" الامتحان النهائي لشيعة العراق بين طبول الحرب على إيران وتصريحاتها باحتلال العراق "
بقلم / آملة البغدادية
وسط طبول الحرب على إيران بعد اجتماع قادة عسكريين من أمريكا وإسرائيل لوضع خطوات حاسمة لردع النفوذ الإيراني إضافة لملفها النووي وتهديدها بغلق مضيق هرمز إن تم الحظر على صادراتها النفطية بقرار دولي، وهو على ما يبدو وشيك فكان على إيران توصيل رسالة لأمريكا أو إسرائيل بأن حربهم على إيران هي حربهم على العراق هذا ما هو متوقع وطبيعي في ظل الهيمنة التي رضي بها حكومات العراق بعد الغزو ، لأن أي اعتداء من قبل إسرائيل أو أمريكا أو حلفاءها الغرب سيعني في وضع العراق الحالي من منظور إيران بأنهم سيواجهون شيعة العراق بل كل إمكانات العراق كون الحكم هو للأحزاب الشيعية ،ففي ذهاب وزير النفط العراقي الآن بالذات إلى إيران مع أن تهديدهم مر عليه أسابيع يوثق هذا المفهوم عدا أن وجود احتمال لترتيبات تعزيز إيران أو تصدير نفطها عبر العراق وارد ربما . الكل بات يعلم إن وجود المكونات السنية من كرد أو سنة عرب ما هم سوى ضرورات تكمل الصورة الديمقراطية المزعومة لتعطي شرعية لمعنى الشراكة لا أكثر فهذه هي من بعض تصريحات المالكي وسط صمت باقي الأحزاب الشيعية ، وهذا ما فهمه الأكراد والسنة في القائمة العراقية بالتحديد أخيراً بعد حملة الاعتقالات والتصفيات السياسية لأعضاء القائمة .
الامتحانات كثيرة لاحصر لها لحقيقة ما تؤمن به الشيعة وما يحدد مواقفها إنما هناك ما تمثل الأخطر من غيرها ، ففي وسط هذه المرحلة الدقيقة التي تزامنت مع ثورة الشعب السوري ومقارعة ظلمه من قبل الجيش السوري الحر المنشق والرافض لاستمرار بشار الأسد بطائفيته التي كشفها بكل وضوح بعد استعانته بشبيحته من الشيعة وما تناقلته الأخبار من دعم جيش المهدي وحزب الله اللبناني لقمع الشعب بالقوة . هذه الثورة التي وصلت إلى مشارف التخلص من الحكم العلوي النصيري بكل حلفه مع إيران هو سبب قوي فرض نفسه على المنطقة بقوة والذي يعني كسر الهلال الشيعي بل أقوى طرف فيه منذ نشوء بذوره قبل ثلاث عقود ، ولا يخفى مساعي المالكي ونجاحه في قبول سوريا لدخول المراقبين لمنع استعمال القوة دولياً لإزاحة الرئيس السوري بالرغم من أنها اتهمت ذاتها بمساعدة القاعدة في العراق مراراً وتكراراً ولسنوات سابقة فضلاً على أن النظام السياسي هو نفسه ( البعث) ! هذه هي تحويلات استراتيجية طبيعية لتحقيق اهداف مشتركة لسيطرة إيران على المنطقة بأسم الدين وبجند أعمتهم العاطفة الدينية لحد الذلة، فقد أساءت شيعة العرب لمذهبهم على عكس ما يتصورون .
لم نسمع أي استياء من قبل عامة الشيعة على الخروقات السافرة لحقوق الانسان التي تخص أهالي المحافظات السنية التي تتناقض مع عنوان "دولة القانون" فقد رُفعت لافتة اجتثاث البعث لتتكفل بالترحيب وهكذا دون الحاجة لأي أعتراض أو نفي أو دفاع تماماً كما هي الاعتقالات بحملات مستمرة في مناطق أهل السنة ومن بقي منهم في الجنوب بتهم الانتماء إلى القاعدة التي بات الجميع يعلم أن آلاف المعتقلين براء منها وأن الاعترافات تنتزع منهم بالتعذيب والتهديد لعوائلهم بشتى الطرق وبعلم المنظمات الدولية لحقوق الإنسان كحادثة عروس الدجيل المكذوبة والتي عرضتها القنوات الفضائية العراقية . هذا هو الامتحان الأول لشيعة العراق بإثبات سعيهم لقيام دولة العدل والديمقراطية ، فقد فشلوا بل هي دولة الثأر والغدر كما تنص عقيدتهم بقتل المخالف وبالوقيعة به لنصرة المذهب وآل البيت كما يدعون وكما نصت فتوى مراجعهم . الأمتحان الثاني الذي واجه شيعة العراق بحقيقة ولاءهم لإيران الذي يغلب وطنيتهم للعراق هو ما أصبح وصمة عار بحقهم حين مرروا احتلال إيران لآبار فكة ولم يبدأوا بثورة تطيح الحكومة وأحزابها العميلة وقد أعتبرها المالكي " آبار مشتركة "! . الأمتحان الثالث هو الذلة التي لحقت بعشائر العمارة في فضيحة الزاني مناف الناجي والتي قوبلت من قبل المرجع الأكبر علي السيستاني بأن يتحلوا بالهدوء خشية على "المذهب" من شماتة "البعثيين "! لم يخالف الشيعة مرجعهم الفارسي الكبر بل قبلوا بالرشاوى المادية وليستمر الوضع كما هو عليه بتربع السيستاني على الحوزة في العراق بل ووصيته بخلافته للمرجع الحكيم وهو فارسي بالطبع كدليل على الأفضلية على العرب بكل وقاحة .
الأمتحان النهائي هو: ما هو رد شيعة العراق ؟ فبعد التصريحات من قبل قائد فيلق القدس ( قاسم سليماني ) بأن العراق وجنوب لبنان خاضع تحت الهيمنة الإيرانية ويمثل إرادتها أفكارها ، والتصريح الآخر الذي أعلن عنه نائب الرئيس الإيراني الأسبق في لقاءه مع وزير النفط العراقي مؤخراً في طهران بأن ( الكل يعلم أن إيران والعراق جسد واحد ) لا يخرج عن هذا المفهوم وإن حاول البعض نفيه، فالمسألة الآن تخص أمن إيران ولا أهمية لاعتبارات الجارة العراق أو لأي خادم لهم فيها ، ولا تؤخذ بنظر الاعتبار تصريحات أئتلاف دولة القانون بأن المالكي غير معني بالرد ومن مسئولية وزير الخارجية بالرد على هذا هو مجرد رمي الكرة ، مع أن من المهم رد الأكراد عليه خاصة وأن هناك من الاجتماعات بين أمريكا وإيران قد تمت في كردستان وأربيل خاصة في مساومات عديدة أسفرت عن إطلاق سراح أربعة من الحرس الثوري الإيراني حين اعتقلوا في أربيل ، ويدل على هذا ما صرح به المبعوث الإيراني رئيس الوفد (شيباني) في لقاء أربيل السري الأخير بين إسرائيل وأمريكا وإيران والذي نُشر في الأنترنيت، فقد قال شيباني: " معظم من في حكومة (نوري المالكي) حاليا هم طوع أمرنا ولا يستطيعون رفض أي أمر او طلب لنا، وأنهم في المستقبل اذا خانتهم الظروف السياسية سوف يتركون العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا جثة هامدة لا حياة فيها، لأنهم أمّنوا مستقبلهم المادي لعقود طويلة قادمة، وان إيران سوف تكون ملاذهم الاخير وبانتظارهم واحتضانهم مجددا مثلما كانوا في السابق وأكثر " .أهـ . اليوم خرج علينا السفير الإيراني (دناني فر ) بتصريح سافر ىخر يوثق هيمنة إيران الفعلية بقوله أنه لا يقبل تشكيل الأقاليم في العراق . لم نجد استنكار من المالكي حول التصريحات ولا تعرضت السفارة الإيرانية لقصف بالصواريخ كما تعرضت السفارة التركية عندما أبدى الرئيس التركي رأيه بالمالكي ، فأين التيار الصدري وإمكاناته وأين مقتدى الصدر من هذا بل أين عصائب أهل الحق ؟ وشتان ! .الاحتلال الإيراني واضح وقد صمتت مراجعهم عن احتلالها أراضي محاذية على الحدود في البصرة وديالى والعمارة ناهيك عن احتلالها الفعلي للنجف وكربلاء والبصرة والتي تعالت أصوات شيعية مستنكرة اللافتات والصور المنتشرة لخامنائي والخميني ولشراء العقارات والتعامل بالتومان . الخروج من الصمت لا ينبغي أن يقتصر على التصريحات الاعلامية التي أطلقها رئيس تحرير الجنوب الشيخ (عوض العبيدان ) لوكالة الأخبار العراقية بقوله : الاحتلال هو كل اجنبي يفرض قراره عليك وهذا الامر في الجنوب ينطبق على ايران بشكل اكبر وطبعا الاحتلال الاجنبي الاخر المتمثل بالامريكي والبريطاني .) ، وعندما كان السؤال الكبير : ماهو الحل الأمثل للمعضلة العراقية برأيكم ؟ كان الجواب ليس سوى اعتراض يفتقر إلى مشروع فعلي حاسم على الأرض حين قال العبيدان : ( الوحدة الوطنية والثبات على هذا الموقف هو الحل الامثل ) . إن الوحدة الوطنية ليست بالكلمات بل هي خطوات ووسائل ولجان مشتركة وموارد مادية تعززها لتكون نواة لجبهة عراقية حقيقية شاملة ، أين هو التحرك الجاد لوقف هذه المجازر كخطوة أولى لتكوين قوة عسكرية تطيح بالصفويين ؟ بل أين هم الرافضين لهذا الاحتلال من بين آلاف الشيعة في الجيش والشرطة والتي شملت الاغتيالات أفراد القوات المسلحة السنة كدليل لسيطرة إيران على العراق ؟ الغريب الذي لا ينقطع عن العراق تشكيل جناح عسكري لمن يسمون أنفسهم بكتلة أه ل العراق الغيارى في تصريح المدعو ( عباس المحمداوي) باستعدادهم حماية الأراضي العراقية من احتلال الكويت ، فهل لإيران النصيب ؟ أم جهلوا أنها بالفعل استولت على أراضي عراقية خاصة في محافظة ديالى ولم يجد أهالي ديالى من الجيش العراقي الجديد غير ردعهم بالقوة بدلاً من تحرير الأرض . الأغرب هو أنه أعلن أن المالكي وافق على عملياتهم المزعمة ، فأي دولة هذه يتنصل الجيش من الرد بينما تتولى طرف آخر بالرد العسكري !
إن أهل السنة لا يرضون أي احتلال لأراضيهم ولا يقبلوا أن يكونوا طرف في الحرب القادمة إن بدأت ، وقد أعلن مجلس محافظة الأنبار عن هذا مؤخراً وهو رأي أهل السنة جميعاً بلا شك ، وليعلم شيعة العراق أنهم يساهمون في تسريع إعلاء الأقاليم السنية بصمتهم على أحزابهم وعلى أبناءهم في الشرطة والجيش الذي رضي أن يتحول إلى مرتزقة في أتصال أحدهم بأنه يساند المالكي فقد تحسنت معيشتهم أخيراً ! وهذا مما يندي له الجبين . ربما ستتطور الأمور ليفعل أهل السنة كما فعل الأكراد بالمطالبة بالانفصال كما لمح لهذا أحد أعضاء الحزب الكردستاني وسط استمرار المالكي بنقضه الوعود التي أتفق عليها ضمن اتفاقية أربيل والتي تم ترشيحه لولاية ثانية من قبل الأكراد . لن يسمح أي عراقي شريف أن تمر هذه الأزمات بالتهدئة والتنازلات والوعود الكاذبة حتى يتكرر في العراق ما حصل في السودان الشقيق من حروب أهلية عديدة بسبب اختلاف العقيدة الدينية ، فعلى الشيعة أن يبينوا موقفهم قولاً وفعلاً من احتلال العراق من قبل إيران ومن سكوتهم على الحكومات الصفوية في العراق ، وعليهم أن يبينوا موقفهم حول اشتراكهم مع القوات الإيرانية في الدفاع عن إيران إذا ما تم ضربها ، وحبذا لو يوضحوا للجارة إيران أن لهم الحق بمناصب عليا في إيران أسوة لما لإيران في العراق بسيطرة إطلاعات الإيرانية على مؤسسات الدولة الأمنية خاصة إن دفعتهم مراجعهم للخوض فيها ، فهل وعى شيعة العراق لحقيقة ولاءاتهم إن لم يكن لحقيقة عقائدهم ، فتحرير الفكر قبل تحرير فكة وقد تأخروا كثيراً ، والله المستعان ومنه النصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق