الجزء الثاني / بداية التحقيق والتعليق مع ملاحظات هامة
البداية
البداية
دعوة من نادر شاه للسيد عبد الله السويدي
في السطور التالية مشاعر داعية موحد من أهل السنة يواجه موقف وابتلاء بكل ما في الكلمة من الخوف والحيرة من مهمة كهذه تجعله يراجع في ذهنه ما احتواه من بلاغة في دقة اختيار العبارات والحجج وهو يحمل هذه المسئولية الكبرى بلا معين ولا وزير ولا كتب ولا مخطوطات يأخذ منها الدليل سوى ما ضمه صدره من يقين وتثبيت من العلي القدير .
في سطور تجعل القاريء يقفز من مكانه ليكون مع العلامة العراقي وتتسارع دقات قلبه مع كل كلمة وكل خطوة تتقدم بالسيد الحسني الى ديوان المناظرة الحاشد بعلماء الرافضة وفي مقدمتهم حاكم طاغية ومن ورائه جنده جند الظلام، ينقل لنا السيد عبد الله الحسني تلقيه الخبر.
يقول ما نصه (ص 15ـ 16 ـ 17) :
فبينا أنا جالس قبيل المغرب من يوم الأحد الحادي والعشرين من شوال إذ جاء رسول الوزير أحمد باشا يدعوني إليه . فذهبت بعد صلاة المغرب الى ودخلت دار الحكم فخرج إلي بعض ندمائه وسماره ( أحمد أغا ) فقال : ــ أتدري لَم َطلبك ؟ قلت : لا
قال : ـ إن الباشا يريد أن يرسلك الى الشاه نادر . فقلت : ولِم ذلك ؟ قال : ـ " أنه ( يعني نادر شاه ) يريد عالِماً يبحث مع علماء العجم في شأن مذهب الشيعة ويقيم الدلائل على بطلانه والعجم يقيمون الدلائل على صحته فإن غُلب عالمنا يجب أن يقر ويصدق بالمذهب الخامس ".
فلما قرع سمعي هذا الكلام وقف شعري وارتعدت فرائصي وقلت : ( ـ يا أحمد أغا، تعلم أن الروافض أهل عناد ومكابرة فكيف يسلمون لما أقول؟ لا سيما وهم في شوكتهم وكثرة عددهم ، وهذا الشاه ظالم غشوم فكيف أتجاسر على إقامة الدليل على بطلان مذهبه وتسفيه رأيه ؟ وكيف تحصل المباحثة معهم وهم ينكرون كل حديث عندنا، فلا يقولون بصحة الكتب الستة ولا غيرها، وكل آية أحتج بها يؤولونها ويقولون : الدليل إذا تطرقه الاحتمال بطل به الاستدلال، كما أنهم يقولون : شرط الدليل أن يتفق عليه الخصمان، على أن الأمور الاجتهادية تفنيد الظن ، فكيف أُثبت لهم جواز المسح على الخفين وهو قد ثبت بالسنة ؟ )
فإن قلتُ : (روى المسح على الخفين نحو سبعين صحابياً منهم الإمام علي ، قالوا : عندنا ثبت عدم جواز المسح برواية أكثر من مائة صحابي منهم أبو بكر وعمر ، فإن قلتُ : أن هذه الأحاديث التي توردونها في عدم صحة المسح موضوعة مفتراة ، قالوا كذلك الأحاديث التي توردونها في صحة المسح موضوعة، فما هو جوابكم هو جوابنا . فكيف يُلزمون بمثل هذه الأحاديث ؟ فأرجو من جناب الوزير أن يرفع هذه المحنة عني، وليرسل المفتي الحنفي أو المفتي الشافعي، فأنهما الأنسب في مثل هذه الحادثة ).
فقال أحمد الأغا : ـ هذا أمر لا يمكن، وجناب الباشا اختارك لذلك فما يسعك سوى الامتثال فلا تحرك لسانك بخلاف مراده .
قال السويدي : ـ ثم اجتمعت بالوزير أحمد باشا صبيحة تلك الليلة فتذاكر معي بخصوص هذا الأمر كثيراً وقال : ـ أسأل الله تعالى أن يقوي حجتك ، ويطلق بالصواب لسانك وأنت مخير بين المباحثة وتركها . ولكن لا تترك البحث بالكلية، بل أورِد بعض الأبحاث في خلال الصحبة بالمناسبة ليعلم العجم أنك ذو علم وإن رأيت منهم الإنصاف وأنهم يريدون إظهار الصواب فابحث معهم، وإياك أن تسلم لهم .
ثم قال : إن الشاه في النجف وأريدك أن تكون عنده صبيحة يوم الأربعاء ) .
في الطريق الى النجف وخواطر مع النفس
في السطور التالية وصف دقيق من قلم بارع يأخذ القاريء الى ذلك العصر بكل ما فيه من روعة التفاصيل من بغداد الى النجف مصاحبة بخواطر مع النفس تحضيراً للمناظرة التاريخية
تمهل وأنت تقرأ وستشعر بقشعريرة البرد وباضطراب القلب من رهبة المقابلة مع السيد السويدي، وعندها ستعتز بهذا البطل العراقي من أهل السنة والجماعة وما له من غزارة علم ويقين وشجاعة ، فلا شبيه له اليوم إلا قلة لا يلتفت إليهم حاكم أو هيئة، وهذا ما أدى الى زيادة الفتن وياليتهم يعلمون .
يقول السيد عبد الله السويدي بخط يده في هذه المذكرات :
ثم قال : إن الشاه في النجف وأريدك أن تكون عنده صبيحة يوم الأربعاء .
وأتى لي بكسوة فاخرة، ودابة، وخادم، وأرسل معي بعض خدام ركابه، وواجهنا مع رسل العجم الذين جاؤا في طلبنا. فخرجنا يوم الأثنين قبيل العصر لأثنتين وعشرين خلون من شوال، فلم أزل في الطريق أصوّر الدلائل من الطرفين وأتخيل الأجوبة إذا وقع اعتراض . ولم يزل هذا دأبي وديدني، لا فكر لي إلا في تصوير الدلائل ودفع الشبَه، حتى أني صورت أكثر من مائة دليل، وعلى كل دليل جعلت جواباً أو جوابين أو ثلاثة على حسب الشبه ومظنتها .
وحصل لي في الطريق ضيق، حتى صار بولي دماً عبيطاً فدخلنا حلة دبيس بن مزيد ـ وهي إذ ذاك في يد الأعاجم ــ فلقيت فيها بعض أهل السنة والجماعة، فأخبروني بأن الشاه جمع لهذه المسألة كل مفت ٍ في بلاده، وقد بلغوا الآن سبعين مفتياً كلهم روافض، فلما طرق سمعي ذلك حوقلت واسترجعت ( أي قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، وزورت في نفسي كلاماً وقلت : إن زعمت أني لست مأمور بالمباحثة أجد نفسي لا تطيب بذلك، وإن باحثتهم أخشى أن ينقلوا للشاه خلاف ما يقع، فعزم رأيي وجزم فكري بأني لا أباحثهم إلا بحضور الشاه، وأقول له : أن مباحثتي تحتاج الى حكم عالِم لا يكون سنياً لئلا يُتهم بأنه يريد مناصرتي، ولا شيعياً لئلا يُتهم بأنه يريد مناصرتهم ، فنحتاج حينئذٍ الى عالم أما يهودي أو نصراني أو غير ذلك ممن لا يكون سنياً ولا شيعياً، وأقول له إنـّا رضينا بك، وأنت الحكم بيننا والله تعالى سائلك يوم القيامة فاسمع مقالنا لكي يظهر لك الحق .
ثم أني خيلت لو مال رأيه إليهم ، أخاصمه وأكالمه ولو أدى ذلك الى قتلي ،
هذا كله أجريته في مخيلتي . أنتهى
رسول في الطريق ولقاء مع الشاه
في مذكرات الشيخ عبد الله السويدي رحمه الله أستخدم توثيق تاريخي لحالة مدن العراق وبأسلوب مبسط أراده أن يكون مفهوماً من قبل العالم والبسيط، وهالني قلمه من صدق الكلمات ودقة التعبير عن المشاعر التي تجبر القاريء وتسحبه مطاعاً ليسير في نفس الطرقات ويحس بقطرات المطر تنهمر من شعره وتبلل ثيابه وقشعريرة البرد ترعد أطرافه ، كل هذا لا يقارن مع دقات القلب التي تخفق مع الحروف وحديث النفس وما ترتب من حجج وهو يتقدم الى لقاء الشاه، ولكن مع هذه المحنة كما وصفها السويدي لا تخلو من زهو وتذوق لجمال اليقين وثبات الدين ولكن يا عزيزي القاريء، هل نستطيع أن تثبت معه يا ترى، أم تتجمد مخيلتك من عظمة الموقف فشتان بيننا وبين هذا العملاق .
يقول السيد عبد الله السويدي وهو يكمل مذكراته :
فخرجنا من الحلة المذكورة وقت العشاء الأخيرة ليلة الأربعاء المعهودة وكانت ليلة كثيرة الدث(المطر الخفيف) والضباب لا يبصر الإنسان يده ، فلم نزل يسير تلك الليلة إلى أن جئنا ( المشهد) المنسوب الى ذي الكفل على نبينا وعليه الصلاة والسلام ــ وهو نصف الطريق بين الحلة والنجف ــ فنزلنا خارج البناء واسترحنا قليلاً، وسرينا ، وصلينا الفجر عند بئر دندان، فلم نشعر إلا والبريد (رسول الشاه) يعدو عدواً شديداً،
فقال لي : أسرع فإن الشاه يدعوك في هذا الوقت .
وكانت المسافة بيني وبين مخيم الشاه فرسخين،
فقلت للبريد : وكيف عادة الشاه إذا أرسل إليه رسول من بعض الملوك،
أيطلبه كطلبي هذا من الطريق أم يبقى مدة ثم يطلبه ؟
قال : ـــ ( ما طلب أحداً غيرك من الطريق ولا طلب سواك ) .
فتحركت السوداء، وقلت في نفسي ما طلبك الشاه مستعجلاً إلا ليلجئك على الإقرار والتصديق بمذهب الإمامية، فأولا ًيرغبك في الأموال فإن أجبته وإلا أكرهك على ذلك، فما رأيك ؟
فخرجت على أني أقول الحق ولو كان فيه تلف نفسي، ولا يميلني ترغيب ، ولا يزعجني ترهيب، وقلت : إن الإسلام وقف يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى بسبب أبي بكر الصديق ( رض) ووقف ثانياً في محنة القول بخلق القرآن ،
فدرج بسبب أحمد بن حنبل رحمه الله،
وفي هذا اليوم وقف الإسلام ثالثاً فإن توقفت وقف وقوفاً أبدياً
( نعوذ بالله من ذلك )
وإن درجت درج درجاً سرمدياً، ووقوفه ودرجه بسبب وقوف أهله ودرجهم .
ولا ريب أن أهل تلك الأطراف لهم بهذا الفقير حسن الظن فيعتقدون بي : إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، فجزمت نيتي وحسنت طويتي ووطنت نفسي على الموت حتى أستسهله
وقلت : آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى ،
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
لقاء مع نادر شاه
يكمل الشيخ السويدي رحلته ومذكراته فيقول
وسقت دابي وأنا أكرر الشهادتين ، فتراءى لي علمان كبيران مرفوعان كالنخلة السحوق فسألت عنهما ، فقيل لي : أنهما علما الشاه يغرزهما ليعلم أكابر الجنود كيفية نزولهم في المخيم ، فمنهم من ينزل عن يمين العلمين ومنهم من ينزل عن شمالها ،،، إلى غير ذلك من الأوضاع ، فسرنا حتى رأينا الخيام وخيمته على سبعة أعمدة كبار رفيعة، فجئنا الى محل يعبر عنه عندهم بال (كشك خانة) وهي عبارة عن خيام متقابلة ، في كل طرف خمسة عشر خيمة على هيئة القبة التي لها أيوان ، لكن ذلك بلا عمد وبين رأس الخيام وما يلي خيمة الشاه رواق متصل وفي وسطه باب عليه سجاف، ففي الخيام التي عن اليمين نحو أربعة آلاف بنادقي ليلاً ونهاراً يحرسون، والتي عن الشمال فارغة فيها كراسي منصوبة لا غير ، فلما دنوت الى الكشك خانة نزلت ، فخرج لاستقبالي رجل ، فرحب بي وأكرمني ولم يزل يسألني عن الباشا وعن خواص أتباعه، وأنا أتعجب من كثرة معرفته بأتباع الباشا ،
فلما عرف ذلك مني قال : ــ كأنك لا تعرفني !
قلت : نعم ، فقال : أنا عبد الكريم بيك، خدمت في باب أحمد باشا مدة ، وفي هذه الأيام أرسلت من طرف الدولة الإيرانية الى الدولة العثمانية أيليجيا ( سفيراً) .
فبينما هو يحدثني؛ إذا نحن بتسعة رجال أقبلوا ،فلما وقع نظره عليهم قام على قدميه، فسلموا عليّ، فرددت عليهم وأنا جالس لا أعرفهم، فشرع عبد الكريم يعرفهم لي واحداً بعد واحد فقال لي : ـ هذا هو معيار الممالك حسن خان،
وهذا مصطفى خان،
وهذا نظر علي خان،
وهذا ميرزا كافي ..
فلما سمعت بذكر ( معيار الممالك) قمت على قدمي فصافحني هو ومن معه ورحبوا بي، ومعيار الممالك هو وزير الشاه، كرجي الأصل من موالي شاه حسين .
ثم قالوا لي :ـ تفضل لملاقاة الشاه .
فرفعوا السجف التي وسط الرواق فبان وراءه رواق آخر، بينهما فسحة ثلاثة أذرع، فاوقفوني هناك وقالوا : ـ إذا وقفنا قف، وإذا مشينا أمش !
فأخذنا ذات اليسار فانتهى الرواق وإذا ببرقع واسع يحيط به رواق من البعد وفيه من الخيام كثير لنسائه وحرمه، فنظرت الى خيمة الشاه ،
وإذا هو عني مقدار غلوة سهم، جالس على كرسي عال،
فلما وقع نظره عليّ صاح بأعلى صوته :
ـ مرحباً بعبد الله أفندي ! أخبرني أحمد خان (يعني أحمد باشا) يقول :
أني أرسلت لك عبد الله أفندي .. ثم قال : ــ تقدم
فتقدمت مثل الأول، ووقفت ولم يزل يقول لي ( تقدم ) وأنا أتقدم خطاً صغيراً حتى صرت منه قريباً نحو خمسة أذرع ، فرأيته رجلاً طويلاً كما يعلم من جلسته وعلى رأسه قلنسوة مربعة بيضاء كقلانس العجم وعليه عمامة من المرعز مكللة بالدر واليواقيت والألماس وسائر نفائس الجواهر وفي عنقه قلائد در وجواهر على عضده كذلك، والدر والألماس واليواقيت مخيطة على رقعة مربوطة بعضده ،
ويلوح على وجهه أثر الكبر وتقدم السن ، حتى أن أسنانه المتقدمة ساقطة ، فهو أبن ثمانين عاماً تقريباً، ولحيته سوداء مصبوغة بالوسمة ولكنها حسنة ، وله حاجبان مقوسان مفروقان وعينان تميلان الى الصفرة إلا أنهما حسنتان .
والحاصل أن صورته جميلة ، فحينما وقع نظري عليه زالت هيبته عن قلبي، وذهب عني الرعب فخاطبني باللغة التركمانية ( كخطابه الأول) وقال لي :
ــ كيف حال أحمد خان ؟ فقلت : ــ بخير وعافية .
فقال : أتدري لم أردتك ؟ قلت : ـ لا !
فقال : ـ إن في مملكتي فرقتين تركستان وافغان يقولون للإيرانيين ( أنتم كفار ) فالكفر قبيح ولا يليق أن يكون في مملكتي قوم يكفر بعضهم بعضاً ، فالآن أنت وكيل من قبلي ؛ ترفع المكفرات، وتشهد على الفرقة الثالثة بما يلتزمونه . وكل ما رأيت أو سمعت تخبرني وتنقله لأحمد خان ..
ثم رخص لي بالرجوع ، وأمر أن تكون دار ضيافتي عند اعتماد الدولة ،
وأن أجتمع بعد الظهر مع الملا باشي علي أكبر ..
فخرجت وأنا في غاية الفرح والسرور ، لأن حكم العجم صار بيدي .
أنتهى
وها أنا أقف معه وأمشي معه أرى الحشود خدم وجنود وبسط وخيم وثراء
تربع على كرسي الجاه ياقوت وألماس ودرر ، ألا يتمنى المرء شيئاً منه ؟
وتذكرت كتاب الله وهويقول : {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }القصص79
ولكن هل نفعت قارون كنوزه أم هل نفعت هذا الفارسي زينته وهو يقول على الله ما لم يقله ؟
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ{80}تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{83} القصص
وذكرت قول السويدي بعد أن رأى كل هذا الثراء والسلطان وهو يقول في نفسه :
فخرجت وأنا في غاية الفرح والسرور ، لأن حكم العجم صار بيدي .
أنتهى
أنتهى
يا الله ! هذا هو ما يراه العابد المدافع عن دين الله ،
( النصرة )
اللقاء الأول مع كبار القوم
أبتسمت وأنا أرى الشيخ عبد الله السويدي في مخيلتي وهو يبتسم، وتحول خوفي الى حماس للقاء الملا باشي وباقي القوم الكبار كأني أحس بما أحسه تماماً هذا العراقي المجاهد من نصرة الله له ومعيته، ولن يكون كل الحشد أكثر رهبة من نادر شاه الذي صغر في العين فكيف بأتباعه ومن هم أقل منه رتبة ، لكن يا ترى من سيكون هنا من علماء الدين وماذا لديهم من علم بهذا اللقاء ؟
يقول عبد الله السويدي : ـ وأتيت دار الضيافة فجلست قليلاً ؛ فجاء الاعتماد الى خيمته فدعاني الى الطعام ، وكان المهمندار ( نظر علي خان ) وفي صحبته عبد الكريم بك، وأبو ذر بك، كان هؤلاء في خدمتي ، فلما أقبلت على الاعتماد وسلمت عليه رد علي السلام وهو جالس فانفعلت ووجدت في نفسي حيث لم يقم على قدميه !
فقلت في نفسي : إذا استقر بي الجلوس أقول للاعتماد : أن الشاه أمر برفع المكفرات ووكلني على ذلك ، فأول كفر أرفعه الكفر الصادر منك حيث قصدت تحقير العلماء وإهانتهم ،
ولا أرضى برفعه إلا بقتلك ،
ثم أقوم من مجلسه وأذهب الى الشاه لأخبره بالواقعة . أنتهى
سبحانك اللهم وبحمدك
أي ثقة بالنفس وأي اعتزاز بالعلم ! وأي حصن هو حصن الإيمان !
أين نحن وهذا البطل ! أين صرنا وأراذل الناس تتبجح بالشرك والفواحش ونحن جمود !
لله المشتكى وبه نستعين
تابعت بشوق الحدث وأنا أكاد أحبس أنفاسي لئلا أعكر صفو أفكار السويدي بسماعها مني ، رجوت أن لا يقل أن اللقاء تأجل الى الغد!
فأنـّى لي الصبر ؟
تابع السويدي وهو يقول في مذكراته بعد أن عزم على ما عزم عليه :
هذا كله صورته في نفسي ، فلما استقر بي الجلوس نهض على قدميه ورحب بي ، وإذا هو رجل طويل جداً أبيض الوجه كبير العينين ، لحيته مصبوغة بالوسمة إلا إنه رجل عاقل يفهم المحاورات ويعقل المذاكرات ، في طبعه لين، وميل الى السنة والجماعة .
فلما قام علمت أن هذه عادتهم : يقومون بعد جلوس القادم ، فأكملت عنده الغداء، فجاء الأمر باجتماعنا مع الملا باشي ، فركبت دابتي وجماعة المهمندار يمشون أمامي
فعارضني رجل طويل في الطريق، زيّه زي الأفغان ، فسلم علي ورحب بي فقلت له :
ــ من أنت ؟ فقال : ـ أنا الملا حمزة القلنجاني مفتي الأفغان .
فقلت : ــ يا ملا حمزة أتحسن العربية ؟ قال : ــ نعم
قلت : ــ إن الشاه أمر برفع كل مكفر عند الإيرانيين ، فربما ينازعونني في شيء من المكفرات أو أنهم لا يذكرون بعض المكفرات ونحن لا نعرف أحوالهم ولاعبادتهم ،
فما أطلعت على مكفر فاذكره حتى أرفعه .
فقال : ــ يا سيدي إياك أن تغتر بقول الشاه ، إنه إنما أرسلك الى الملا باشي ليباحثك في أثناء الكلام وفي خلال المباحثة فاحترز منهم !
فقلت : إني أخشى عدم أنصافهم .
قال : ــ كنْ أميناً من هذه فإن الشاه جعل على هذا المجلس ناظراً وعلى الناظر ناظر آخر ، ثم على الآخر آخر ، وكل واحد لم يدر بحال صاحبه ، فلا ينقل للشاه غير الواقع .
أنتهى
مناظرة مع الملا باشي
أقترب العلامة عبد الله السويدي من المناظرة وهو يجتاز الحضور، ولا أحسبه إلا وهو يزداد ثباتاً وهذا من تثبيت الله له في هذه المحنة
ولكن ما لفت انتباهي هو تحذير الملا حمزة له بأن أسلوب الشيعة هو الخديعة والاستدراج بالكلام بالتقية المعروفة، وكل كلمة عندهم بقصد يريدون منها النيل من دين أهل السنة والجماعة ولا احسب السويدي رحمه الله إلا متهيئاً لكل حال .
يكمل السويدي ويقول :
فلما اقتربت من خيمة الملا باشي خرج لاستقبالي راجلاً ، فإذا هو رجل قصير أسمر له صداغ ( سمة في الصدغ ) الى نصف رأسه ، فنزلت عن دابتي فرحب بي ّ، وأجلسني فوقه على المنصة وجلس كهيئة التلميذ فدار الكلام بيننا
إلى أن خاطب الملا باشي مفتي الأفغان فقال له : ــ رأيت اليوم هادي خوجة بحر العلوم ؟
فقال : ــ نعم . وهادي خوجة هذا قاضي بخارى ، لقبه بحر العلم، جاء إلى أوردي الشاه
(أي الى معسكر) قبل مجيئي بأربعة أيام ومعه ستة من علماء ما وراء النهر (1)
فقال الملا باشي : ـ كيف يسوغ له أن يلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئاً، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي لما استطاع أن يجيب عنهما ، بل ولا الفحول من أهل السنة
( وكرر الكلام ثلاث مرات ) .
فقلت له : ــ وما هذا الدليلان اللذان لا جواب عنهما ؟
قال : ــ قبل تحرير البحث أسألك هل قوله ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلاأنه لا نبي من بعدي ، ثابت عندكم ؟
فقلت : ــ نعم أنه حديث مشهور .
فقال : ـ هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب .
قلت : ـ وما وجه الدليل في ذلك ؟
قال : ــ حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة والاستثناء معيار العلوم ، فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون، فأنه لو عاش لكان خليفة عن موسى .
فقلت : ــ صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية فما صور هذا الإيجاب الكلي ؟
قال : ـ الإضافة التي في الاستغراق بقرينة الإستثناء .
فقلت : ــ أولا ًإن هذا الحديث غير نص جلي وذلك لاختلاف المحدثين فيه، فمن قائل أنه صحيح ومن قائل أنه حسن، ومن قائل أنه ضعيف ، حتى بالغ أبن الجوزي فادعى أنه موضوع ، فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي ؟
فقال : ـ نعم ، نقول بموجب ما ذكرت، وأن دليلنا ليس هذا وإنما هو قوله (صلى الله عليه وسلم) ( سلموا على علي بإمرة المؤمنين ) ، وحديث الطائر ، ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث معكم ، لِم لـَم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به ؟
قلت : ــ هذا الحديث لا يصح أن يكون دليلا ً، من وجوه : منها أن الاستغراق ممنوع، إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً من موسى، وعلي ليس بنبي باتفاق منا ومنكم، لا مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولا بعده، فلوكانت المنازل الثابتة لهارون ماعدا النبوة للنبي ثابتة لعليلاقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبوة لم تستثن وهي من منازل هارون عليه السلام وإنما المستثنى النبوة بعده ،
وأيضا ً من جملة منازل هارون كونه أخا ً شقيقاً لموسى ، وعلي ليس بأخ، والعام إذا تخصص بغير الاستثناء صارت دلالته ظنية ، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما عو ظاهر التاء التي للوحدة ، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها ، و(إلا) في الحديث بمعنى ( لكن) كقولهم : فلان جواد إلا أنه جبان، أي لكنه فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها، وإنما تعيينه من خارج، والمعين هو المنزلة المنزلة المعهودة حين استخلف موسى هارون على بني إسرائيل ، والدال على ذلك قوله تعالى (أخلفني في قومي) ومنزلة علي هي استخلافه على المدينة في غزوة تبوك .
فقال الملا باشي : ــ والاستخلاف يدل أنه أفضل وأنه الخليفة بعده
فقلت : ــ لو دل هذا على ما ذكرت لاقتضى أن أبن مكتوم خليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، واستخلف أيضاً غيره،
فلم خصصتم عليا ًبذلك دون غيره مع اشتراك الكل في الاستخلاف ؟
وأيضا ً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد علي في نفسه وقال :
( أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة؟ )
فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ )
فقال ( أي الملا باشي ): ـ قد ذكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
قلت : ــ إني لم أجعل خصوص السبب دليلا ً وإنما هو قرينة تعين ذلك البعض المهم ،،، فانقطع
أنتهى
أقول
- قال السويدي للملا باشي : (( أريد ان أسألك عن مسألتين لا تستطيع أهل الشيعة الجواب عنهما )) .
فقال : وماهما ؟ قلت : الاولى : كيف حكم الصحابة عند الشيعة ؟
فقال الملا باشي : أرتدو ( إلا خمسة : علياً، و المقداد، و أبا ذر، و سلمان الفارسي، وعمار بن ياسر ) حيث لم يبايعوا علياً على الخلافة .
قلت : أن كان الامر كذلك فكيف زوج علي بنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب ؟
قال الملا باشي: أنه مكره !
قلت : والله إنكم أعتقدتم في علي منقصة لا يرضى بها أدنى العرب ، فضلاً عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأكرمها أرومة ... وأعلاها نسباً وأعظمها مروءة وحمية وأكثرها نعوتا ًسنية ، وأن أدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه، ويقتل دون حرمه، ولا تعز نفسه على حرمه وأهله . فكيف تثبتون لعلي – وهـو الشــجاع الصــنديد، ليــث بنـي غالــب، أســد الله فـي المــشارق والمغارب – مثل هذه المنقصة التي لا يرضى بها أجلاف العرب ؟ بل كم رأينا من قاتل دون عياله فقـُتل .
قال : ــ يحتمل أن تكون زفت لعمر جنية تصورت بصورة أم كلثوم ؟
قلت : ــ هذا أشنع من الاول فكيف يعقل مثل هذا ؟ ! و لو فتحنا هذا الباب لانسدت جميع ابواب الشريعة حتى لو ان الرجل جاء الى زوجته لاحتمل ان تقول : انت جني تصورت بصورة زوجي فتمنعه من الاتيان اليها ، فإن أتى بشاهدين عدلين على أنه فلان ، لاحتمل أن يقال فيهما أنهما جنيان تصورا بصورة هذين العدلين وهلم جرا .. و يحتمل أن يقتل الانسان أحداً أو يدعي عليه بحق ، فله أن يقول ليس المطالب أنا في هذه الحادثة بل يحتمل أن يكون جنياً تصور بصورتي، ويحتمل أن يكون جعفر الصادق الذي تزعمون إن عبادتكم موافقة لمذهبه جنياً تصور بصورته ، و ألقى اليكم هذه الاحكام الثابتة .
لا شك أن الشيخ السويدي قضى ليلته في مزيج من الأفكار قلق مع تلهف للـّحظة التي يرفع فيها المكفرات ويوحّد العلماء على قول واحد، وكان همه بلا شك أن يظهر دين الحق على نهج أهل السنة والجماعة .
ولا شك أن الذي حصل معه من مناظرة الملا باشي أعطاه قوة وثقة وراحة ولكن لا يعلم بالتأكيد ما الذي سيقوله علماء الدين أمام الجموع والذي سيُدون ويكون الحوار على أساسه .
أتخيل حتماً أن التوكل على الله كان في قلبه والنصر كان دعائه في كل لحظة قضاها من مكان ضيافته الى المسقف في النجف، ولكن الذي لا أتخيله هو كيف غفل شيوخ التقريب عن هذا المؤتمر وكيف لم يحاكوا ما دار فيه ؟
وأتسائل ونحن نعيش في عصر تجمعت الفتن على الإسلام وعلى علماء الدين، هل يمكن أن تترتب الأمور لتطابق ظرورة إنشاءه ؟ .
قالوا أن التاريخ يعيد نفسه ، ولو أن هذا ما لا أحملّه على المنطق إلا من ناحية تكرار الأعداء لاستغلال هفوات علماء أهل السنة والجماعة وتهاون حكامهم ، والله أعلم ،،
اجتمع تحت المسقف الذي وراء ضريح الإمام علي (رض) علماء إيران وهم نحو سبعين عالماً ، ما فيهم سنيّ إلا مفتي أردلان (*) ، فطلب دواة وقرطاساً وكتبت المشهورين منهم وهم :
1ـ الملا باشي ، علي أكبر 2 ـ مفتي ركاب ، أقا حسين 3 ــ الملا محمد ، إمام لاهجان 4 ــ أقا شريف، مفتي مشهد الرضا 5 ــ ميرزا برهان ، قاضي شروان 6 ـ الشيخ حسين ، المفتي بأرومية 7 ــ ميرزا أبو الفضل ، المفتي بقم 8 ــ الحاج صادق ، المفتي بجام 9 ــ السيد محمد مهدي ، إمام أصفهان 10 ــ الحاج محمد زكي ، مفتي كرمنشاه 11 ــ الحاج محمد الثمامي ، المفتي بشيراز 12 ــ ميرزا أسد الله ، المفتي بتبريز 13 ــ الملا طالب ، المفتي بمازندان 14 ــ الملا محمد مهدي ، نائب الصدارة بمشهد الرضا 15 ــ الملا محمد صادق ، المفتي بخلخال 16 ــ محمد مؤمن ، المفتي بأسترآباد 17 ــ السيد محمد تقي ، المفتي بقزوين 18 ــ الملا محمد حسين ، المفتي بسبزوار 19 ــ السيد بهاء الدين ، المفتي بكرمان 20 ــ السيد أحمد ، المفتي الشافعي بأردلان ،،،،،، وغيرهم من العلماء .
ثم جاء علماء الأفغان فكتبت أسمائهم وهم : الشيخ الفاضل الملا حمزة القلنجاني الحنفي مفتي الأفغان ،،،،،، وهكذا عدد السويدي سبعة علماء من بلاد الأفغان ... ثم قال : ــ
( ثم بعد زمان جاء علماء ما وراء النهر وهم سبعة يتقدمهم شيخ جليل عليه المهابة والوقار وعليه عِمـّة مدورة تخيل للناظر أنه أبو يوسفتلميذ أبي حنيفة رحمهما الله ، فسلم عليهم وأجلسوه جهة يميني ، إلا أن بيني وبينه نحو خمسة عشر رجلاً، وأجلسوا الأفغان جهة شمالي ، وكذا بيني وبينهم نحو خمسة عشر رجىً ، وذلك من مكر العجم ودهاءهم ، خافوا أن القنهم بعض الكلمات أو أشير إليهم فكتبت أسماءهم وهم : 1ــ العلامة هادي خوجة الملقب ببحر العلم أبن علاء الدين البخاري القاضي ببخارى الحنفي ،،،،، )
وأتم الشيخ السويدي ذكر الأسماء وهم سبعة من علماء بخارى ،،ثم قال وهو يصف جلوسهم :
ــ فلما استقر الجلوس خاطب الملا باشي بحر العلم فقال له (أي العلامة هادي خوجة ): ــ أتعرف هذا الرجل ؟ ( وهو يعنيني ) فقال : ــ لا .
قال : ــ هذا من فضلاء وعلماء أهل السنة، الشيخ عبد الله أفندي ، طلبه الشاه من الوزير أحمد باشا ليحضر هذا المجلس فيكون بيننا حكماً ، وهو وكيل عن الشاه فإذا اتفق رأينا على حكم شهد علينا كلنا ، فالآن بيـّن لنا الأمور التي تكفروننا بها حتى حتى نرفعها بحظوره ، وأما في الحقيقة فلسنا بكفار عند ابي حنيفة ، قال في ( جامع الأصول) : ( مدار الإسلام على خمسة مذاهب ) ، وعدّ الخامس مذهب الإمامية ، وكذا صاحب ( المواقف ) عدّ الإمامية من الفرق الإسلامية ، وقال أبو حنيفة في الفقه الكبر : ( لا نكفّر أهل القبلة ) وقال فلان : ( وصرح بأسمه إلا أني نسيته ) في شرح هداية الفقه الحنفي ( والصحيح أن الإمامية من الفرقالإسلامية ) ، لكن لما تعقب متأخروكم كفّرونا ، كما تعقب المتأخرون منّا فكفّروكم ، وإلا فلا أنتم ولا نحن كفار ، ولكن بيـّن لنا الأمور التي ذكرها متأخروكم فكفرونا بها لكي نرفعها .
(*) من ولايات إيران وأهلها من الكرد وفي شمالها أذربيجان وفي غربها بلاد الكرد العثمانية وفي جنوبها لا رستان وفي شرقها عراق العجم ، وكانت تنقسم الى قسمين شمالي وقاعدته مدينة ( سنا ) وجنوبي يسمى كرمنشاه وقاعدته مدينة كرمنشاه .
في الأجزاء التالية مجريات المؤتمر وبطلان عقائد الإمامية والوثيقة الختامية الحاسمة التي أنتهى إليها العمل لمدة يومين فقط، وهذا ما عجزت عنه جهود أمة ومؤتمرات التقريب التي ابتلينا بها في عصرنا هذا التي لم تستطع أن توحد عقيدة واحدة للشيعة تبعا ًلأهل السنة والجماعة وعلى منهج القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم !!
ماأقصر المسافات في الكتب وما أشبه الماضي باليوم !
كأني أستمع الى مناظرة بين رافضي وشيخ جليل من شيوخ أهل السنة وهو يحاوره !
لم أتصور أن ما نسمعه اليوم هو نفسه ما يحتج به اليوم مع أنها تأويلات فاسدة فهل العصر بوسائله المتطورة لم يفد القوم بشيء ؟ الحق بين والباطل بين والقرآن واضح والسنة تشرح الآيات فأين الإمامة وأين الاستخلاف الخاص؟
أتشوق لما سيأتي من مناظرات ومن حجج قوية من هذا العالم العراقي الذي نفخر به الذي جعل الإمامية يعترفون بخلافة أبي بكر وعمر ويتركون اللعن ويوقعون العهود .
تكملة المناظرة في إمامة علي رضي الله عنه
تابع الملا باشي في إلقاء الدلائل على إمامة علي رضي الله عنه والسويدي رحمه الله يستمع بثقة لا كتاب معه يستعين به ولا وزير بل علم وإيمان وقر في القلوب وعون من الله وهو يفندها لتسقط من بين يدي الملا باشي فيسارع بأخرى في حرج .
قال الملا : ــ عندي دليل آخر لا يقبل التأويل، وهو قوله تعالى ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ، ونساءنا ونساءكم ، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )
قلت له : ما وجه الدليل من هذه الآية ؟
فقال : أنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة ، أحتضن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين وأخذ بيد الحسن ، وفاطمة من ورائهم وعلي خلفها، ولم يقدم إلى الدعاء إلا الأفضل .
قلت : ـ هذا من باب المناقب لا من باب الفضائل ، وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره ، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير . وأيضا ً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب، وطرز محاوراتهم، ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال، يقول أحدهما للآخر : أبرز أنت وخاصة عشيرتك ، وأبرز أنا وخاصة عشيرتي ، فنتقابل ولا يكون معنا من الأجانب أحد، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما، وأيضا ًالدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة .
فقال : ــ ولا ينشأ الخضوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة .
فقلت : هذه محبة مرجعها الى الجبلة والطبيعة، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً،
إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين إنما هي المحبة الإختيارية.
فقال : ــ وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية، وهو جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس علي،
إذ في قوله ( أبناءنا) يراد الحسن والحسين، وفي نساءنا يراد فاطمة،
وفي ( أنفسنا) لم يبق إلا علي والنبي صلى الله عليه وسلم .
فقلت : ــ يا الله ! أعلم أنك لا تعرف الأصول بل ولا العربية،
كيف وقد عبرنا بأنفسنا و( الأنفس) جمع قلة مضاف الى ( نا ) الدالة على الجمع ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد، كما في قولنا ( ركب القوم دوابهم ) أي ركب كل واحد دابته، وهذه مسألة مصرحة في الأصول،
غاية الأمر أنه أطلق الجمع على ما فوق الواحد وهو مسموع كقوله تعالى ( أولئك مبرءون مما يقولون) أي عائشة وصفوان رضي الله عنهما وقوله تعالى (فقد صغت قلوبكما)
ولم يكن لهما إلا قلبان، على أن أهل الميزان ( أي علم المنطق ) يطلقون الجمع في التعاريف على ما فوق الواحد، وكذلك أطلق الأبناء على الحسن والحسين والنساء على فاطمة فقط مجازاً نعم لو كان بدل أنفسنا ( نفسي ) لربما كان له وجه ما يحسب الظاهر،
وأيضا ًلو كانت الآية دالة على خلافة علي لدلت على خلافة الحسن والحسين وفاطمة مع أنه بطريق الإشتراك ولا قائل بذلك لأن الحسن والحسين إذ ذاك صغيران وفاطمة مفطومة كسائر النساء عن الولايات، فلم تكن الآيات دالة على الخلافة.
فانقطع ،،،،،
ثم قال : ــ عندي دليل آخر وهو قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنواالذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وهم راكعون) أجمع أهل التفسير على أنها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه على السائل وهو في الصلاة و( إنما ) للحصر و( الولي ) بمعنى ( الأولى منكم بالتصرف) .
فقلت : ـ لهذه الآية عندي أجوبة كثيرة .
وقبل أن أشرع في الأجوبة
قال بعض الحاضرين من الشيعة باللغة الفارسية يخاطب الملا باشي بشيء معناه : أترك المباحثة مع هذا فأنه شيطان مجسم وكلمازدت من الدلائل وأجابك عنها أنحطت منزلتك .
فنظر إليّ وتبسم وقال : ــ إنك رجل فاضل، وتجيب عن هذه وعن غيرها ولكن كلامي مع بحر العلم ، فأنه لا يستطيع أن يجيب .
فقلت : ــ الذي كان في صدر كلامك أن فحول أهل السنة لا يستطيعون الجواب،
فهذا الذي دعاني إلى المعارضة والمحاورة.
فقال : ــ أنا رجل أعجمي، ولا أتقن العربية فربما صدر مني لفظ غير مقصود لي ...
أنتهى
السويدي يعجز الملا باشي
فقال : وماهما ؟ قلت : الاولى : كيف حكم الصحابة عند الشيعة ؟
فقال الملا باشي : أرتدو ( إلا خمسة : علياً، و المقداد، و أبا ذر، و سلمان الفارسي، وعمار بن ياسر ) حيث لم يبايعوا علياً على الخلافة .
قلت : أن كان الامر كذلك فكيف زوج علي بنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب ؟
قال الملا باشي: أنه مكره !
قلت : والله إنكم أعتقدتم في علي منقصة لا يرضى بها أدنى العرب ، فضلاً عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأكرمها أرومة ... وأعلاها نسباً وأعظمها مروءة وحمية وأكثرها نعوتا ًسنية ، وأن أدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه، ويقتل دون حرمه، ولا تعز نفسه على حرمه وأهله . فكيف تثبتون لعلي – وهـو الشــجاع الصــنديد، ليــث بنـي غالــب، أســد الله فـي المــشارق والمغارب – مثل هذه المنقصة التي لا يرضى بها أجلاف العرب ؟ بل كم رأينا من قاتل دون عياله فقـُتل .
قال : ــ يحتمل أن تكون زفت لعمر جنية تصورت بصورة أم كلثوم ؟
قلت : ــ هذا أشنع من الاول فكيف يعقل مثل هذا ؟ ! و لو فتحنا هذا الباب لانسدت جميع ابواب الشريعة حتى لو ان الرجل جاء الى زوجته لاحتمل ان تقول : انت جني تصورت بصورة زوجي فتمنعه من الاتيان اليها ، فإن أتى بشاهدين عدلين على أنه فلان ، لاحتمل أن يقال فيهما أنهما جنيان تصورا بصورة هذين العدلين وهلم جرا .. و يحتمل أن يقتل الانسان أحداً أو يدعي عليه بحق ، فله أن يقول ليس المطالب أنا في هذه الحادثة بل يحتمل أن يكون جنياً تصور بصورتي، ويحتمل أن يكون جعفر الصادق الذي تزعمون إن عبادتكم موافقة لمذهبه جنياً تصور بصورته ، و ألقى اليكم هذه الاحكام الثابتة .
إمامة أبي بكر يقر بها علي رضي الله عنهما
ما يزال الشيخ عبد الله السويدي يناظر الرافضة كلهم بشخص كبيرهم الملا باشي وجموع العلماء تشهد الحوار وسقوط أدعاءات الإمامة الواحدة بعد الأخرى، وبعد أن كان السويدي يجيب على الأسئلة أصبح يطرح عليه دلائل أعتراف علي بن أبي طالب بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بأسئلة حار فيها الملا باشي جواباً ..
هذا هو الحق عندما يفرض نفسه ولو كره المشركون
تابع عبد الله السويدي أسئلته الى الملا باشي وها هو السؤال الثاني وأضعه هنا وأنا أتخيل الحوار كمشهد حي قل نظيره فأي لحظات هذه يقف الزمن أمامها باعتزاز .
قال السويدي وهو يكمل المناظرة : ثم قلت له :
ــ ما حكم أفعال الخليفة الجائر ؟
هل هي نافذة عند الشيعة ؟
فقال ( أي الملا باشي ) : لا تصح ولا تنفذ .
فقلت : ــ أنشدك الله من أي عشيرة أم محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب ؟
فقال : ــ من بني حنيفة .
فقلت : ــ من سبي بني حنيفة ؟
قال : ــ لا أدري ( وهو كاذب )
فقال بعض الحاضرين من علمائهم : ــ سباهم أبو بكر ( رضي الله عنه )
فقلت : ــ كيف ساغ لعلي ّأن يأخذ جارية من السبي ويستولدها، والإمام ـ على زعمكم ــ لا تنفذ أحكامه لجوره والاحتياط في الفروج أمر مقرر !
فقال : ــ لعلّه استوهبها من أهلها، يعني زوجوه بها .
فقلت : ــ يحتاج هذا الى دليل .
فانقطع ،،،، والحمد لله
ثم قلت : ــ إنما لم آتك بحديث أو آية، لأني مهما الغت في صحة الحديث أقول ( رواه أهل الكتب الستة وغيرهم ) فتقول أنا لا أقول بصحتها، وشرط الدليل أن يتفق عليه الخصمان . ولو آتيتك بآية وقلت ( أجمع أهل التفسير على أن حكمها كذا وأنها نزلت في شأن أبي بكر)
قلت إجماع أهل التفسير لا يكون حجة عليّ ، وتذكر تأويلاً بعيداً وتقول :
الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بَطـُل به الاستدلال ، فهذا الذي دعاني الى ترك الاستدلال بالآية أو الحديث .
ثم أن الشاه أُخبر بهذه المباحثة طبق ما وقع ، فأمر أن يجمع علماء إيان وعلماء الأفغان ، وعلماء ما وراء النهر ، ويرفعوا المكفرات وأكون ناظراً عليهم، ووكيلاً عند الشاه على الفرق الثلاثة بما يتفقون عليه .
فخرجنا نشق الخيام ، والأفغان والأزبك والعجم يشيرون إليّ بالأصابع وكان يوماً مشهودا ً .
أنتهى
لا أجد تعليق بعد هذا إلا أن أشير بأصابعي إليك يا أيها الشيخ الجليل عبد الله السويدي .
وهاهي أشارتي أدونها هنا وأقول
رحمك الله وجعل مثواك الجنة .
اليوم هو الأربعاء الرابع والعشرون من شوال عام 1156 هجرية
يوم مشهود في التاريخ الإسلامي سجّل أنتصار عقيدة بالعمل بها وهي ما حُسبت لعلماء أهل السنة والجماعة في ذلك اليوم والذي يليه في النجف حيث حضر العلماء وكانوا قلة ولكن الحق له الغلبة . كان المؤتمر قد رُتب له وبُعث للعلماء في الأمصار للتواجد في ذلك اليوم في مكان انعقاده في النجف في الباحة المسقفة وراء ضريح الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان على العلامة عبد الله السويدي أن يدير المؤتمر الذي سيحضره حينها المئات من العلماء، أما من عامة الناس فقد ذكر العلامة السويدي أنهم كانوا بالآلاف أكتضت بهم طرقات النجف .
ولا شك أن الذي حصل معه من مناظرة الملا باشي أعطاه قوة وثقة وراحة ولكن لا يعلم بالتأكيد ما الذي سيقوله علماء الدين أمام الجموع والذي سيُدون ويكون الحوار على أساسه .
أتخيل حتماً أن التوكل على الله كان في قلبه والنصر كان دعائه في كل لحظة قضاها من مكان ضيافته الى المسقف في النجف، ولكن الذي لا أتخيله هو كيف غفل شيوخ التقريب عن هذا المؤتمر وكيف لم يحاكوا ما دار فيه ؟
وأتسائل ونحن نعيش في عصر تجمعت الفتن على الإسلام وعلى علماء الدين، هل يمكن أن تترتب الأمور لتطابق ظرورة إنشاءه ؟ .
قالوا أن التاريخ يعيد نفسه ، ولو أن هذا ما لا أحملّه على المنطق إلا من ناحية تكرار الأعداء لاستغلال هفوات علماء أهل السنة والجماعة وتهاون حكامهم ، والله أعلم ،،
المؤتمر في يومه الأول
1ـ الملا باشي ، علي أكبر 2 ـ مفتي ركاب ، أقا حسين 3 ــ الملا محمد ، إمام لاهجان 4 ــ أقا شريف، مفتي مشهد الرضا 5 ــ ميرزا برهان ، قاضي شروان 6 ـ الشيخ حسين ، المفتي بأرومية 7 ــ ميرزا أبو الفضل ، المفتي بقم 8 ــ الحاج صادق ، المفتي بجام 9 ــ السيد محمد مهدي ، إمام أصفهان 10 ــ الحاج محمد زكي ، مفتي كرمنشاه 11 ــ الحاج محمد الثمامي ، المفتي بشيراز 12 ــ ميرزا أسد الله ، المفتي بتبريز 13 ــ الملا طالب ، المفتي بمازندان 14 ــ الملا محمد مهدي ، نائب الصدارة بمشهد الرضا 15 ــ الملا محمد صادق ، المفتي بخلخال 16 ــ محمد مؤمن ، المفتي بأسترآباد 17 ــ السيد محمد تقي ، المفتي بقزوين 18 ــ الملا محمد حسين ، المفتي بسبزوار 19 ــ السيد بهاء الدين ، المفتي بكرمان 20 ــ السيد أحمد ، المفتي الشافعي بأردلان ،،،،،، وغيرهم من العلماء .
ثم جاء علماء الأفغان فكتبت أسمائهم وهم : الشيخ الفاضل الملا حمزة القلنجاني الحنفي مفتي الأفغان ،،،،،، وهكذا عدد السويدي سبعة علماء من بلاد الأفغان ... ثم قال : ــ
( ثم بعد زمان جاء علماء ما وراء النهر وهم سبعة يتقدمهم شيخ جليل عليه المهابة والوقار وعليه عِمـّة مدورة تخيل للناظر أنه أبو يوسفتلميذ أبي حنيفة رحمهما الله ، فسلم عليهم وأجلسوه جهة يميني ، إلا أن بيني وبينه نحو خمسة عشر رجلاً، وأجلسوا الأفغان جهة شمالي ، وكذا بيني وبينهم نحو خمسة عشر رجىً ، وذلك من مكر العجم ودهاءهم ، خافوا أن القنهم بعض الكلمات أو أشير إليهم فكتبت أسماءهم وهم : 1ــ العلامة هادي خوجة الملقب ببحر العلم أبن علاء الدين البخاري القاضي ببخارى الحنفي ،،،،، )
وأتم الشيخ السويدي ذكر الأسماء وهم سبعة من علماء بخارى ،،ثم قال وهو يصف جلوسهم :
ــ فلما استقر الجلوس خاطب الملا باشي بحر العلم فقال له (أي العلامة هادي خوجة ): ــ أتعرف هذا الرجل ؟ ( وهو يعنيني ) فقال : ــ لا .
قال : ــ هذا من فضلاء وعلماء أهل السنة، الشيخ عبد الله أفندي ، طلبه الشاه من الوزير أحمد باشا ليحضر هذا المجلس فيكون بيننا حكماً ، وهو وكيل عن الشاه فإذا اتفق رأينا على حكم شهد علينا كلنا ، فالآن بيـّن لنا الأمور التي تكفروننا بها حتى حتى نرفعها بحظوره ، وأما في الحقيقة فلسنا بكفار عند ابي حنيفة ، قال في ( جامع الأصول) : ( مدار الإسلام على خمسة مذاهب ) ، وعدّ الخامس مذهب الإمامية ، وكذا صاحب ( المواقف ) عدّ الإمامية من الفرق الإسلامية ، وقال أبو حنيفة في الفقه الكبر : ( لا نكفّر أهل القبلة ) وقال فلان : ( وصرح بأسمه إلا أني نسيته ) في شرح هداية الفقه الحنفي ( والصحيح أن الإمامية من الفرقالإسلامية ) ، لكن لما تعقب متأخروكم كفّرونا ، كما تعقب المتأخرون منّا فكفّروكم ، وإلا فلا أنتم ولا نحن كفار ، ولكن بيـّن لنا الأمور التي ذكرها متأخروكم فكفرونا بها لكي نرفعها .
(*) من ولايات إيران وأهلها من الكرد وفي شمالها أذربيجان وفي غربها بلاد الكرد العثمانية وفي جنوبها لا رستان وفي شرقها عراق العجم ، وكانت تنقسم الى قسمين شمالي وقاعدته مدينة ( سنا ) وجنوبي يسمى كرمنشاه وقاعدته مدينة كرمنشاه .
شروط المؤتمر نصرة الشيخين ورفع التكفير أولاً
تابع العلامة بحر العلم الهادي خوجة مباحثاته مع الملا باشي وبدأ بأهم النقاط وهو تكفير الشيخين وسبهما، وقد لحق بأهل السنة والجماعة ما لحق بالشيخين مع السلف والخلف .
قال الهادي خوجة : ــ أنتم تكفرون بسبّكم الشيخين .
فقال الملا باشي : ــ رفعنا سبّ الشيخين .
فقال : ــ وتكفرون بتضليـّكم الصحابة وتكفيركم إياهم . .
( أي قولهم بأنهم ضالين كفار مخلدين في النار)
فقال الملا باشي : ــ الصحابة كلهم عدول، رضي الله عنهم ورضوا عنه .
فقال : ــ وتقولون بحلّ المتعة .
فقال : ــ هي حرام لا يقبلهاإلا السفهاء منـّا .
فقال بحر العلم : ـ وتفضّلون علياً على أبي بكر وتقولون: أنه الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال الملا باشي : ــ أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر بن أبي قحافة فعمر بن الخطاب فعثمان بن عفان فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وأن خلافتهم على هذا الترتيب الذي ذكرناه في تفضيلهم .
فقال بحر العلم : ــ فما أصولكم وعقيدتكم ؟
فقال الملا باشي : ــ أصولنا أشاعرة على عقيدة أبي الحسن الأشعري .
فقال : ــ بحر العلم : ــ أشرُط عليكم أن لا تحلـّوا حراماً معلوماً من الدين بالضرورة وحرمته مجمع عليها، ولا تحرموا حلالاً مجمعاً عليه معلوماً حلـّه بالضرورة .
فقال الملا باشي : ــ قبلنا هذا الشرط .
ثم شرط عليهم بحر العلم شروطاً لم تكن مكفـّرة كبعض ما تقدم فقبلوها ثم أن الملا باشي قال لبحر العلم : ــ فإذا نحن التزمنا جميع ذلك تعدّنا من الفرق الإسلامية ؟
فسكت بحر العلم ، ثم قال : ــ سب الشيخين كفر .
فقال الملا باشي : ــ نحن رفعنا سب الشيخين ، ورفعنا كذا وكذا ( الى آخر الشروط المتقدمة ) أفتعدّنا من الفرق الإسلامية حقاً أم تعتقد أننا كفار ؟
فسكت بحر العلم ، ثم قال: ــ سب الشيخين كفر .
فقال : ــ ألم نرفعه ؟
فقال بحر العلم : ـ سب الشيخين كفر .
ومراد بحر العلم أن من وقع منه سب الشيخين لا تُقبل توبته على مذهب الحنفية ، وأن هؤلاء الأعاجم وقع منهم السب أولاً ، فرفعهم السب في هذا الوقت لا ينفعهم شيئاً .
فقال الملا حمزة مفتي الأفغان : ــ يا هادي خوجة، أعندك بيّنة على أن هؤلاء قبل هذا المجلس صدر منهم سب الشيخين ؟
قال : ــ لا .
قال : ــ وقد صدر منهم التزام بأنه لا يقع منهم في المستقبل فلِم َلا تعدّهم من الفرق الإسلامية ؟
قال بحر العلم : ــ إذا كان الأمر كذلك فهم مسلمون لهم ما لنا وعليهم ما علينا .
فقاموا كلهم وتصافحوا، ويقول أحدهم للآخر : ( أهلاً بأخي )
وأشهدني الفرق الثلاث على ما وقع منهم والتزموه .
ثم انقضى المجلس قبيل الغروب من يوم الأربعاء لأربع وعشرين خلون من شوال فنظرت فإذا الواقفون على رؤوسنا والمحيطون بنا من العجم ما يزيد على عشرة آلاف .
ولما جاء الاعتماد ( هو اعتماد الدولة الذي كان الشيخ السويدي في ضيافته ) من عند الشاه وكان قد مضى من الليل أربع ساعات كما هي العادة ، قال لي :
ــ إن الشاه شكر فعلك، ودعا لك وهو يسلم عليك ويرجو منك أن تحضر معهم غداً في المكان الأول ، لأني أمرتهم أن يكتبوا جميع ما قرروه والتزموه في رقعة ، ويضع كل كل منهم خاتمه تحت أسمه وأرجو منك أن تكتب شهادتك فوق الرقعة في صدرها بأنك شهدت على الفرق الثلاثة بما التزموه وقرروه
وتضع خاتمك تحت أسمك .
المؤتمر في يومه الثاني
نص الوثيقة الختامية
ولو كان هناك من يسمون بالصحفيين لما أستطاعوا أن يصفوا التفاصيل كما وصفها السويدي الذي يمتاز بالملاحظة والذاكرة القوية ولا شك التركيز العالي وهو لم يفته من التفاصيل في مذكراته هذه مع موقعه الهام وهوالمخول بأدارة المؤتمر وكتابة الوثيقة بأمر من الشاه، فقد نقل لنا أحداث المؤتمر كأنها من كامرا تصويرية لم يفتها شيء . تابع الشيخ العلامة عبد الله السويدي مذكراته وهو يعلم أن ما سيدونه سيحفظه التاريخ وستقرأه الأجيال القادمة .
وقبل ظهر يوم الخميس لخمس وعشرين خلون من الشهر المذكور (شوال 1156) جاء الأمر بأن نحضر كلنا في المكان الأول ، فاجتمعنا فيه كلنا والعجم متصلة من خارج القبة إلى باب الضريح على القدم بازدحام عظيم يبلغ عددهم نحو الستين ألفاً ، فلما جلسنا ، أتوا بجريدة طولهاأكثر من سبعة أشبارسطورها طوال إلى ثلثيها والثلث مقسم أربعة أقسام بين كل قسم وقسم بياض نحو أربع أصابع أو أكثر ، لكن السطور أقصر من السطور الأولى بكثير . فأمر الملا باشي مفتي الركاب أقا حسين أن يقرأها قائماً على رؤوس الأشهاد ، وكان رجلاً طةيلاً بائناً ، فأخذ الجريدة ــ وهي مكتوبة باللغة الفارسية ــ وكان مضمونها :
( أن الله اقتضت حكمته إرسال الرسل فلم يزل يرسل رسولاً بعد رسول حتى جاءت نبوة نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولما توفي ــ وكان خاتم الأنبياء والمرسلين ـ أتفقت الأصحاب رضي الله عنهم وعلى أفضلهم وأخيـّرهم وأعلمهم : أبي بكر الصديق أبن أبي قحافة رضي الله عنه ، فأجمعوا على بيعته فبايعه كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب بطوعه واختياره ومن غير جبر ولا إكراه فتمت له البيعة والخلافة وإجماع الصحابة ( رض) حجة قطعية، وقد مدحهم الله في كتابه المجيد فقال : ( والسابقون الأولون من الالمهاجرين والأنصار) الآية ، وقال الله تعالى : ( لقد رضي الله عنه المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) الآية ، وكانوا إذ ذاك سبعمائة صحابي وكلهم حضروا بيعة الصديق، وقال صلى الله عليه وسلم ( أصحابي كالنجوم بإيهم اقتديتم اهتديتم ) .
ثم عهد أبو بكر الصديق بالخلافة لعمر بن الخطاب فبايعه الصحابة كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب ،فاتفق رأيهم على عثمان بن عفان ، ثم استشهد في الدار ولم يعهد فبقيت الخلافة شاغرة فاجتمع الصحابة في ذلك العصر على علي بن أبي طالب .
وكان هؤلاء الأربعة في مكان واحد وفي عصر واحد ، ولم يقع بينهم تشاجر ولا تخاصم ولا نزاع ، بل كان كل ٌمنهم يحب الآخر ويمدحه ويثني عليه ، حتى أن علياً ( رض) سُئل عن الشيخين فقال : هما إمامان عادلان قاسطان ، كنا على الحق وماتا عليه )، وأن أبا بكر لما ولي الخلافة قال : ( أتبايعوني وفيكم علي بن أبي طالب ؟) .
(فاعلموا أيها الإيرانيون أن فضلهم وخلافتهم على هذا الترتيب فمن سبّهم أو أنقصهم فماله وولده وعياله ودمه حلال الشاه ، وعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين ).
وكنت قد شرطت عليكم حين المبايعة في صحراء مغان عام 1148 رفع السب ، فالآن رفعته ، فمن سب قتلته وأسرت أولاده وعياله، وأخذت أمواله . ولم يكن في نواحي إيران ولا في أطرافها سب ولا شيء من هذه الأمور الفظيعة ، وإنما حدثت أيام الخبيث الشاه أسماعيل الصفوي، ولم يزل أولاده يقفون أثر ه حتى كثر السب وانتشرت البدع واتسع الخرق ، منذ عام ثمانمائة وسبعة وخمسين ، فيكون لظهور هذه القبائح ثلاثمائة سنة .)
وقبل ظهر يوم الخميس لخمس وعشرين خلون من الشهر المذكور (شوال 1156) جاء الأمر بأن نحضر كلنا في المكان الأول ، فاجتمعنا فيه كلنا والعجم متصلة من خارج القبة إلى باب الضريح على القدم بازدحام عظيم يبلغ عددهم نحو الستين ألفاً ، فلما جلسنا ، أتوا بجريدة طولهاأكثر من سبعة أشبارسطورها طوال إلى ثلثيها والثلث مقسم أربعة أقسام بين كل قسم وقسم بياض نحو أربع أصابع أو أكثر ، لكن السطور أقصر من السطور الأولى بكثير . فأمر الملا باشي مفتي الركاب أقا حسين أن يقرأها قائماً على رؤوس الأشهاد ، وكان رجلاً طةيلاً بائناً ، فأخذ الجريدة ــ وهي مكتوبة باللغة الفارسية ــ وكان مضمونها :
( أن الله اقتضت حكمته إرسال الرسل فلم يزل يرسل رسولاً بعد رسول حتى جاءت نبوة نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولما توفي ــ وكان خاتم الأنبياء والمرسلين ـ أتفقت الأصحاب رضي الله عنهم وعلى أفضلهم وأخيـّرهم وأعلمهم : أبي بكر الصديق أبن أبي قحافة رضي الله عنه ، فأجمعوا على بيعته فبايعه كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب بطوعه واختياره ومن غير جبر ولا إكراه فتمت له البيعة والخلافة وإجماع الصحابة ( رض) حجة قطعية، وقد مدحهم الله في كتابه المجيد فقال : ( والسابقون الأولون من الالمهاجرين والأنصار) الآية ، وقال الله تعالى : ( لقد رضي الله عنه المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) الآية ، وكانوا إذ ذاك سبعمائة صحابي وكلهم حضروا بيعة الصديق، وقال صلى الله عليه وسلم ( أصحابي كالنجوم بإيهم اقتديتم اهتديتم ) .
ثم عهد أبو بكر الصديق بالخلافة لعمر بن الخطاب فبايعه الصحابة كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب ،فاتفق رأيهم على عثمان بن عفان ، ثم استشهد في الدار ولم يعهد فبقيت الخلافة شاغرة فاجتمع الصحابة في ذلك العصر على علي بن أبي طالب .
وكان هؤلاء الأربعة في مكان واحد وفي عصر واحد ، ولم يقع بينهم تشاجر ولا تخاصم ولا نزاع ، بل كان كل ٌمنهم يحب الآخر ويمدحه ويثني عليه ، حتى أن علياً ( رض) سُئل عن الشيخين فقال : هما إمامان عادلان قاسطان ، كنا على الحق وماتا عليه )، وأن أبا بكر لما ولي الخلافة قال : ( أتبايعوني وفيكم علي بن أبي طالب ؟) .
(فاعلموا أيها الإيرانيون أن فضلهم وخلافتهم على هذا الترتيب فمن سبّهم أو أنقصهم فماله وولده وعياله ودمه حلال الشاه ، وعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين ).
وكنت قد شرطت عليكم حين المبايعة في صحراء مغان عام 1148 رفع السب ، فالآن رفعته ، فمن سب قتلته وأسرت أولاده وعياله، وأخذت أمواله . ولم يكن في نواحي إيران ولا في أطرافها سب ولا شيء من هذه الأمور الفظيعة ، وإنما حدثت أيام الخبيث الشاه أسماعيل الصفوي، ولم يزل أولاده يقفون أثر ه حتى كثر السب وانتشرت البدع واتسع الخرق ، منذ عام ثمانمائة وسبعة وخمسين ، فيكون لظهور هذه القبائح ثلاثمائة سنة .)
أنتهى
أختام العلماء وحقن الدماء
تابع السويدي بعد أن نقل في مذكراته هذه الوثيقة التاريخية الهامة والتي يحجم عن ذكرها الشيعة ولم يتطرق إليها إلا القلة منهم، ليس اعترافاً بها بالطبع، بل من باب تكذيبها بطريقة هشة لم يفلحوا فيها، ومن هؤلاء أمثال العالم الأمين في كتابه ( أعيان الشيعة ) في المجلد الثامن منه .
ولأن التاريخ لا ينسى ولا يجامل، فها هي بنودها جمعت كل ما يجب أن يكون من اجراءات تضع الأمور في نصابها، وتلزم المخالفين لها بعقوبات الحد التي لو طـُبقت باستعارتها ثانية ورفعها من بين أتربة الزمن لوؤدت الفتنة منذ زمن طويل ولحقـُنت دماء المسلمين ولجُنبنا شر إيران معقل الضلال، ولما غُزي العراق وانتشرت الغوغاء في بلاد الحرمين ولا شهدنا إفساد للعقيدة في عقول الشباب الشيعة في كل أنحاء العالم .
تابع العلامة لسويدي بعد تدوين الوثيقة التي قرأها الملا أقا حسين مفتي الركاب على الحضور والتي كانت باللغة الفارسية يقول في مذكراته ما نشرها الشيخ محي الدين الخطيب رحمهما الله قال :
ثم أنه تكلم كلاماً كثيراً لا محل لذكره ههنا، وإلى هنا انتهت السطور، وقد اعترضت على بعض ما جاء في هذه الرقعة، منها أني قلت للملا باشي لفظة (النصب) المذكورة في خلافة سيدنا عمر ضع بدلها لفظة (العهد) لأن في لفظة النصب شائبة أنهم ناصبة ، وأنتم تفسرون الناصبة ممن نصب نفسه لبغض علي، فعارضني بعض الحاضرين وقال : ــ
هذا خلاف ظاهر اللفظ، والمعنى الذي ذكرته لم يخطر ببال أحد ولا يقصده أحد، وأخشى أن تثور الفتنة بسببك .
ووافقه الملا باشي على ذلك ، فسكت ..
ومنها أني قلت للملا باشي : ــ إن قول علي في حق الشيخين هما إمامان .. ألخ، أنتم تحملونه على معان لا تليق بحق الشيخين .
فعارضني ذلك الرجل الأول بما مثل ما مر .
ومنها أني قلت : إن قول أبي بكر في حق علي في مدح الشيخين غير ما ذكرتموه مما هو صريح في تعظيمهما، وأذكر لكم مدح أبي بكر لعلي غير مما ذكرتموه مما هو ثابت .
فعارضني ذلك الرجل إيضاً بمثل ما تقدم ووافقه الملا باشي على ذلك .
هذا والسطور القصار التي تلي كلام الشاه مضمونها عل لسان الإيرانيين وهو : ــ
( إنـّا قد التزمنا رفع السب، وأن الصحابة فضلهم وخلافتهم على هذا الترتيب الذي هو في الرقعة، فمن سبّ منّا أو قال خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وعلينا غضب نادر شاه، ومالنا ودماؤنا وأولادنا حلال له ) .
ثم أنهم وضعهم خواتمهم في البياض الذي تحت خواتمهم . والسطور القصار التي تلي هذه على لسان أهل النجف وكربلاء والحلة والخوارزم ( ومضمونها عين الأول) ثم وضعوا خواتمهم تحت البياض المذكور، ومنهم السيد نصر الله المعروف بأبن قطة ، والشيخ جواد النجفي الكوفي وغيرهم .
والسطور القصار التي تلي ذلك على لسان الأفغانيين ومضمونها :
( أن الإيرانيين إذا التزموا ما قرروه ولم يصدر منهم خلاف ذلك فهم من الفرق الإسلامية لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ).
ثم وضعوا خواتيمهم في البياض الذي تحت أسماءهم .
والتي تلي ذلك على لسان علماء ما وراء النهر ومضمونها عين ما قاله الأفغانيون ووضعوا خواتيمهم تحت .
ثم أن هذا العبد الفقير كتب شهادته فوق صدر الورقة بأني :
( شهدت على الفرق الثلاث بما قرروه والتزموه وأشهدوني عليه )
ووضعت خاتمي تحت أسمي فوق ذلك .
وكان الوقت مشهوداً من عجائب الدنيا، وصار لأهل السنة فرح وسرور، لم يقع مثله في العصور، ولا تشبه الأعراس والأعياد والحمد لله على ذلك .
ثم أن الشاه بعث حلويات في صواني من فضة ومع ذلك مبخرة من الذهب الخالص مرصعة بجميع نفائس الجواهر مما لا يتقوم ، وفيها من العنبر ما هو قدر الفهر ( الحجر ملء الكف) وأكلنا، ثم أن الشاه وقـّف تلك المبخرة على حضرة سيدنا علي .
وخرجنا فإذا الناس من العجم والعرب والتركستان والأفغان لا يحصر عددهم إلا الله .
وكان خروجنا بعد ظهر الخميس .
ولأن التاريخ لا ينسى ولا يجامل، فها هي بنودها جمعت كل ما يجب أن يكون من اجراءات تضع الأمور في نصابها، وتلزم المخالفين لها بعقوبات الحد التي لو طـُبقت باستعارتها ثانية ورفعها من بين أتربة الزمن لوؤدت الفتنة منذ زمن طويل ولحقـُنت دماء المسلمين ولجُنبنا شر إيران معقل الضلال، ولما غُزي العراق وانتشرت الغوغاء في بلاد الحرمين ولا شهدنا إفساد للعقيدة في عقول الشباب الشيعة في كل أنحاء العالم .
تابع العلامة لسويدي بعد تدوين الوثيقة التي قرأها الملا أقا حسين مفتي الركاب على الحضور والتي كانت باللغة الفارسية يقول في مذكراته ما نشرها الشيخ محي الدين الخطيب رحمهما الله قال :
ثم أنه تكلم كلاماً كثيراً لا محل لذكره ههنا، وإلى هنا انتهت السطور، وقد اعترضت على بعض ما جاء في هذه الرقعة، منها أني قلت للملا باشي لفظة (النصب) المذكورة في خلافة سيدنا عمر ضع بدلها لفظة (العهد) لأن في لفظة النصب شائبة أنهم ناصبة ، وأنتم تفسرون الناصبة ممن نصب نفسه لبغض علي، فعارضني بعض الحاضرين وقال : ــ
هذا خلاف ظاهر اللفظ، والمعنى الذي ذكرته لم يخطر ببال أحد ولا يقصده أحد، وأخشى أن تثور الفتنة بسببك .
ووافقه الملا باشي على ذلك ، فسكت ..
ومنها أني قلت للملا باشي : ــ إن قول علي في حق الشيخين هما إمامان .. ألخ، أنتم تحملونه على معان لا تليق بحق الشيخين .
فعارضني ذلك الرجل الأول بما مثل ما مر .
ومنها أني قلت : إن قول أبي بكر في حق علي في مدح الشيخين غير ما ذكرتموه مما هو صريح في تعظيمهما، وأذكر لكم مدح أبي بكر لعلي غير مما ذكرتموه مما هو ثابت .
فعارضني ذلك الرجل إيضاً بمثل ما تقدم ووافقه الملا باشي على ذلك .
هذا والسطور القصار التي تلي كلام الشاه مضمونها عل لسان الإيرانيين وهو : ــ
( إنـّا قد التزمنا رفع السب، وأن الصحابة فضلهم وخلافتهم على هذا الترتيب الذي هو في الرقعة، فمن سبّ منّا أو قال خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وعلينا غضب نادر شاه، ومالنا ودماؤنا وأولادنا حلال له ) .
ثم أنهم وضعهم خواتمهم في البياض الذي تحت خواتمهم . والسطور القصار التي تلي هذه على لسان أهل النجف وكربلاء والحلة والخوارزم ( ومضمونها عين الأول) ثم وضعوا خواتمهم تحت البياض المذكور، ومنهم السيد نصر الله المعروف بأبن قطة ، والشيخ جواد النجفي الكوفي وغيرهم .
والسطور القصار التي تلي ذلك على لسان الأفغانيين ومضمونها :
( أن الإيرانيين إذا التزموا ما قرروه ولم يصدر منهم خلاف ذلك فهم من الفرق الإسلامية لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ).
ثم وضعوا خواتيمهم في البياض الذي تحت أسماءهم .
والتي تلي ذلك على لسان علماء ما وراء النهر ومضمونها عين ما قاله الأفغانيون ووضعوا خواتيمهم تحت .
ثم أن هذا العبد الفقير كتب شهادته فوق صدر الورقة بأني :
( شهدت على الفرق الثلاث بما قرروه والتزموه وأشهدوني عليه )
ووضعت خاتمي تحت أسمي فوق ذلك .
وكان الوقت مشهوداً من عجائب الدنيا، وصار لأهل السنة فرح وسرور، لم يقع مثله في العصور، ولا تشبه الأعراس والأعياد والحمد لله على ذلك .
ثم أن الشاه بعث حلويات في صواني من فضة ومع ذلك مبخرة من الذهب الخالص مرصعة بجميع نفائس الجواهر مما لا يتقوم ، وفيها من العنبر ما هو قدر الفهر ( الحجر ملء الكف) وأكلنا، ثم أن الشاه وقـّف تلك المبخرة على حضرة سيدنا علي .
وخرجنا فإذا الناس من العجم والعرب والتركستان والأفغان لا يحصر عددهم إلا الله .
وكان خروجنا بعد ظهر الخميس .
أنتهى
علماء تزوّر والعوام
تكررلله درك أيها الشيخ السويدي رحمك الله ،
يا لها من دراية بعقائد القوم الضالين ويا لها من يقظة وعلم بطريقة ليّ الإمامية للكلام فيظهرون عكس ما يبطنون .وأنا أنقل هذه السطور من ناشره الشيخ محي الدين الخطيب رحمه الله وصلت إلى جملة اعتراض الشيخ السويدي بأنهم يقصدون غير ما دوّن في قول علي (رض) : ( إن الشيخين إمامان قاسطان عادلان ،،،) رضوان الله عليهم،
فاندهشت، فكم تطابق هذا مع ما قاله أحد المحاورين الرافضة الذين كنت أحاورهم عن أفضلية الصديق في الخلافة في أحد المنتديات السنية، وقد وضعت له هذا النص على أنه إثبات لا يقبل الشك واعتراف من الإمام علي رضي الله عنه بفضلهما وعدالتهما، فكتب في رده ينسخ من كتب علماءهم مفسدي العقيدة وهم يتقولون عن جعفر الصادق (رض) بإن علي لم يقصد هذا بل قصد عكس المضمون ! ، والنص هو :أنه سأل رجل من المخالفين( يعني أهل السنة ) عن مولانا جعفر الصادق عليه السلام وقال : يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فقال عليه السلام: ـ (هما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق وماتا عليه فرحمة الله عليهما يوم القيامة )
فلما انصرف الناس قال له رجل من الخواص (يعني الشيعة) : يا بن رسول الله لقد تعجبت مما قلت في حق أبى بكر وعمر ، فقال عليه السلام : نعم هما إماما أهل النار كما قال تعالى " وجعلناهم ائمة يدعون الى النار " ، وأما القاسطان فقد قال تعالى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " ، وأما العادلان فلعدولهما عن الحق كقوله تعالى " والذين كفروا بربهم يعدلون " ، والمراد من الحق الذى كانا مستوليين عليه هو أمير المؤمنين عليه السلام حيث آذياه وغصبا حقه عنه ، والمراد من موتهما على الحق إنهما ماتا على عداوته (ع) من غير ندامة على ذلك والمراد من رحمة الله رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله فانه كان رحمة للعالمين وسيكون مغضبا ًعليهما خصما ًلهما منتقما ًمنهما يوم الدين . !!!
يا الله ! أي قلب هذا الذي يحمل هذا الحقد الدفين؟هذا الكذب المفضوح الذي يستطيع كل عقل واع ٍ وقلب صاح ٍ أن يراه .
تكررلله درك أيها الشيخ السويدي رحمك الله ،
يا لها من دراية بعقائد القوم الضالين ويا لها من يقظة وعلم بطريقة ليّ الإمامية للكلام فيظهرون عكس ما يبطنون .وأنا أنقل هذه السطور من ناشره الشيخ محي الدين الخطيب رحمه الله وصلت إلى جملة اعتراض الشيخ السويدي بأنهم يقصدون غير ما دوّن في قول علي (رض) : ( إن الشيخين إمامان قاسطان عادلان ،،،) رضوان الله عليهم،
فاندهشت، فكم تطابق هذا مع ما قاله أحد المحاورين الرافضة الذين كنت أحاورهم عن أفضلية الصديق في الخلافة في أحد المنتديات السنية، وقد وضعت له هذا النص على أنه إثبات لا يقبل الشك واعتراف من الإمام علي رضي الله عنه بفضلهما وعدالتهما، فكتب في رده ينسخ من كتب علماءهم مفسدي العقيدة وهم يتقولون عن جعفر الصادق (رض) بإن علي لم يقصد هذا بل قصد عكس المضمون ! ، والنص هو :أنه سأل رجل من المخالفين( يعني أهل السنة ) عن مولانا جعفر الصادق عليه السلام وقال : يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فقال عليه السلام: ـ (هما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق وماتا عليه فرحمة الله عليهما يوم القيامة )
فلما انصرف الناس قال له رجل من الخواص (يعني الشيعة) : يا بن رسول الله لقد تعجبت مما قلت في حق أبى بكر وعمر ، فقال عليه السلام : نعم هما إماما أهل النار كما قال تعالى " وجعلناهم ائمة يدعون الى النار " ، وأما القاسطان فقد قال تعالى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " ، وأما العادلان فلعدولهما عن الحق كقوله تعالى " والذين كفروا بربهم يعدلون " ، والمراد من الحق الذى كانا مستوليين عليه هو أمير المؤمنين عليه السلام حيث آذياه وغصبا حقه عنه ، والمراد من موتهما على الحق إنهما ماتا على عداوته (ع) من غير ندامة على ذلك والمراد من رحمة الله رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله فانه كان رحمة للعالمين وسيكون مغضبا ًعليهما خصما ًلهما منتقما ًمنهما يوم الدين . !!!
يا الله ! أي قلب هذا الذي يحمل هذا الحقد الدفين؟هذا الكذب المفضوح الذي يستطيع كل عقل واع ٍ وقلب صاح ٍ أن يراه .
القرآن الكريم واضح فالآية التي تقول بأئمة أهل النار نزلت في حق فرعون وقومه، أما الآية {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً }الجن15 فتبينها الآية التي قبلها تماماً {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً }الجن14، وأما " والذين كفروا بربهم يعدلون " ، فقد أخطأوا مرتين، في النص والمعنى فالآية هي : {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ }(1)الأنعام . أما المعنى فقد دلت عليه لغة العرب فالجملة (يعدلون بربهم) وعدل ب معناها ساوى ب وهي غير (عدل عن) ومعناها تركه وانصرف عنه، وهذا أجمع عليه علماء التفسير ومعناها؛ (فإن الكافرين يسوون بالله غيره, ويشركون به)، لكن الفرس غيروا المعنى لغايات هدم الدين وتفرقة الأمة إلى (يريدان أن يستوليان على الإمامة والحكم بعدولهما عن الإقرار بإمامة علي)، فانظروا إلى هؤلاء الحاقدين أي مبلغ وصلوا إليه وعلى أي عقول جاهلة مهيمن عليها أعتمدوا في تصدير دينهم الغريب، والمؤلم أنهم وجدوا من يشتري بضاعتهم المخربة .
في كتب الفريقين السنة والشيعة معلوم أن علي كان المستشار لأبي بكر وعمر ــ مع أنه لم يكن الوحيد ـ ولذا فإن طعنَ جعفر الصادق في إيمانهما فيعني أنه طعن في جده لأنه بايع كافريّن وأعانهما، وهذه ليست من صفات الإمام العدل المكلف من الله كما يدعون، وبذلك سقطت العصمة من جذورها فهنيئاً للإمامية.
أما عن الإمام جعفر الصادق رضي الله فكم تقـّول عنه الكاذبون حتى أن كذبهم أقر به علماء الإمامية أنفسهم وقالوا ما من رواية إلا وهناك ما يضادها، ولهذا فأن كل قول للإمام جعفر الصادق يخالف القرآن والسنة ومنطقية الأحداث وطبيعة المصاهرة بين الآل والأصحاب هو دليل على أن القول لا صحة فيه . ثم نأتي إلى كتبهم وهي شاهدة عليهم في عدة مواضع، فكيف يصدر عن جعفر الصادق مثل هذا الكلام وهو القائل (ولدني أبو بكر مرتين) ، ومن كتبهم في الروضة منالكافي في حديث أبي بصير مع المرأة التى جاءت إلى أبي عبدالله تسأل عنأبي بكر وعمر فقال لها : تولـّيهُما .فقالت : فأقول لربي اذا لقيتُه ُأنك أمرتنيبولايتهما ؟ قال : نعم .
ومن كتبهم عن علي وهو القائل في مدح الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم شاهداً :ــ "إن خيرهذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر" في كتاب الشافي" ج2ص428 ، وعن جعفر بن محمد عن ابيه ان رجلا من قريش جاء إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : سمعتك تقول في الخطبة آنفا أللّهم أصلحنا بما أصلحت بهالخلفاء الراشدين فمن هما؟ قال: حبيباي وعماك أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلامورجلا قريش والمقتدي بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من اقتدى بهما عصم ومنأتبع آثارهما هدى إلى صراط مستقيم . تلخيص الشافي للطوسي ج2ص 428 ، وغيرها الكثير .
إن رواياتهم التي تدس السم في التاريخ لا تتجانس ولا تتوافق مع مجريات الأحداث في عهد الخلافة الراشدة التي يزعمون اغتصابها من مستحقها الشرعي علي بن أبي طالب ، فأبو بكر الصديق هو من حارب أهل الردة مع علي رضوان الله عليهما، وأمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه هو من نشر الإسلام بالفتوحات العظيمة في بلاد فارس والروم، وقد تقوى الإسلام في عهده وأعزه الله به كما في الحديث النبوي الشريف ، وقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وهو يمتدحه : كان الإسلام في زمن عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا فلما قتل كان كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا.
ثم أن علي ّهو أحد المبشرين بالجنة مع أبي بكر وعمر وعثمان، وقد أنزل الله في حقهم آيات عديدة تبين ثوابهم ورضى الله عنهم ، وهذا مما هو معروف بين المسلمين جميعاً، فهل فهمها عامة المسلمون وجهلها جعفر الصادق رضي الله عنه وهو من آل البيت ؟
والله لن يرضى جعفر ولا علي ولا الحسين ولا آل البيت جميعاً على هؤلاء الرافضة.
إن هذا الإختلاف الكبير في الروايات فطن له علماء الرافضة ولم يعدلوا كتبهم لأنها مادة وأساس دين التشيع الإمامي الأثني عشري لا القرآن الكريم ولا الحديث الشريف، ولهذا أبقوا عليها بلا تنقيح . إن هذه الروايات التي لم يقتنع بها البعض صارت عليهم وبال وجعلت الكثير من علماءهم الكبار تترك التشيع إلى التسنن على نهج الصحابة والآل بفضل الله .
ولكن كيف إذا ناقشهم شيعي إمامي حار في أمرها أو أي أحد من أهل السنة ؟ وهنا يتبين الدهاء الفارسي اليهودي وما أحدث في الإسلام، فعندما عابهم أهل السنة على تضاد الروايات الواردة في كتبهم لجأوا الى مبدأ (التقية) وعللوا به للتخلص من هذا التناقض، أي نسبوا الكذب والنفاق لآل البيت وتركوا واجب الدعوة والأمر بالمعروف وراء ظهورهم !
يا لمحبي آل البيت
في كتب الفريقين السنة والشيعة معلوم أن علي كان المستشار لأبي بكر وعمر ــ مع أنه لم يكن الوحيد ـ ولذا فإن طعنَ جعفر الصادق في إيمانهما فيعني أنه طعن في جده لأنه بايع كافريّن وأعانهما، وهذه ليست من صفات الإمام العدل المكلف من الله كما يدعون، وبذلك سقطت العصمة من جذورها فهنيئاً للإمامية.
أما عن الإمام جعفر الصادق رضي الله فكم تقـّول عنه الكاذبون حتى أن كذبهم أقر به علماء الإمامية أنفسهم وقالوا ما من رواية إلا وهناك ما يضادها، ولهذا فأن كل قول للإمام جعفر الصادق يخالف القرآن والسنة ومنطقية الأحداث وطبيعة المصاهرة بين الآل والأصحاب هو دليل على أن القول لا صحة فيه . ثم نأتي إلى كتبهم وهي شاهدة عليهم في عدة مواضع، فكيف يصدر عن جعفر الصادق مثل هذا الكلام وهو القائل (ولدني أبو بكر مرتين) ، ومن كتبهم في الروضة منالكافي في حديث أبي بصير مع المرأة التى جاءت إلى أبي عبدالله تسأل عنأبي بكر وعمر فقال لها : تولـّيهُما .فقالت : فأقول لربي اذا لقيتُه ُأنك أمرتنيبولايتهما ؟ قال : نعم .
ومن كتبهم عن علي وهو القائل في مدح الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم شاهداً :ــ "إن خيرهذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر" في كتاب الشافي" ج2ص428 ، وعن جعفر بن محمد عن ابيه ان رجلا من قريش جاء إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : سمعتك تقول في الخطبة آنفا أللّهم أصلحنا بما أصلحت بهالخلفاء الراشدين فمن هما؟ قال: حبيباي وعماك أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلامورجلا قريش والمقتدي بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من اقتدى بهما عصم ومنأتبع آثارهما هدى إلى صراط مستقيم . تلخيص الشافي للطوسي ج2ص 428 ، وغيرها الكثير .
إن رواياتهم التي تدس السم في التاريخ لا تتجانس ولا تتوافق مع مجريات الأحداث في عهد الخلافة الراشدة التي يزعمون اغتصابها من مستحقها الشرعي علي بن أبي طالب ، فأبو بكر الصديق هو من حارب أهل الردة مع علي رضوان الله عليهما، وأمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه هو من نشر الإسلام بالفتوحات العظيمة في بلاد فارس والروم، وقد تقوى الإسلام في عهده وأعزه الله به كما في الحديث النبوي الشريف ، وقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وهو يمتدحه : كان الإسلام في زمن عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا فلما قتل كان كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا.
ثم أن علي ّهو أحد المبشرين بالجنة مع أبي بكر وعمر وعثمان، وقد أنزل الله في حقهم آيات عديدة تبين ثوابهم ورضى الله عنهم ، وهذا مما هو معروف بين المسلمين جميعاً، فهل فهمها عامة المسلمون وجهلها جعفر الصادق رضي الله عنه وهو من آل البيت ؟
والله لن يرضى جعفر ولا علي ولا الحسين ولا آل البيت جميعاً على هؤلاء الرافضة.
إن هذا الإختلاف الكبير في الروايات فطن له علماء الرافضة ولم يعدلوا كتبهم لأنها مادة وأساس دين التشيع الإمامي الأثني عشري لا القرآن الكريم ولا الحديث الشريف، ولهذا أبقوا عليها بلا تنقيح . إن هذه الروايات التي لم يقتنع بها البعض صارت عليهم وبال وجعلت الكثير من علماءهم الكبار تترك التشيع إلى التسنن على نهج الصحابة والآل بفضل الله .
ولكن كيف إذا ناقشهم شيعي إمامي حار في أمرها أو أي أحد من أهل السنة ؟ وهنا يتبين الدهاء الفارسي اليهودي وما أحدث في الإسلام، فعندما عابهم أهل السنة على تضاد الروايات الواردة في كتبهم لجأوا الى مبدأ (التقية) وعللوا به للتخلص من هذا التناقض، أي نسبوا الكذب والنفاق لآل البيت وتركوا واجب الدعوة والأمر بالمعروف وراء ظهورهم !
يا لمحبي آل البيت
ملاحظات هامة على الأتفاق الموثق
أن مجريات الأحداث منذ وصول الشيخ السويدي إلى لحظة لقاءه مع نادر شاه وكلامه معه على أثر نجاحه المذكور في المؤتمر الذي وصل إلى أهدافه في يومين فقط تجعل التساؤلات تتسارع إلى الذهن بكيفية حقن الدماء بهذه السرعة، ولاسيما وهي من حيث المنشأ عقائدية أي متأصلة وأساس تبنى عليه مواقف وسياسات، خاصة وأنها ما زالت حديثة العهد تستعر في القلوب ؟
أرى إن هذا اللقاء الأخير للعلامة عبد الله السويدي مع السلطان نادر شاه إيران إنما كان غرضه أن يثبت العلامة السويدي كلامه للتاريخ بمجموعة فقرات لم يشأ أن يمليها بل تركها مشافهة وهذا نوع من الدهاء الفارسي ، وقد حصل . من هذه الفقرات افتخاره بإطفاء الفتنة ، ورفع السب ، واعتراف بالمذهب الجعفري كمذهب خامس ، لكن التاريخ ثبت أنه ما أراد من هذا المؤتمر إلا التخفيف عن جيشه الذين كانوا من الإيرانيين الرافضة ، ترسيخ ملكه وكسب أهل السنة له مع أغراض أخرى أذكرها في نهاية الموضوع ، وكذلك طعنه بالملك سليم الأول بالذات ولا شك أنه لم ينسى دحرهم في معركة جالديران بين الدولة الصفوية والعثمانية ، ثم من العجيب أن نادر شاه عاب على السلطان سليم بأنه سفك الدماء، ونسي أنه ما جاء إلى العراق إلا بسفك دماء شعبه وحصار دام ثمانية أشهر كتب عنه التاريخ حقداً على العرب ، ثم وهو يعترف بأن لا أب له ولا جد يعرفه !!
فهل يتساوى كل هذا مع معروف النسب سليم باشا العثماني فضلاً على التفضيل ؟
أما السهولة التي تم بها رفع سب الشيخين فهي بلا شك دلالة على أنها أوامر مسبقة من النادر شاه لمصالحه التوسعية ، ولكن الله تعالى الحكيم الخبير نصر الشيخين بجنوده وهو ناصر المؤمنين .
وقد قرأت رأي المؤرخ علي الوردي بعد أن كتبتُ هذا في كتابه (لمحات من التاريخ العراقي) متوافقاً، حيث قال منوهاً إلى مذكرات الشيخ عبد الله السويدي عندما قال له الملا حمزة : ـــ
" كن أميناً من هذه فإن الشاه جعل على هذا المجلس ناظراً، وعلى الناظر ناظر آخر، ثم على الآخر آخر، وكل واحد لم يدر بحال صاحبه فلا يمكن أن ينقل للشاه خلاف الواقع " . إن هذا يدل على إن شخصية نادر شاه كانت مسيطرة على المؤتمر سيطرة فعالة، فكان كل واحد من أعضاء المؤتمر يشعر كأنه مراقب من قبل الشاه ويعلم أن أي بادرة للعناد والمماحكة تصدرمنه أثناء الجدال قد تؤدي إلى غضب الشاه عليه .
وقال أيضاً في فقرة ( إرادة الجبار ) ما نصه : ( أرجَح الظن أن العامل الرئيسي في نجاح المؤتمر على الرغم من عقم طريقة الجدال فيه ما يمكن أن نسميه ( إرادة الجبار) ونعني به إرادة نادر شاه ، فقد كان هذا الرجل يريد نجاح المؤتمر بأي صورة ، والظاهر أنه أوعز قبيل انعقاد المؤتمر إلى الملا باشي وسائر علماء الشيعة بأن لا يكثروا من الجدل مع السويدي ولا يعاندوه .
أتسائل
لماذا كل هذا الجهد والأموال التي صُرفت ؟ إلا لغاية كبرى لا تتيسر إلا بتقديم تنازلات ؟
هل رضى الشعب المُحتل يستحق ؟ أم أن عطفه على جنوده فقط هو السبب المباشر ؟
وهل يمكن أن تجتمع رأفة ووحشية في قلب واحد لدكتاتور فارسي ؟
بالطبع لا فالغاية أكبر توازي الرضوخ إلى إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهذا ما سأنقله بعدة بنود لا سابقة لها في التاريخ من كتاب لمحات من التاريخ العراقي الجزء الأول صفحة 134 للمؤرخ علي الوردي الذي كان أستاذ يدرس في جامعة بغداد مادة علم الاجتماع .
صلاة الجمعة ! وثناء على الخلفاء
يتابع الشيخ عبد الله السويدي في مذكراته التوجه لصلاة الجمعة في النجف ويقول :
وصبيحة الجمعة أرتحل إلى الكوفة ، وهي عن النجف مقدار فرسخ وشيء ، فلما قرب الظهر أمر مؤذنيه فاعلنوا باذان الجمعة، وجاء الأمر بحضورها، فقلت لاعتماد الدولة :
ــ إن صلاة الجمعة لا تصح عندنا في جامع الكوفة . أما عند أبي حنيفة فلعدم المصر ، وأما عند الشافعي فلعدم الأربعين من أهل البلد .
فقال : ـ المراد حضورك هناك حتى تسمع الخطبة ، فإن شئت صليت وإن شئت لا .
فذهبت إلى الجامع ، فرأيته غاصاً بالناس ، فيه نحو خمسة آلاف رجل وجميع علماء إيران والخانات حاضرون . وكان على على المنبر أمام الشاه على مدد ، فصارت مشورة بين الملا باشي وبين علماء كربلاء فأمر الملا باشي بإنزال على مدد ، وصعد الكربلائي فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :
ــ وعلى الخليفة الأول من بعده بالتحقيق ، أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعلى الخليفة الثاني الناطق بالصدق والصواب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أنتهى
ــ يقول السويدي معلقاً على الخطبة ــ (لكنه كسر الراء من عمر مع أن الخطيب إمام في العربية ولكنه قصد دسيسة لا يعرفها إلا الفحول ، وهي أن منع صرف عمر إنما كان للعدل والمعرفة قصرفه هذا الخبيث قصداً إلى أنه لا عدل فيه ولا معرفة ، قاتله الله من خطيب وأخزاه، ومحقه وأذله في دنياه وعقباه ) ثم قال :
ــ وعلى الخليفة الثالث جامع القرآن ، عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه . وعلى الخليفة الرابع ليث بني غالب ، سيدنا علي بن أبي طالب . وعلى الحسن والحسين ، وعلى باقي الصحابة والقرابة رضوان الله عليهم أجمعين . اللهم أدم دولة ظل الله في العالم ، سلطان سلاطين بني آدم ، كيوان رفعته، ومريخ جلادته ، ثاني اسكندر ذي القرنين سلطان البرين وخاقان البحرين، خادم الحرمين الشريفين السلطان مصطفى خان ، أيد الله خلافته وخلد سلطنته ، ونصر جيوشه الموحدين على القوم الكافرين بحرمة الفاتحة .
ثم دعا لنادر شاه دعاء أقل من ذلك، بعضه بلفارسية وبعضه بالعربية، ومضمون الفارسية ( اللهم أدم دولة من أضاءت به الشجرة التركمانية ، قاب الرياسة وجنكيز الرياسة ) أما التي بالعربية فهو ( ملاذ السلاطين وملجأ الخوانين ظل الله في العالمين ، قران نادر دوران ) ثم نزل فأقيمت الصلاة وتقدم ودخل في الصلاة ، فأسبل يديه وجميع من وراءه من علماء وخوانين واضعين أيمانهم على شمائلهم .
فقرأ الفاتحة وسورة الجمعة ورفع يديه وقنت جهراً قبل الركوع ، ثم ركع وجهر بتسبيحات ، ثم رفع رأسه قائلاً ( الله أكبر) بلا ( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) فقنت في اعتدالهثانياً جهراً ، ثم سجد فقرأ تسبيحات السجود ومعها شيء آخر بأعلى صوته ثم رفع رأسه وجهر بين السجدتين ثم سجد ثانياً وجهر بالتسبيحات كالأول مع ما ضم إليها من الأدعية ، ثم قام إلى الركعة الثانية فقرأ الفاتحة وسورة المنافقين وفعل كفعله الأول ، وجلس للتشهد فقرأ شيئاً كثيراً ما فيه من تشهدنا إلا ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) وهذا أيضاً جهر به ثم سلم على اليمين فقط واضعاً يديه على رأسه .
ثم جاءت من طرف الشاه حلويات كثيرة وحصلت إذ ذاك غلبة وازدحام بحيث وقعة عمامة الملا باشي من رأسه وجرحت سبابته ، فسألت :
ــ لِم َ هذا الازدحام والمبالغة ؟
فقيل لي : ـ إن الشاه إذا سمع بازدحامهم ومغالبتهم يحصل له انبساط وسوراً فلذا يتزاحمون ويتغالبون .
ثم خرجنا ، فقال الاعتماد : ــ كيف رأيت الخطبة والصلاة ؟
فقلت : ــ إن الخطبة فلا كلام فيها وأما الصلاة فهي خارجة عن المذاهب الأربعة على غير ما شرط عليهم من أنهم لا يتعاطون أمراً خارجاً عن المذاهب الأربعة فينبغي للشاه أن يؤدب على ذلك .
فأخبر الشاه فغضب وأرسل مع الاعتماد يقول لي : ــ أخبر أحمد خان أني أرفع جميع الخلافات حتى السجود على التراب ( التربة الحسينية ) .
ــ إن صلاة الجمعة لا تصح عندنا في جامع الكوفة . أما عند أبي حنيفة فلعدم المصر ، وأما عند الشافعي فلعدم الأربعين من أهل البلد .
فقال : ـ المراد حضورك هناك حتى تسمع الخطبة ، فإن شئت صليت وإن شئت لا .
فذهبت إلى الجامع ، فرأيته غاصاً بالناس ، فيه نحو خمسة آلاف رجل وجميع علماء إيران والخانات حاضرون . وكان على على المنبر أمام الشاه على مدد ، فصارت مشورة بين الملا باشي وبين علماء كربلاء فأمر الملا باشي بإنزال على مدد ، وصعد الكربلائي فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :
ــ وعلى الخليفة الأول من بعده بالتحقيق ، أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعلى الخليفة الثاني الناطق بالصدق والصواب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أنتهى
ــ يقول السويدي معلقاً على الخطبة ــ (لكنه كسر الراء من عمر مع أن الخطيب إمام في العربية ولكنه قصد دسيسة لا يعرفها إلا الفحول ، وهي أن منع صرف عمر إنما كان للعدل والمعرفة قصرفه هذا الخبيث قصداً إلى أنه لا عدل فيه ولا معرفة ، قاتله الله من خطيب وأخزاه، ومحقه وأذله في دنياه وعقباه ) ثم قال :
ــ وعلى الخليفة الثالث جامع القرآن ، عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه . وعلى الخليفة الرابع ليث بني غالب ، سيدنا علي بن أبي طالب . وعلى الحسن والحسين ، وعلى باقي الصحابة والقرابة رضوان الله عليهم أجمعين . اللهم أدم دولة ظل الله في العالم ، سلطان سلاطين بني آدم ، كيوان رفعته، ومريخ جلادته ، ثاني اسكندر ذي القرنين سلطان البرين وخاقان البحرين، خادم الحرمين الشريفين السلطان مصطفى خان ، أيد الله خلافته وخلد سلطنته ، ونصر جيوشه الموحدين على القوم الكافرين بحرمة الفاتحة .
ثم دعا لنادر شاه دعاء أقل من ذلك، بعضه بلفارسية وبعضه بالعربية، ومضمون الفارسية ( اللهم أدم دولة من أضاءت به الشجرة التركمانية ، قاب الرياسة وجنكيز الرياسة ) أما التي بالعربية فهو ( ملاذ السلاطين وملجأ الخوانين ظل الله في العالمين ، قران نادر دوران ) ثم نزل فأقيمت الصلاة وتقدم ودخل في الصلاة ، فأسبل يديه وجميع من وراءه من علماء وخوانين واضعين أيمانهم على شمائلهم .
فقرأ الفاتحة وسورة الجمعة ورفع يديه وقنت جهراً قبل الركوع ، ثم ركع وجهر بتسبيحات ، ثم رفع رأسه قائلاً ( الله أكبر) بلا ( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) فقنت في اعتدالهثانياً جهراً ، ثم سجد فقرأ تسبيحات السجود ومعها شيء آخر بأعلى صوته ثم رفع رأسه وجهر بين السجدتين ثم سجد ثانياً وجهر بالتسبيحات كالأول مع ما ضم إليها من الأدعية ، ثم قام إلى الركعة الثانية فقرأ الفاتحة وسورة المنافقين وفعل كفعله الأول ، وجلس للتشهد فقرأ شيئاً كثيراً ما فيه من تشهدنا إلا ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) وهذا أيضاً جهر به ثم سلم على اليمين فقط واضعاً يديه على رأسه .
ثم جاءت من طرف الشاه حلويات كثيرة وحصلت إذ ذاك غلبة وازدحام بحيث وقعة عمامة الملا باشي من رأسه وجرحت سبابته ، فسألت :
ــ لِم َ هذا الازدحام والمبالغة ؟
فقيل لي : ـ إن الشاه إذا سمع بازدحامهم ومغالبتهم يحصل له انبساط وسوراً فلذا يتزاحمون ويتغالبون .
ثم خرجنا ، فقال الاعتماد : ــ كيف رأيت الخطبة والصلاة ؟
فقلت : ــ إن الخطبة فلا كلام فيها وأما الصلاة فهي خارجة عن المذاهب الأربعة على غير ما شرط عليهم من أنهم لا يتعاطون أمراً خارجاً عن المذاهب الأربعة فينبغي للشاه أن يؤدب على ذلك .
فأخبر الشاه فغضب وأرسل مع الاعتماد يقول لي : ــ أخبر أحمد خان أني أرفع جميع الخلافات حتى السجود على التراب ( التربة الحسينية ) .
كلام في المذهب الجعفري مع الملا باشي
من وعي عالم دين فطن إلى أن التشيع ببدعه لا يكفي أن يرفع سب الشيخين وإنما هو عبادات يومية تتعلق بأهم ركن في الإسلام إلا وهو الصلاة وقد أنتبه إليها وأبلغ باختلافها مع الصلاة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها وهي ما هم عليه أهل المذاهب من أركانها الأساسية.
فهل أنتهى الأمر هكذا وتم تشخيص الفروق ؟ كان السويدي يعلم أن التعديل يجب أن يتم من الأساس من النهج الذي يتبعوه وهو المذهب الجعفري كما يزعمون .
فكان له مع الملا باشي هذا الحوار . وهو يقول في مذكراته في نهايتها .
واجتمعت مع الملا باشي عصر يوم الجمعة ، وتذاكرنا في خصوص مذهب الجعفرية ( مذهب جعفر الصادق)
فقلت : إن المذهب الذي تتعبدون عليه باطل لا يرجع الى اجتهاد مجتهد .
قال الملا باشي : هذا هو أجتهاد جعفر الصادق * .
قلت : ليس لجعفر الصادق فيه شيء ، و أنتم لا تعرفون مذهب جعفر الصادق .
فإن قلتم : إن في مذهب جعفر الصادق تقية ، فلا أنتم و لا غيركم يعرف مذهبه لاحتمال كل مسألة أن تكون تقية ، فأنه بلغني عنكم أن له في البئر إذا وقعت فيها نجاسة ثلاثة أقوال :
أحدها أنه سئل عنها فقال : هي بحر لا ينجسها شيء .
ثانيها : انها تنزح كلها .
ثالثها : ينزح منها سبعة دلاء أو ستة .
فقلت لبعض علمائكم كيف تصنعون بهذه الأقوال الثلاثة ؟
فقال : ــ مذهبنا أن الإنسان إذا صـارت له أهلية الاجتهاد يجتهد في أقوال جعفر الصادق فيصــحح واحـــداً منها .
قلت : و ما يقول في الباقي ؟
قال : يقول أنها تقية .
قلت : إذا أجتهد واحد فصحح غير هذا القول فما يقول في القول الذي صححه المجتهد الاول ؟
قال يقول أنها تقية .
قلت : ــ إذن ضاع مذهب جعفر الصادق .
إذ كل مسألة تنسب له يحتمل ان تكون تقية إذ لا علاقة تميز بين ما هو للتقية و بين غيره فانقطع ذلك العلم .. فما جوابك أنت ؟
فانقطع هو أيضاً . فقلت : ــ فإن قلتم ( ليس في مذهب جعفر الصادق تقية ) فهو في مذهب غير المذهب الذي أنتم عليه لأنكم كلكم تقولون بالتقية .
أنقطع الملا باشي ، ثم ذكرت له دلائل غير هذا تدل على أن الذي في أيديهم ليس بمذهب جعفر الصادق .
ثم أذِن لي الشاه بالعودة إلى بغداد ، وأرسل معي صورة الجريدة وصورة الخطبة ، فلأجل هذا الذي حدث عزمت على الحج ، اللهم يَسر ذلك .
* هذا التعبير لا يتفق و طبيعة أعتقاد الشيعة في كلام جعفر و سائر الأئمة عندهم هم مشرعون لا مجتهدون ، و قولهم كقول الرسول صلى الله عليه و سلم في اعتقادهم ، نقلاً عن ، القفاري ، المصدر السابق ، هامش ، ص 163 .
تم الكتاب ولله الحمد .
الجزء الأخير
حقيقة أغراض مؤتمر النجف في بنوده
من يقرأ هذه المذكرات لا بد وأن جال في عقله سؤال عن غرض هذا المؤتمر الذي جمع له نادر شاه علماء الدين من مختلف البلدان وصرف أموال طائلة وأقر برفع السب ثم لم يكتفي بهذا بل جمع الكل في خطبة تثني على الخلفاء الراشدين وتترضى عليهم وهو ما لا يفعله الشيعة الصفويين سابقاً ولا لاحقاً ، ألأجل حفنة من الجنود يمكن استبدالهم بل يمكن التضحية بهم في سبيل أطماعه وطبيعته السادية المعروفة ؟
طبعاً لا ، ففي كتاب المؤرخ العراقي علي الوردي ( تاريخ العراق الحديث ) قد ذكر البنود التي تم الاتفاق عليها والوعد بتطبيقها من كلا الطرفين ما تكمل الصورة وتبين حقيقة هذه النفس الشيطانية الفارسية. ويا لها من بنود جهنمية مداها إلى نجد، أنقلها من كتاب تاريخ العراق الحديث الجزء الأول للأستاذ علي الوردي بعنوان ( قرارات المؤتمر ):
وبعد مجادلات طويلة لا مجال لذكرها تم الإتفاق على قرارات معينة، ثم اجتمع علماء الطائفتين أخيراً تحت المسقف المنصوب وراء ضريح الإمام فكتبوا محضراً يشتمل على خمس مواد وهي :
الأولى : بما أن أهل إيران عدلوا عن العقائد السالفة، ونكلوا عن الرفض والسب، وقبلوا المذهب الجعفري الذي هو من المذاهب الحقة، فالمأمول من القضاء والعلماء والأفندية اكرام الإذعان بذلك وجعله خامس المذاهب .
من يقرأ هذه المذكرات لا بد وأن جال في عقله سؤال عن غرض هذا المؤتمر الذي جمع له نادر شاه علماء الدين من مختلف البلدان وصرف أموال طائلة وأقر برفع السب ثم لم يكتفي بهذا بل جمع الكل في خطبة تثني على الخلفاء الراشدين وتترضى عليهم وهو ما لا يفعله الشيعة الصفويين سابقاً ولا لاحقاً ، ألأجل حفنة من الجنود يمكن استبدالهم بل يمكن التضحية بهم في سبيل أطماعه وطبيعته السادية المعروفة ؟
طبعاً لا ، ففي كتاب المؤرخ العراقي علي الوردي ( تاريخ العراق الحديث ) قد ذكر البنود التي تم الاتفاق عليها والوعد بتطبيقها من كلا الطرفين ما تكمل الصورة وتبين حقيقة هذه النفس الشيطانية الفارسية. ويا لها من بنود جهنمية مداها إلى نجد، أنقلها من كتاب تاريخ العراق الحديث الجزء الأول للأستاذ علي الوردي بعنوان ( قرارات المؤتمر ):
وبعد مجادلات طويلة لا مجال لذكرها تم الإتفاق على قرارات معينة، ثم اجتمع علماء الطائفتين أخيراً تحت المسقف المنصوب وراء ضريح الإمام فكتبوا محضراً يشتمل على خمس مواد وهي :
الأولى : بما أن أهل إيران عدلوا عن العقائد السالفة، ونكلوا عن الرفض والسب، وقبلوا المذهب الجعفري الذي هو من المذاهب الحقة، فالمأمول من القضاء والعلماء والأفندية اكرام الإذعان بذلك وجعله خامس المذاهب .
الثانية : أن الأركان الأربعة من الكعبة المعظمة في المسجد الحرام التي تعلق بالمذاهب الأربعة ، فالمذهب الجعفري يشاركهم في الركن الشامي بعد فراغ الإمام الراتب فيه من الصلاة ــ يصلون بإمامهم على طريقة الجعفرية .
الثالثة : في كل سنة يُعين من حكومة إيران أمير للحاج الإيراني ويكون في الدولة العلية العثمانية أعلى شأناً من الأمير المصري والشامي .
الرابعة: فك الأسرى من الجانبين ومنع وقوع التحقير عليهم .
الخامسة : يعين وكيلان في الدولتين في مقر السلطنتين لأجل القيام بمصالح المملكتين وبهذه الوسيلة ترتفع الاختلافات الصورية والمعنوية ما بين أمة سيد الثقلين .
ثم سجلت في المحضر خلاصة العقيدة التي تم الاتفاق عليها بين الفريقين وهي الإقرار بالخلفاء الأربعة على الترتيب وأن جعفر الصادق من ذرية الرسول وممدوح سائر الأمم ومقبول عند أئمة سائر المذاهب، فمن أظهر العداوة له فهو عار من كسوة الدين . ثم سُجلت كذلك شهادة أهل السنة على هذه العقيدة . أنتهى
يتضح أن الكسب الكبير هو جعل ركن من أركان الكعبة المشرفة للشيعة يقومون فيه بالصلاة على طريقتهم بل حددوا الركن الشامي تحديداً دون غير بينما بلاد فارس والعراق في أتجاه مغاير ومعاكس ! إضافة إلى تعيين وكيل لهم يشارك في حل الخلاف ظاهرياً وفي القرارات بمعنى أصح هو ما يصبو إليه دهاء هذا الشاه والذي هو حتماً ما يصبو إليه مراجع قم إلى يومنا هذا ، وما فشلوا في تحقيقه عن طريق مؤتمرات التقريب المائعة التي أضرت بأهل السنة يجري تحقيقه عن طريق الغزو للعراق ومنه إلى مكة لنشر ولاية الفقيه السفيه، وهيهات لهم ذلك .
علي الوردي وطائفيته الشيعية واتهاماته الخطيرة للسويدي :
علي الوردي وطائفيته الشيعية واتهاماته الخطيرة للسويدي :
من قراءتي لكتاب علي الوردي الجزء الأول منه ولعدة فصول وجدت في كتابه تعليقات كثيرة واستنتاجات لا أدري من أين مصدرها وخاصة مصير الحائري . أرى غرابة أن لا يدرج المؤرخ الأستاذ علي الوردي شيء من المناظرات التي حدثت ولا ما هي القرارات التي أُلزم بها الإيرانيون والتي أعلنت على الملأ في حق الخلفاء الراشدين وهم أفضل من صحب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وهم من حمل لنا هذا الدين العظيم بأمانة بل كل ما أشارعليه هو عبارة واحدة هي ( بعد مجادلات كثيرة لا مجال لذكرها هنا تم الاتفاق على قرارات معينة ) ! بينما أدرج البنود أعلاه وهو يصف الإمامية التي تنسب نفسها إلى جعفر الصادق (رض) بأنها (من المذاهب الحقة)وهو يضع هامش لكتاب السويدي (الحجة القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية) بطبعتيه في القاهرة والثانية هي نفسها النسخة التي أنقل منها هنا، وأيضاً وصف الأستاذ الوردي العلامة السويدي بأنه ما أحسن الظن حين لاحظ أن الحائري قد كسر حرف الراء من عمر وأنها (هنة بسيطة) أنتهزها (أي السويدي) فرصة وأخذ يبالغ فيها ويستنتج منها ما توحي به روح الخصومة القديمة ! وهذا تنويه من الوردي الشيعي على زعمهم المعروف بأن أهل السنة نواصب حين قال في تعليق له ( لقد كان المفروض فيه أن يحسن الظن لكنه لم يفعل مما يدل على أن الشحناء التي دامت قرون لا يمكن أن تزول فجأة ) ! هل هذا الكلام يوجه إلى السويدي ولا يوجه إلى السفاح نادر شاه وجنوده الذين أوغلوا في دماء أهل العراق وأهل السنة منهم خاصة؟ بل لا يوجه إلى الشيعة وقد سفكوا الدماء في عهد اسماعيل الصفوي وما تبعه ؟ بل راح الوردي غفر الله له في الجزء الذي خصصه بأسم (مصير الحائري) على وضع استنتاجاته واتهامه للسويدي صراحة بقتل الحائري حين وصف رحلته إلى مكة بضبابية بينما يُفترض أن لديه مصادر تاريخية يأخذ منها كباقي مواده فقال :
( عندما وصل الحائري إلى مكة سُمح له بإقامة الصلاة والخطبة في الركن الشامي من الكعبة ــ حسبما ورد في قرارات المؤتمر ــ ولسنا ندري كيف كانت الخطبة وهل كسر راء عمر أم لا ، إنما الذي نعرفه هو أن أهل مكة هاجوا وماجوا (وهو يشير إلى كتاب محسن الأمين) مما جعل الشريف مسعود يتدخل في الأمر وأن يكتب للسلطان يخبره بما وقع .
ويخيل ألي أن للشيخ السويدي يداً في ذلك إذ أنه كتب في ختام مذكراته عن المؤتمر قائلاً : ( فلأجل هذا الذي حدث عزمت على الحج اللهم يسر لي ذلك ) ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله أهذا دليل كافي لاتهام الشيخ السويدي ولا يأخذ بقوله أنه سيحج شكراً لله ؟
بل تابع معي ما زاد عليه وهو يكدس التبريرات على ظنه حتى بعد أن ذكر أن الحائري تم أعتقاله من قبل أمير الحج الشامي وسيق إلى دمشق للسجن، ألا يدل على أن ما قاله في الحج على الملأ وهو في هذا الركن أدى إلى رفضه ومخالفته لشعائر الحج المتعارف عليها فكان أعتقاله هناك ؟ في حين أنه أكد على أن الحائري تم نقله إلى أسطنبول بطلب من الشاه نادر نفسه فما علاقة الشيخ السويدي؟ .
أن الوثوق في نظر المؤرخ علي الوردي هو من نفس النوعية من البشر وهو يقول في كتابه متابعاً لمصير الحائري فتأمل : ( وحدثني الدكتور مرتضى نصر الله ـ وهو من سلالة الحائري ــ أن الرواية التي تتناقلها الأسرة حول مصير جدهم هي أن مات من جراء وضع السم له في الطعام ، غير أن جنازته شيعت تشييعاً رسمياً ودفن في قبر لائق به ، ولا يزال قبره قائماً وقد نصب عليه شباك تتبرك به النساء وينذرون له النذور ) .
الغريب مرة أخرى أن مؤرخ مثل علي الوردي الذي يُفترض أن يكون قد اطلع على كتب الشيعة ومنها مقاتل الطالبين وفيها الدلائل الكثيرة على أن كل المؤامرات هي من الخوارج من الفرس فلم يربط أحداث موت الحائري بالسم مع موت الكاظم رضي الله عنه وحقيقة قتله بيد الفرس أنفسهم المقربين من الحكام لكون آمر السجن هو فارسي وأتهم الخليفة بقتله بينما الذي وشي به هو من أقرباءه ، ولا حتى ربط الحادثة بقتل الرضا بنفس الطريقة من قبل الفرس وهو في طريقه إلى بغداد خشية التقرب من الخليفة ولا حتى توصل إلى المبرر الوحيد سبباً واضحاً لقتله من قبل الإيرانيين وهو أن الحائري اشترك في قضية ترك السب للشيخين ووضع أحكام كبرى بالحد وحجز أموالهم وجعلها وقف للحاكم ومما يؤكد عليه قول أحفاد الحائري بأن تشييعه كان لائقاً وما زال موجود يُزار ! لِم هذه الجملة التي ركز عليها ونقلها وهي لا تحتاج إلى ذكر لأنها عادة الشيعة في دفن علماءهم لولا علمهم أن كانت هناك ضجة للاتفاق على ما تم في المؤتمر عند الإيرانيين لأن دينهم اللعن والبراء من الشيخين ؟
ونقول مع ذلك الله العالم.
كل هذا لم يدر بخلده إلا أن شيء واحد هو الذي فكر به ووجده منطقياً للتهمة ؛ وهو عزم الشيخ عبد الله السويدي على الحج بعد المؤتمر ! .
كل هذا لم يدر بخلده إلا أن شيء واحد هو الذي فكر به ووجده منطقياً للتهمة ؛ وهو عزم الشيخ عبد الله السويدي على الحج بعد المؤتمر ! .
مع أن مؤتمرات التقريب لا تجدي نفعاً مع نفوس مشبعة بالحقد ورغبة العداء إلا أن المؤتمر كان نصراً حقيقياً للشيخين وللإسلام الحق رغم سوء النية في اهدافه والخداع في إسبابه
ورحم الله الشيخ عبد الله السويدي واسكنه فسيح جناته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق