السبت، 30 أغسطس 2014

الأقليم السني الضائع بين السياسة والجهاد






من أكثر الموضوعات المثارة للجدل هي نظام الأقاليم التي جاء بها المحتل ضمن الدستور الأسود بعد غزو العراق ، حيث أن نظام الأقاليم جاء مفصلاً ومكتوباً تماماً على مقياس الأكراد بسبق أتفاق قبل الغزو في اجتماع لندن ، وهذا ما سيأتي نصه لاحقاً . إن الجدل المحتدم بين المكون السني تعدى إلى مسألة التخوين والجريمة العظمى إضافة ً إلى تهم مساندة حكومة المالكي رغم كون المنادين بالفدرالية والأقاليم هم أشد الناس معارضةً لإيران وأمريكا ونظام الحكم الصفوي ، ورغم تبيينهم وتقدم دعاتهم بشرحٍ وافٍ لأهمية الفدرالية للحفاظ على الدين والوجود والأرض والعرض وحق الأجيال القادمة في الكرامة ،  

من المؤسف أن تتبنى أقلامٌ معروفة وهيئات، وحتى فصائل جهادية هذه التهم رغم الواقع العراقي الذي بات يحتم الفصل بين الشعب المنقسم أصلاً عقائدياً، ومتحارب عسكرياً بهجمات تستهدف الشيعة والسنة على مدى 11 عاماً ، مع أن المتضرر والأقل تمكيناً في الحكومة والأمكانيات الحربية والإعلام والدعم الدولي هم أهل السنة. إن ما نقرأه من كُتاب الوطنية وخاصة من المنتمين للمجلس السياسي هو أسلوب القفز على الحقائق حين ينبرون لمبدأ (ما ترفض إيران نقبله) ، وقد تغافلوا عنه لعقد من الزمان واليوم فقط أصبح منطقي وواقع مطلوب! .
 من هذه الكتابات الغريبة بعنوان / إلى بائعي حقوق الشعب/ بقلم سلام الشماع:
 (إذا أراد عدوك أمراً فرد أنت عكسه، فمالكم إذا أراد أن يفرقكم عدوكم إلى أقاليم تبرعتم لتنفيذ إرادته) 
وتكتب شبكة الرشيد نت / أوقفوا هؤلاء المجرمين حتى لا تكون فلسطين أخرى على أرض الرافدين المقدسة.
ما هكذا تورد الإبل يا كُتاب الوطنية والهيئة ، وما هكذا يكون الرهان على الأخوّة الشيعية الكاذبة ورجالهم يقتلونا على الهوية ، وهم بعشائرهم التفوا حول سجن الرصافة ينوون اقتحامه وقتل 1700 سني ثأراً لسبايكر قبل أن يتم التحقيق وتنكشف الكذبة الكبرى ، وها هم يستهدفون أهالي صلاح الدين بكل وسيلة بحجة الثأر ويتركون المجرم المالكي والسيستاني . عشرة طيور على الشجرة منظرٌ جميلٌ ، ولكنها أحلام أن تحرز بضربة حجر يا مثقفين ، فالأقاليم تُحدد بالمصلحة العامة لا بمن كتبها وأوجدها، وإلا لما صمت الإسلام عن مساعي فلسطين لقيام دولتهم مع دولة إسرائيل، وهو مشروع غربي ما زال أهل فلسطين يحلمون به كحل وخلاص .

الجدل في البيت الشيعي 
في عام 2006 وتحديداً الشهر التاسع حيث أعلن عن تشكيل الحكومة من قبل نوري المالكي ، توجه إلى إيران عقب احتدام الجدل حول إعلان الفدرالية ومناقشتها في مجلس النواب ، ونقلاً من رويترز :  (المالكي يغادر مشهدا سياسيا يحتدم فيه الجدل حول الفدرالية ومشروع قانون تشكيل الأقاليم الذي تقدم به للبرلمان الائتلاف الشيعي برئاسة عبد العزيز الحكيم. إذ أعلن التيار الصدري رفضه للمشروع, حيث قال فلاح شنشل من الكتلة الصدرية في البرلمان إن كتلته ترفض المشروع المقدم من الائتلاف الشيعي, لأن تجزئة البلاد على أساس الهوية ستؤدي إلى إقليم كردي وسني وآخر شيعي وهو تنفيذ للمخطط الغربي، وأشار إلى أن التهجير سيكون مصير الأقاليم المتداخلة طائفيا وعرقيا. مصدر برلماني رفض ذكر اسمه ذكر أن التيار الصدري (الذي يملك ثلاثين مقعدا من عدد مقاعد الائتلاف الشيعي في البرلمان البالغة 130) دعا إلى تأجيل البحث في مسألة الفدرالية، من دون تفاصيل إضافية. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من إرجاء مجلس النواب قراءة مسودة مشروع قدمه الائتلاف الشيعي حول آليات وإجراءات تشكيل الأقاليم إلى الـ19 من الشهر الجاري بعد خلافات حادة وتهديد كتل برلمانية سنية بمقاطعة الجلسات.) أهـ
إن مسألة الأقاليم لم تكن في حسبان الكتل السياسية أن تصبح جدلاً أو تصبح حلاً لأزمات ، بل كانت في أقصى توقعات مجلس الحكم ومن خلفه أن تتم في هدوء كمرحلة تلقائية هادئة لصالح الكرد وتلبية لوعود مقطوعة، ومن الغريب أن يطالب بها كتلة الحكيم المعروف بالثورة الإسلامية الإيراني الولاء عام 2006 بعد أحداث تفجير المرقدين ونشوب ما يسمى ب (الحرب الطائفية) ، وبغض النظر من أن تفجير المرقدين كان بتدبير وفعل شيعي وأمريكي مساند له، إلا أن المهم الآن تداعيات الحدث وما يحاول كل طرف الاستفادة منه بشكل يحقق أجنداته ومصلحته ، والخوف من إفلات الأمور في العراق بعد تصاعد عمليات المقاومة السنية والخشية من إعادة مسك الحكم مجدداً . هذا هو السبب الحقيقي في مطالبة الحكيم لأقليم البصرة عن طريق المحافظ آنذاك (وائل عبد اللطيف ) كإجراء يضمن هيمنة إيران على أهم محافظة في العراق حيث الثروة النفطية الأكبر والموقع الاستراتيجي الذي يمثل جسر الخليج، ويضمن التوسع الصفوي من خلال البصرة الفيحاء ، وقد تم إسكات المطالبة بعد التيقن من عدم مطالبة الفصائل بحقها في الحكم بحجة رفض المشاركة في ظل الاحتلال . ومن هنا ضاعت الفرصة الذهبية لتمكين اهل السنة والقادة خاصةً من استعادة الحق المغتصب وإملاء الشروط بما يخدم الدين والوجود والوطن ، وحتى يكون الأمر موثقاً بصورة لا تدع مجالاً للشك فقليل من البحث يبين أن إيران والشيعة قاطبة رافضة للأقاليم جملة وتفصيلاً على خلفية عقائدية لا وطنية ، كون الحكم للشيعة حصراً هو بزعمهم استحقاق قديم من قبل 1440 عام مضى من أحفاد أمية .

تصريحات رافضة للأقاليم 
ــ السفير الايراني في بغداد دنائي فر قال في تصريح صحفي شباط 2012 أن طهران ترفض الأقاليم والفدراليات في العراق ، ومن قبله قاسم سليماني .
ــ الأحزاب الشيعية جميعها ترفض تشكيل الأقاليم من ضمنها كتلة الأحرار المعارضة للمالكي .
ــ رئيس الوزراء نوري المالكي يرفض تشكيل الأقاليم منذ توليه السلطة ، ويرفض مجدداً دعوة بايدن قبل أيام لتشكيل الأقاليم بحجة خلفياتها الطائفية .
ــ مليشيات الشيعة ترفض وتهدد ، فقد أعلن الامين العام لحزب الله العراقي، واثق البطاط منتصف 2013، أنه “متعطش لدماء” الذين يلوحون بحمل السلاح أو الأقاليم، وشدد على ان جيش المختار “مستعد “ .
ــ كُتاب شيعة من ضمنهم ليبراليون .
ففي مقالة ملفتة للنظر للكاتب (ضياء الشكرجي)المتأثر بالنهج العلماني ، شرح فيها رفض الفدرالية من قبل إيران والأحزاب الشيعية تبعاً لرفض الخميني آنذاك ، وفيها كشف بصورة واضحة عن رفضه شخصياً مبدأ الفدرالية التي تنشأ بسبب طائفي أو عرقي ! ، ولا أدري بعد كل الشروط الغريبة المانعة أي داع لمطلب الفدرالية، وكأن الغرض منها تعدد مناصب ومكاسب مالية عالية بأقصى ما يمكن مما يثقل ميزانية الدولة . يقول: (جرت عبر مراحل ما قبل 2003 وما بعد 2003 تحولات في مواقف أكثر القوى السياسية. ففي الثمانينات، عندما كانت معارضة المهجر تنشط خارج العراق، كانت القوى العلمانية – وعلى رأسها الحزب الشيوعي - إلى جانب القوى الكردية وحدها التي تطالب بالفيدرالية، حينذاك بشكل خاص للكرد، فكان الشعار المطروح آنذاك (الديمقراطية للعراق والفيدرالية لكردستان). القوى الإسلامية الشيعية كانت ضد هذين المطلبين بشكل كلي، فهي ترفض الديمقراطية، لكونها تعني حاكمية الشعب في مقابل حاكمية الله، وهذا ما كانت ترفضه الأحزاب الإسلامية، ولكون إيران الخمينية رفضت الديمقراطية بقوة، وطرحت مشروع دولة ولاية الفقيه، كما كانت هذه الأحزاب ترفض الفيدرالية أيضا ربما لمعاداة الخميني لأطروحة الفيدرالية، مما حدى به لفرض الإقامة الجبرية على المرجع شريعتمداري الذي طالب في حينها بالفيدرالية كنظام مناسب لإيران، بحكم التعددية الإثنية والسعة الجغرافية لإيران.)*أهـ 

ليس لغزاً أن تكون أمريكا ودستور الغزو يدعو للأقاليم في مشروع بايدن أو غيره ، وليس غريباً أن تسكت عنه أمريكا طوال 11 عاماً وتتغافل عن فرضه بعد عام 2006 ، وليس لغزاً أن ترفض الأقاليم إيران والأحزاب الشيعية بل عامة الشيعة ، وليس لغزاً أن ترفضه هيئات وعلماء دين وفصائل السنة فلكل منهم أسبابه ، وليس اللغز أن تتغير الرؤى عند الشيعة بعد اقتراب المعارك من العاصمة بغداد وقرب تحريرها للحفاظ على العاصمة، بدل ضياع كل ما تم سرقته من قبلهم وجرائمهم الطائفية لتشييع العراق ، بل وهروبهم المتوقع إلى إيران وبلاد اللجوء التي كانوا فيها
 إلا أن اللغز أن لا تتغير رؤى الوطنيين بالمطالبة بأقل الاستحقاقات بحجة العراق بأكمله !

إن المهم أن يفهم العراقي نهج الشيعة الخاص بالتقية مع احتراف الخداع السياسي الذي ورثوه من إيران مع مستلزمات السلطة ، حيث أوعزوا الرفض إلى كون تشكيل الأقاليم هو مخطط غربي ،وهم كدعاة للوطنية والولاء للعراق يحرصون على الوحدة كما حرصوا على هرطقات المصالحة والشراكة ، مع أنه مثبت في الدستور ومصوت عليه من قِبلهم ! .  

لماذا الأقليم ؟ 
العقل والواقع يحتم السعي وراء الحلول الممكنة بغياب الحل الجذري وهو التقسيم للتخلص من التشيع الفارسي وخدم إيران وعملاءهم من السنة بقطع الطريق وبناء دولة ودستور إسلامي على مقاس الشرع الحنيف ، ونتساءل: أليس التهجير الذاتي إلى أقليم يحفظ أهل السنة أفضل من تهجيرهم القسري بالمليشيات اعتقالاً واغتيالاً وتهديداً وحرق للمنازل ؟
أليس هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الغر الميامين لإقامة دولة الإسلام الحق؟ما لكم لا تتفكرون؟
نتساءل مع دعاءنا للمجاهدين بالتحرير العاجل إلا أن الواقع يتطلب حلاً عاجلاً مع حراك خطير لحلف غربي شرقي عربي لهجمات ومصائب على مناطق أهل السنة أشد وأعقد . نتساءل :  أين أنتم من تحرير بغداد إن كانت تكريت معقل البعثية لم تشهد سلاماً ولا تحريراً ؟ فما زالت تعاني من بطش الطائرات والهجمات والحشد الشيعي بجهادهم الصفوي الكفاءي؟ هذا وفي الأنبار الصامدة المبتلاة بالصحوات عبرة ، وبمناطق أصبحت أطلال تفوح منها رائحة الموت ، وما زالت أحلام النازحين تنتظر العودة منذ 8 أشهر وبكاء الأيتام لم يكن له تأثير في قناعة المستبدين على صنم الوطن الواحد وخارطة سايكسبيو .

  المحزن اليوم، أن التغييرات في الشارع تؤدي إلى تغييرات في السياسة حيث أن ما كان في السابق مرفوضاً رفضاً قاطعاً يصبح ممكن التفاوض بشأنه حتى وإن كان بشروط ، وذلك حفاظاً على المناصب والجهد المبذول بالدم الذي سال في الأنهار والشوارع كتضحيات جسام بحسب وصف كل الأطراف ، اللهم إلا المكون السني !!!! الذي ما فتأ يرمي باستحقاقه الشرعي والاجتماعي من أجل الحفاظ على ماضي تغيرت مسالكه فما عاد يتلاقى مع الحاضر ولا المستقبل، إلا بعثراتٍ قاتلة وطريق مليء بالمخاطر ، ومن الغباء أن يكون خارطة جديدة للحاضر ونقمة للمستقبل من جديد . 

نداء وسؤال أكرره للوطنيين الرافضين للأقاليم حول ضياع سامراء التي رفع فوق ملويتها أعلام الصفوية بأنتظار الجواب : 
إلى الوطنيين قبل أن تضيع مناطقكم في سراديب إيران :
 تمسكوا بالوطنية ونادوا بالأقليم طالما أن الطين عندكم مقدم على الدين
 مفارقة غريبة حقاً ولكنها اختبار لحقيقة الرفض أهو المبدأ بوعي فعلاً أم العناد وانتصار الذات  ؟
وسؤال يحسم الجدل : هل سيرفض المعتقلون الأقاليم أم سيرفضون التقسيم ؟  

* الدعوة إلى تشكيل الأقاليم ما لها وما عليها




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق