الأحد، 18 سبتمبر 2011

" نسف التشيع الإمامي بإيمان السلف بعقيدة المهدي الغائب "


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الحجرات16 وقال الله تعالى في محكم كتابه : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة 79
إن هذه الآية العظيمة تبين أن أصل القول على الله هو التكسب بجعل الدين مهنة لأحبار القوم لا يبغون منها هداية الناس ، فكيف من يجعل اليهود المراد بهم في هذه الآية قدوة ويقولون أنهم من يتبع الكتاب والسنة الصحيحة ؟ . هؤلاء هم علماء التشيع الإمامي الأثني عشري الذي بدأت ملامحه بعد الهجرة بأكثر من ثلاث قرون ، وجاءت دولتهم في عهد أسماعيل الصفوي بالسيف والتخريب وحرق كتب العلماء وقتلهم ونبش قبورهم ، وظهور طقوس العويل والجلد على الظهور والصدور واستخدام التربة الحسينية في الصلاة ، فأين أولي الألباب أم على قلوبهم غشاوة ؟ .
في قضية المهدي المنتظر ( الغائب) عند الإمامية يوجد أكثر من دليل على دينهم المصنوع ، مما يدل على أنه بدعة فقد أستدلوا عليه وعلى أصول مذهبهم وأوله الإمامة من القرآن والأحاديث بعد اعتقادهم ، وأتخذوا من التأويل طريق لتثبيت عقائدهم ، وهذا نهج الضلالة وأهل الزيغ . إن الله ثبت في كتابه بأن هناك أصول لدينه محكمات بينات وبها علمنا عقيدة التوحيد والنبوة والمعاد وعرفنا القضاء والقدر والإيمان بالملائكة والكتب السماوية ، وبه عرفنا أصول الشريعة من صلاة وصوم وزكاة وحج، ولم نعرف كل هذا بآيات ظنية تحتمل النقض ، وإلا لما وصف الله تعالى دينه بأنه هو الهدى، فالهدى لا يتخلله ضلالة ولا احتمالات الخطأ والتشابه على الخلق ، وكما قال الله تعالى : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
هذا المبحث المختصر لتبيين أن قضية المهدي الغائب الخاص بالشيعة الأثني عشرية هو (وهم وابتداع) ومن كتبهم ويتناقض منطقياً وتاريخياً مع الدين الذي عرفه الآل والأصحاب . لا يوجد فيه تطرق لمن هم الأصحاب ولا من هم الآل العترة مع أنه هام ، ولكن التركيز على قضية وجود المهدي الغائب بكل تفاصيله وليس عن فكرة المهدي الذي ورد ذكره في أحاديث نبوية ، فلا يراد منه الإلمام بكل التفاصيل وكل الروايات لتفنيدها، ولو أردنا التوسع لما عجزنا ولكن يطول لكثرة دلائل خرافة المهدي المنتظر (محمد أبن الحسن العسكري) ومن كتب القوم أنفسهم ، وكم ألفوا من الكتب ليثبتوا وجوده وحيثيات غيبته وسفراءه ونوابه ومن أدعوها وغيرها من الأمور كمواقع ومنتديات وصحف تختص بالمهدي الغائب والتي صُرف عليها من مال الشيعة من خمسهم الذي يدفعوه ضريبة لموالاتهم للمراجع وبلا نص عليه محكم أيضاً ، أليس فيهم رجل رشيد ؟ . لقد جعلوا الموالي يتشبت بأدعية وألقاب كفرية للمهدي المزعوم بأنه ( بقية الله في أرضه) ، وغاية في العجب ومتناقضة مع خصائص الإمام التكوينية والتشريعية، فكيف يستقيم الدعاء له وهو المخلص بيده ملكوت الكون وله كن فيكون ؟ بل طال الأمد عليهم عليهم فبرروا طول الغيبة بشكل مثير للشفقة أن ينطلي على أجيال تثقفت بالعلم وتخصصت بالعلوم الحديثة وحملت شهادات عليا، ولكن فضلت التخلف وضياع المنطق عند أقدام المهدي المنتظر الشبحية . خلصت نفوسهم المتعبة بالكف عن التساؤلات حوله والعودة لاعتقادهم بوجوده حتى لا يتحطم العالم الافتراضي الذي يعيشون فيه وتهتز نفوسهم ونظرتهم لمراجعهم أيما اهتزاز ، ولو علموا أن هذا هو ما سيخلصهم من الشرك واتباع علماء الضلالة سارقي أموالهم وأعراضهم بأسم المتعة لطلبوه بلا انتظار ، ولكن هيهات فخداع النفس بقبول الخداع أهون من الاعتراف بالحقيقة المرة وأثبت للتوازن في حياتهم من هذه الفضيحة التي تقلب موازين الحياة عندهم وتتعب البال وتفضح كذب علماء التشيع ليضيع مصدر الدين عندهم ، لم يلتفت العوام إلى هذا فقد أغلق مراجعهم منافذ التفكير بقاعدة ( الراد على الإمام كالراد على الله ) وقد جلس فقهاءهم مكانهم وتربعوا ، والله المستعان على ما يصفون .
اليوم بعد وصول المعلومة السريعة وظهور أهمية الحوار فلا حاجة للتغاضى والتعنت فنحن في عصر تموج فيه الفتن وتخلت المراجع بنفسها عن انتظار المهدي فكان حكم الخميني في إيران بديل عن المهدي الغائب وأصبح جيش المهدي ومنظمات بدر وغيرها من المجموعات المسلحة تنفذ مهام المهدي في قتل العرب من مخالفيهم وغيرهم ، وتبينت أن علامات ظهور المهدي هي الأخرى عبارة عن مخططات سياسية تقوم بها عمائم قم مع أسيادهم لتكون النتيجة جنود الإمام هم جنود إيران في السيطرة على البلاد وعودة حكمهم ونيران زرادشت وفواحش دينهم الغابر . يقول الكاتب أحمد الكاتب في جوابه عن سؤال حول المهدي الغائب ،: (فكرة المهدوية تعني الاصلاح ، وقد ادعى المهدوية عدد من أئمة اهل البيت في القرون الثلاثة الأولى ، وقد توفي الامام الحسن العسكري ولم يعلن عن وجود ولد له ، ولكن بعضا من اصحابه ادعوا وجود ولد له في السر ، ولم يثبت ذلك لعامة الشيعة او الشيعة الامامية ، او حتى شيعة الامام العسكري الذين تفرقوا الى اربعة عشر فرقة ، ولم يظهر اي أثر لذلك الولد المدعى منذ ذلك الحين ، وقد انتظره قسم الشيعة الامامية قرونا من الزمن ، ولكن عامة الشيعة تخلوا عن فكرة الانتظار وفضلوا اقامة الدولة الاسلامية بغض النظر عن شروط النظرية الامامية من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية ،كما حدث في الجمهورية الاسلامية الايرانية.) .
يقول عالمهم محمد المظفر : (نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها ، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين مهما عظموا وكبروا ، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة .)(1) أهـ . فأين النظر وأين التفكير؟ . حق للباطل أن يُعلن عنه وحق لمن يعيش دوامة الحيرة الجديدة أن يقرأ ، ومن أراد النجاة عليه أن يفتح عينيه وأذنيه وقلبه ويتفكر بالعقل الذي فرضوه على النقل لمعرفة الله ومعرفة الدين في طريقه الذي سلكه ، ولن يعذر بجهله فقد أُمرنا أن نتبين لخبر يأتي به أحدهم مخافة أن نلحق الأذى بقوم على الظن ، في قوله سبحانه : ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات 9، فكيف لنا أن نهمل البحث والتبيين في أمر هام كأصول الدين وأمر تبعاته من أحكام للمخالف من تكفير وخلود في النار بل وقصاص في الحياة الدنيا ونتكل على العلماء وقول ( ذبها براس عالم واطلع منها سالم ) ! ؟
عقائد الإمامية :
 القانون الذي اتفق عليه الإمامية كما نص عليه عالمهم الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات ، وهو من أساطين المذهب كما يقال عنه وهو الذي ادعى بأن المهدي الغائب قد أرسل إليه رسالة توثق محبته وتطري عليه وطبعاً لا يوجد خط للمهدي الغائب ولا رسالة تبين مكانه ، ولا شك أنها محاولة منه لتمهيد الأمر بجعله (نائب) المهدي الجديد والواضح أنه لم يفلح . قال في كتابه : ( اتفق أهل الإمامة على أنه لا بد في كل زمان من إمام موجود يحتج الله - عز وجل - به على عباده المكلفين، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين.) وقال : واتفقت الإمامية على أن الأئمة بعد الرسول (ص) اثنا عشر إماما، و خالفهم في ذلك كل من عداهم من أهل الملة، وحججهم في ذلك على خلاف الجمهور ظاهرة من جهة القياس العقل والسمع المرضي والبرهان الجلي الذي يفضي التمسك به إلى اليقين. )(2) أهـ                       
إن هذه الحجة التي قدموا بها العقل على النقل الذي يكون بالسمع لا تصح ، لأن البشر لا يتساوون في إمكاناتهم العقلية ولهذا تكون فرصة الاختلاف فيما بين علماء الإمامية أنفسهم واردة فيما بينهم لخاصية التحليل والتعليل كل بحسب اجتهاده في الأمور، وسيأتي ذكر هذا آنفاً . أما مسألة وصف السمع ب(المرضي) دليل على أن هناك ما لا يرضى من العلم الوارد إليهم ، بينما تعج كتبهم بآلاف الروايات التي لا يتقبلها عقل عن الأئمة مما تخالف الكتاب والسنة، ولم يتفقوا على تركها بل على العكس بالغ علماءهم بالتوسعة فيها كطقوس الزيارات إلى قبور الأئمة خاصة في عاشوراء إلى ضريح الحسين بن علي رضي الله عنهما والحج إليه وتفضيلها على حج البيت في مكة المكرمة ، فلماذا هذا الكيل بمكيالين ؟ إلا أنها لمصلحة تقتضيها دوام عقائدهم لا غير ، وإلا أنهدم من أساسه.  وقال المفيد في كتابه أيضاً ما يخص الحكم على من خالفهم : ( واتفقت الإمامية وكثير من الزيدية على أن المتقدمين على أمير المؤمنين - عليه السلام - ضلال فاسقون، وأنهم بتأخيرهم أمير المؤمنين - عليه السلام - عن مقام رسول الله - صلوات الله عليه وآله - عصاة ظالمون، وفي النار بظلمهم مخلدون ـ واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار. )(3) أهـ                                                        
بينما يقول عالمهم ( محمد المظفر ) في كتابه الذي يُدرس في الحوزة ( عقائد الإمامية ) ما يوضح المعنى أكثر بأنه مجرد فكرة وشخصه لم يقل به سوى الإمامية الفرقة التي تميزت من فرق الشيعة بهذا الغائب . قال : ( ولو لا ثبوت ( فكرة المهدي ) عن النبي على وجه عرفها جميع المسلمين وتشبعت في نفوسهم واعتقدوها لما كان يتمكن مدعو المهدية في القرون الأولى كالكيسانية والعباسيين وجملة من العلويين وغيرهم ، من خدعة الناس واستغلال هذه العقيدة فيهم طلبا للملك والسلطان ، فجعلوا ادعاءهم المهدية الكاذبة طريقا للتأثير على العامة وبسط نفوذهم عليهم . والخلاصة أن طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم ، مع الإيمان بصحة هذا الدين وأنه الخاتمة للأديان - يقتضي انتظار هذا المصلح ( المهدي، لإنقاذ العالم مما هو فيه . ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة ، بل الأمم من غير المسلمين غير أن الفرق بين الإمامية وغيرها هو أن الإمامية تعتقد أن هذا المصلح المهدي هو شخص معين معروف ولد سنة 256 هجرية ولا يزال حيا ، هو ابن الحسن العسكري واسمه ( محمد ) .أهـ (4)
التشكيك بالمهدي المنتظر الغائب :
لم يستطع صانع الوهم أن يدعه بلا تثبيت مراراً وتكراراً على فترات لأن هناك من يتسائل ويناقض بدليل العقل الذي أوجبوه ذاته ، وها هو عالمهم البهبودي يعترف بأن روايات ولادة المهدي مصنوعة في زمن الغيبة، فخرج علينا آياتهم بأبحاث تحاول الرد وتثبيت وجوده، ولكن زادت من حجتنا في نسف عقائدهم ، فقد كتب آية الله الإيرواني في بحثه عن الإمام المهدي المنتظر، وهو يذكر أربع قضايا لوجود المهدي المنتظر الواحدة أهون من الأخرى وأهون من بيت العنكبوت ، قال : (على أي حال مسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الامام الصادق ( عليه السلام ) ، وكانت موجودة من تلك الفترة ، فالامام يقول لزرارة : « وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول أنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين ... » إلى أن يقول الامام : « يا زرارة إذا أدركت ذلك الزمان فادعوا بهذا الدعاء : « اللّهم عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيّك ، اللّهم عرّفني رسولك فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللّهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني » .ومن الطبيعي أنّ الائمة صلوات الله عليهم يذكرون هذا الدعاء ) أهـ (5)
وقال : (لايلزم في الخبر المتواتر أن يكون المخبر من الثقات ، فان اشتراط الوثاقة في المخبر يلزم في الخبر غير المتواتر ، كما إذا جاءنا شخص واحد أو اثنان أو ثلاثة وأخبرونا بقضية ، هنا يشترط أن يكون المخبر ـ لاجل أن يكون هذا الخبر حجة ـ عادلاً ، أما لو كانت القضية أخبر بها مائة أو مائتان أو ثلاثمائة ، يعني العدد كان يشكّل التواتر فليس من الضروري عدالة المخبر ؟ فالعدالة والوثاقة هي شرط في الخبر غير المتواتر. لماذا لا نشترط في الخبر المتواتر العدالة والوثاقة ؟  النكتة هي : أنّ الخبر المتواتر حسب الفرض يفيد العلم ، لكثرة المخبرين ، وبعد ما أفاد العلم لا معنى لاشتراط الوثاقة والعدالة ، إذ المفروض أنّ العلم حصل ، وليس بعد العلم شيء يُقصد ، فلا معنى إذن لاشتراط الوثاقة والعدالة في باب الخبر المتواتر ، وهذه قضيّة بديهيّة وواضحة في سوق العلم. ) أهـ (6)
أقول أي دين هذا يناقض العقل والمنطق ويعتبر مجرد تكرار سماع الخبر دليل كاف على حقيقته ؟ ومعلوم أن رواتهم لا يُشترط فيهم العدالة فهم يوثقون الفاسق وشارب الخمر وعندهم ( زرارة ) أوثقهم قد ذمه الإمام جعفر الصادق وحذر منه بل قال بأن هناك كذابون عن لسانه ،، فأين أولي الألباب ؟ وهل لدى القوم اهتمام بسند الروايات أم عندهم كتاب صحيح ؟! يقول المرجع أبو القاسم الخوئي: ( فالإجماع الكاشف عن قول المعصوم نادر الوجود، وأما غير الكاشف عن قوله فهو لا يكون حجة، لأنه غير خارج عن حدود الظن ، فأصحاب الأئمة وإن بذلوا غايةجهدهم واهتمامهم في أمر الحديث وحفظه من الضياع ، إلا أنهم عاشوا في دور التقية ولم يتمكنوا من نشر الأحاديث علناً فكيف بلغت هذه الأحاديث حد التواتر أو قريبا منه ،فالواصل إلى المحمدين الثلاثة [ الكليني وابن بابويه والطوسي ] إنما وصل إليهم عن طريق الآحاد فطرق الصدوق إلى أرباب الكتب مجهولة عندنا ولا ندري أيا منها كان صحيحاً وأيا منها كان غير صحيح ومع ذلك كيف يمكن دعوى العلم بصدور جميع هذه الروايات عن المعصومين ، وليت شعري إذا كان مثل المفيد والشيخ مع قرب عصرهما وسعة اطلاعهما لم يحصل القطع بصدور جميع هذه الروايات عن المعصومين فمن أين حصل القطع لجماعة المتأخرين عنهما زماناً ورتبة ؟! ) أ هـ (7) ، وبالطبع لو تم تصحيح رواياتهم ما بقي منها شيء وهم إن صح سندها فلا يعلمون أيهم كان تقية وأيهم صحيح ولسقط المذهب صريعاً على أيدي من اعتنقوه، لهذا يبررون أن جمعها حفظاً للتاريخ !! كم حطمت التقية دينهم ونقضت عصمة المهدي ذاته . المرجع الإيرواني في بحثه لم يكتف بأن يدعي أن الأئمة ذاتهم يدعون بالخروج المهدي منعاً للشك والذي فيه أنهم ضالون إن لم يعرفون حجة الله ! ويا له من طعن فارسي هذا الذي يعص الله تعالى بكل راحة وكأن صك الغفران في يديه ، وهو ينفي كون الصلاة والزكاة أمر مفروض، ففي بحثه البائس قال : (ليس من حق شخص أن يجتهد في مقابل النص، فإذا كان عندنا نص صريح الدلالة وتام السند من كلتا الجهتين ، فلا حق لاحد أن يأتي ويقول أنا أجتهد في هذه المسألة، فالله عزوجل يقول: (وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ، وهذه الاية بوضوح تدلّ على الطلب، غاية ما في الامر ليست صريحة في الطلب الوجوبي ، لكن في أصل الطلب ـ طلب الصلاة وطلب الزكاة ـ دلالتها صريحة وسند القرآن لا مناقشة فيه. نعم إذا كان يجتهد في الدلالة ويقول لا تدل على الوجوب بل تدل على الاستحباب ، فهذا جيد ، لانّ الدلالة ليست صريحة على الوجوب، أمّا أن يجتهد في الدلالة على أصل الطلب ويقول أنا أجتهد وأقول لا تدل هذه على اصل الطلب في رأيي فهذا لا معنى له ، لانّ دلالتها على الطلب صريحة والسند أيضاً قطعي. ) أ هـ(8)
أما حساب الاحتمال فأدهى وأسخف وهو يدعي توافر الأخبار والسفراء والفكرة ذاتها كتقوية الاحتمال، ولا تواتر إلا لأطماع أصحاب العمائم بما تدره المهدوية من أموال الخمس ومسك السلطة على العوام بمعزل عن السلطة الحاكمة ، وكيف لا وهم عجزوا عن جلب آية صريحة بولاية علي فعمد غيره على علم الأرقام المزعوم لتثبيته ! أي آيات وأي أتباع لهم وأي تقليد !

إلزام للإمامية :
منذ أشهر وجهت سؤال للشيعة الإمامية حول حكم آل البيت والصحابة بما أنهم لم يعرفوا الغائب وليس حقيقة المهدي من حيث الفكرة ، وعليه لم يوالوه ، وهو ( ما حكم من مات من الشيعة ولم يؤمن بالمهدي المنتظر ؟ ) وسؤالي بناءاً على ما في كتب علماءهم كما نص عليه كتاب الشيخ المفيد ، رغم أن لا يوجد في القرآن الكريم آية واحدة تنص على حكم جاحد الإمامة وتكفيره كما هو متبع في تبليغ الله تعالى لنواهي من يعص فروض دينه ، وما وجدت جواباً غير تكرارهم حول فكرة المهدوية وليس عن شخصية المهدي عندهم وسواء قصر في الفهم أو مراوغة للهروب من الإلزام فالأمر سيان . من الآيات التي يدعيها مفسريهم أنها تعني المهدي نقلاً من كتاب (الكافي) للكليني ، قوله تعالى : }وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ{(ق:41) ينادي المنادي باسم القائم ع واسم أبيه ع }يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ{ صيحة القائم من السماء}ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ{ (ق:42) هي الرجعة، وقالوا ( أنه علم للساعة ) ! ، ولعمري ما قرأنا ولا وجد بين كتبنا وكتبهم أن السلف عرف المهدي الغائب هذا من خلال تفسير الآيات وأنهم آمنوا به كما آمنوا بما في الكتاب كله ، فكيف يفسرون هذه المسألة ؟
وأضع هنا أمثلة من التاريخ على أن الشيعة اعتبرت من خالفهم من السلف عصاة وكفار بسبب جحدهم ولاية علي وخروجهم عليه لوليس بسبب نكرانهم للمهدي الغائب الذي يزعمون أنهم عرفوه من آيات القرآن ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حديث (أثنا عشر خليفة أو أمير ) ، فقد أتهموا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها خرجت على إمام زمانها لحربها في موقعة الجمل ولم تتهم بالكفر لأنها جحدت المهدي المنتظر ، وكذلك في شأن الخليفة معاوية رضي الله عنه وقضية الخارجين في النهروان الذين ما اقتص منهم علي رضي الله عنه إلا بعد اتهامه بأنهم لم يحكم كتاب الله ، فلم يكفر أحد منهم بل حكم بإسلامهم ولم يكن المهدي أي شأن عنده ، ولم يعاقب أهل النهروان بالحرق إلا لأنهم ادعوا له الإلوهية .

هذه وحدها تدل على أن هذا الاعتقاد مبتدع كما أن كبار علماءهم صرحوا بأن من ينكر ( الغائب) فهو كافر بل أشد ، قال إبن بابويه القمي رئيس المحدثين عند الشيعة في كتابه (كمال الدين ص 13 ): ( إن منكر الإمام الغائب أشد كفرا من إبليس ) . وهذا يعني أن الآل والأصحاب حكمهم عنده كفار مخلدون في النار وفق قوانين الإمامية بل أشد كفراً من أبليس التي نصت عليها كتبهم وكفروا المسلمين عليها بدءاً من خير السلف أبي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم لمجرد أنهم جحدوا ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فكيف سيتعاملون مع هذا الإشكال في ولاية باقي الأئمة ؟ ليتمعن القاريء في النص الذي كتبه محمد المظفر في كتابه ( عقائد الإمامية) وهو يعترف بأن مهديهم الغائب هذا تفردت به فرقتهم ، ولعمري ومن فمه ندينه فهذه الحقيقة تعني أن التشيع الإمامي ينقض ما بناه بنفسه ويكفر من أراد اصطفاءه من بين السلف بعقيدة ولاية أثني عشر أمام ، فكانت قوانينهم ملزمة بأثر رجعي على من أسلم منذ أول يوم لا على من ولد بعد نشوء المذهب كما يسموه . وهذا من المحال لأنه دين مبتدع وفرقة مستحدثة نشأت لأسباب سياسية كما اعترف علماؤهم ، وليست تلك الأحكام من شرع الله تعالى ولا من شرع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنى يفترون ! هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .
  إن الباحث في كتب الإمامية يتعرف على قضية خطيرة أخرى وهي أن الدين عندهم لم يكتمل وأن من سيكمله هم الأئمة وآخرهم المهدي الغائب عند خروجه ، وها هم يرفضون كلام الله تعالى وإثباته وجعلوا قولهم فوق قوله سبحانه ، وهو القائل : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة، بل أن الأئمة هم من سينسخون الدين قرآن وسنة كما نص على هذا المرجع ( علي السيستاني) في كتابه ( الرافد في علم الأصول ) في فصل عن التقية وكتمان الأئمة للدين، وكما جاءت رواياتهم العديدة المنسوبة إلى الأئمة في كتب علماءهم بأنهم يوحى لهم كما أوحي لفاطمة رضي الله عنها وكان كاتبها علي رضوان الله عليه كما قال الخميني بأن الوحي لم يأتي لباقي الأئمة كما تحقق لها ! وفي كتاب (كشف الغمة) ما قاله الإمام الباقر: «لَمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ضَجَّتِ المَلَائِكَةُ إِلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ بِالْبُكَاءِ والنَّحِيبِ وقَالُوا إِلَهَنَا وسَيِّدَنَا أَتَغْفَلُ‏ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وابْنَ صَفْوَتِكَ وخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وجَلَّ إِلَيْهِمْ قَرُّوا مَلَائِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وجَلَالِي لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ كَشَفَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ (ع) لِلْمَلَائِكَةِ فَسَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ!». في حين تفصلهم عن الإمام الحسن العسكري رضي الله عنه قرون ، فأين السماع وأين اليقين ؟ .
 يا لها من مؤامرة مجوسية بيد يهودية لهدم الإسلام وقتل المسلمين .
ــــ
(1)   محمد المظفر، كتاب (عقائد الإمامية)/ فصل (عقيدتنا في النظر والمعرفة )
(2)   الشيخ المفيد ، أوائل المقالات/ باب ما اتفقت الإمامية فيه على خلاف المعتزلة
(3)   المصدر السابق / القول في المتقدمين على أمير المؤمنين (ع)
(4)   محمد المظفر، عقائد الإمامية / فصل (عقيدتنا في المهدي )
(5)   الشيخ محمد باقر الايرواني، الامام المهدي  عليه السلام بين التواتر وحساب الاحتمال
(6)   نفس المصدر السابق
(7)   أبو القاسم الخوئي ، معجم رجال الحديث
(8)   الشيخ محمد باقر الايرواني، بحث الامام المهدي  عليه السلام بين التواتر وحساب الاحتمال
ــــ
بحث أصيل بقلم / آملة البغدادية كتبت في 17/9/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق