع الأنباء حول مواجهات داعش مع كتائب الراشدين في قضاء الكرمة التابع لمحافظة الأنبار كانت الشرارة لهذا الخلط المدروس .
من جهة أخرى تحرك بعض شيوخ الأنبار لتداول المأساة الحاصلة في أعداد الضحايا من المدنيين وتوقف الحياة مع تهديم البنى التحتية، حيث أعلن المدعو (هادي الجنابي) رئيس عشيرة من جنوب بغداد والمقرب من الفصائل الجهاديةــ بحسب الخبر ــ أن هناك اتصالات مع تنظيم الدولة بضرورة سحب عناصره الأجانب من العراق ، وزاد الخبر عنه :( أن «الفصائل المسلحة اعطت رسالة واضحة إلى الأحزاب الشيعية قبل يومين تضمنت الاستعداد الكامل لعقد حوار مشترك لحل المشكلات الأمنية في المدن السنّية واشترطت وقف القصف الجوي على المدن المأهولة بالسكان مثل الفلوجة وسحب الميليشيات من أماكن النزاع لأنها تستفز مشاعر الأهالي».) أهــ .
أما في خبر الصحيفة بتاريخ 2/12 بعنوان ( واشنطن تقنع فصائل سنية بفكرة «الحرس الوطني» ) بعد ثلاثة أشهر، وفيه : (أكد كامل المحمدي، أحد شيوخ عشائر الأنبار، أن «الوفد الذي يزور الولايات المتحدة، ممثلاً المدن السنية، ويضم زعماء عشائر وممثلي فصائل مسلحة ومسؤولين حكوميين، ما زال يبحث في الولايات المتحدة طرق مواجهة داعش». وأضاف أن «عدداً من الفصائل المسلحة البارزة (لم يسمها) وافقت على فكرة تشكيل الحرس الوطني، والانضمام إليه شرط أن يشرف على المتطوعين رؤساء هذه الفصائل وزعماء عشائر، لتلافي تطوع من لا يحظى بدعم محلي»).أهــ .
الغريب أن الصحيفة ذكرت أنه المحمدي لم يسم ِ هذه الفصائل بينما ألحق الخبر بأسماء الفصائل بدون أي مصدر مما يدل على أنه عائد لمحرر الصحيفة وإدارتها ، ومما يعزز هذا صدور بيانات عن الفصائل من مواقعها الموثوقة مباشرة ًتنفي هذه الأباطيل ، فهذه فضيحة للصحيفة وكشف لأذرع التحالف ضد أهل السنة ، والله المستعان .
أن من المعلوم ممانعة إيران وحكومتها في العراق كل أشكال تقوية وتمكين أهل السنة ، والتي يهيمن على الحكم في العراق الشيعة باحزابها ومليشياتها على القرار ، ومن الواضح أن كل قرارات الحكومة وتعديلاتها على القوانين تصب في الهدف الموحد ، وهو تشييع العراق وتحييد أهل السنة حد الإبادة الجماعية مما يتعارض مع تشكيل جيش (سني) يفرض القوة على الأرض . من هنا يتبين رفض نوري المالكي رئيس الوزراء السابق على إصدار قرار بتفعيل الشراكة الحقيقة فضلاً عن تنفيذها ، وإنما سعى إلى تنفيذ الخطة الخماسية للخميني بحذافيرها مما دعى طهران للثناء على المالكي ومنع أي عقوبات تلاحق خادمها المطيع . أما حيدر العبادي الرئيس الجديد للحكومة الحالية فقد بات أمام واقع مفروض بعد افتضاح الطائفية العقائدية للشيعة التي أحرجت حليفتها أمريكا وحتى إيران ، وبات العبادي مع أحزاب الشيعة مكرهاً على إصلاحات في الدولة بما فيها قبول مشاركة المكون السني في المؤسسات إعلامياً وشكلياً ــ وفق حدود وضوابط شيعية ــ بما فيها تشكيل الحرس الوطني ــ إن تم ــ والذي تم الإعلان عنه على مضض بعد مماطلة لأشهر بغية إسكات الغضب المتصاعد أزاء حملات الإبادة الممنهجة من قبل المليشيات التي باتت تتحكم بالقوات المسلحة .
لن ترضى الفصائل الجهادية السنية على بيع عقيدتها بدراهم بخسة ، ولن ترضى على بيع ما تبقى من الدم السني بحجة مكافحة الإرهاب
ولن نرضى بدورنا أن تمتنع بعضها من الاعتراف بعقائد الشيعة المتطرفة الدموية بحجة الوطنية والوحدة بين الشعب فقد باتت حكاية ممزوجة بالمآسي ، ولن نرضى أن تنتهي المواجهة السنية السنية التي ابتلينا بها لتعود الهيمنة تحت حكم شيعي لا يعرف إلا التخريب واستهداف أهل السنة ، كما لا نرضى حرس وطني بقيادة إيرانية مليشياوية دون تاطيرها بالأقليم المحدد بالمكون السني حصراً ، والله النصير سبحانه مسبب الأسباب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق