الجمعة، 22 يوليو 2011

أزمة (ميناء مبارك) الكويتي ، حقوق مشروعة أم حلقة في مشروع الشرق الأوسط الجديد ؟



يقال أن الحقيقة لا تُعرف إلا بخصام السراق، وكم تتوالى السرقات بين الشركاء في العراق المحتل وأغلبها لا يُعرف إلا بعد اختلافهم فمن صراخهم وفضيحة أحدهم الآخر نعلم أكثر مما بدا . مثال فضيحة وزير التجارة فلاح السوداني وتهديده للمالكي باشتراكه في نهب أموال الشعب العراقي ضمن حقهم في الحصة التموينية التي يعتمد عليها أعداد كبيرة من الشعب . الأهم هو نتيجة مصير الشركاء وهذا يعتمد على مدى نجاح المسومات بينهم ومدى نجاح الوسطاء فاعلي الخير .

ميناء (مبارك) الكويتي أزمة جديدة تضاف لأزمات العراق التي لا تنتهي، فمن جارة الشر إيران إلى جارة السوء الكويت، التي لم تبقي وسيلة لتخريب العراق وقتل أهله إلا واتبعتها بتستر من قبل الحكومة الصفوية ومن أمريكا، ولم تكتفي بالعدوان طيلة عقود بارتكابها جرائم حرب قصف العراق من قبل طياريهم وحرائق في الوزارات، وتهريب وسرقات ما الله به عليم، ولن يغفر لهم العراقيون هذا . إرتقت الكويت في مستويات الاعتداء لتصبح محتلة، ويا له من رقي تفتخر به أجيالهم . تصاعدت وتيرتها في الأيام الماضية بشكل مفاجيء عندما نقلت وسائل الإعلام صور عن الميناء الضخم الذي هو قيد الإنشاء قريباً من الحدود الكويتية العراقية بأقل من كيلومتر واحد حسب التقرير الذي أعدته قناة الفيحاء ، مما يعني تخريب أقتصادي وتجويع شعب ولا أقل من جريمة حرب . *
في الأمس القريب كانت العلاقات الحميمة بين الساسة في العراق وبين المحتلين في الخفاء والمساعدين لإسقاط حكم السنة ، حيث لا أحد يجهل خوف الكويت المستديم من مطالة العراق بإرجاع الكويت ضمن خارطة العراق بعد فرض هذا التقسيم من قبل الاحتلال البريطاني للتحكم بالموانيء البحرية بسهولة إن تم وضع حكام يتعهدون بالموالاة الدائمة ، وهذه هي الحقيقة التي لا يخجل منها آل الصباح وهم يصرحون بأن أمريكا ليست عدوة، وأن بوش الأب والأبن وأوباما أصدقاء وهم حلفاء لهم وما زالوا ، والمقالات كثيرة في جريدة الحدث الكويتي بهذا الخصوص ، حيث كانت زيارة آمير الكويت للرئيس الأمريكي الجديد أوباما عندما ظهرت أزمة المطالبات بالتعويضات للكويت ورفض إلغاء الديون المتبقية بسبب الفوائد الربوية مما يجعل العراق تحت البند السابع والذي ينافي استقلاله لهذا السبب .
 الوساطات لحل الأزمات هم رجال الحوزة في كل أزمة ، وأهمهم المرجع (علي السيستاني) الذي يدعي أنه لا يتدخل بالسياسة وربما قصد أنه لا يتدخل كوزير أمام الإعلام إنما هو الحاكم الأعلى الفعلي في العراق من قبل إيران ، تدخل أثر مطالبة النواب بتعويضات من الكويت للأضرارالناجمة من الغزو على العراق كحق مشروع مماثل في منتصف عام 2009 . فقد سارع إليه وفد من الكويت ـ حسب ما نُشر في موقع الرابطة العراقية ـ وتم تسوية الخلاف والموافقة على ترسيم الحدود بعد مقابلة السيستاني ممثل الأمم المتحدة ( ديمستورا) . فرح بها الوفد ومنهم قنصل الكويت السابق (جوهر الجوهر) ، مع تدخل وكيله في كربلاء ( عبد الهادي الكربلائي) في حل الأزمة ودياً والابتعاد عن الساحة الإعلامية.  ثم إلى تدخل المرجع (محمد حسين فضل الله) في لبنان بين نواب مجلس الأمة وأعضاء مجلس النواب العراقي وتصريحاته لوزير التربية الخزاعي وليس لصحفي يستدعى الوقوف والتفكر . إن هذا التدخل المباشر وطلب السرية من أكبر مرجعية في العراق يؤكد العلاقة والشراكة في الغزو لتوافق المصالح في تخريب العراق بالتخلص من القوة السنية التي حجمت من تدخل إيران بواسطة خدمها في العراق .تعدت التصريحات للتهدئة إلى رئيس الوزراء (نوري المالكي) لنفس الأسباب إعترافاً بالجميل الكويتي في احتلال العراق، وتم تهدئة الموقف أخيراً ، وحتماً بمساومات لم تعلن فلم يصدر قرار  من مجلس النواب ولا خبر إعلان بصيغة التفاهم رسمية وصلت للشعب العراقي، بل أختفت الأزمة تماماً، ولكن بدت آثارها واضحة فيما بعد في تغيير ترسيم الحدود وتسرب أخبار عن احتلال الكويت لآبار عراقية بتعتيم حكومي، و أيضاً دون تدخل من الجيش العراقي الجديد .
فما الذي تغير اليوم ؟
الغريب في الأمر أن ميناء مبارك جاري العمل فيه منذ 2005 حسب التقرير ، أي بعلم من الحكومة العراقية لقربه ولعلم أمريكا وقواتها بحكم تواجدهم في البلدين إضافة للأقمار الصناعية التي تراقب المنطقة وهي التي نشرت الصور لمراحل التجاوزات السافرة على العراق كونه يغلق آخر ممر في خور عبد الله والذي منه يتم تصدير النفط العراقي . فما الذي جعله يطفو إلى السطح الآن ؟ هل هي غيرة حكومات المحتل على السيادة العراقية فجأة ؟ نعلم أن الغيرة على السيادة غابت لسنوات حين كانت المدفعية الإيرانية تقصف الأراضي الحدودية في شمال العراق ، وطالما تغاضاها المسئولون الأكراد، ويأتي النفي أحياناً إنها تلاحق متسللين هاربين من أكراد إيران من حزب (بزاك) المعارض، ولا نجد استقصاء المعلومة من حلفاءهم الأمريكان ومعدات الرصد الكبيرة لديهم تغطي العراق من شماله إلى جنوبه . لم نسمع هذه الغيرة عندما احتلت إيران قرى في محافظة أربيل وهددت سكانها بالجلاء وقد أكدوا ان هناك قواعد عسكرية ومجمعات في المنطقة . إن كان احتلال الأراضي لا يضر بنهب الثروات المستمر وتسهيل الكويت لدخول الأرهابيين إلى العراق للقيام بالتفجيرات في العراق كضرورة لبقاء أمريكا واستمرار إبادة أهل السنة لا يهم أيضاً، فلماذا أغفلت الحكومة ومجلس نوابها احتلال آبار فكة من قبل إيران ومنطقة صفوان من قبل الكويت وإنشاءها لمفاعل نووي على أراضي العراق؟ هل الإعلان عنه الآن حدث طبيعي أم أنه تحضير لتداعيات خطيرة مستقبلية على العراق والمنطقة ككل ؟ .
من المعلوم أن الإعلام المسيس يؤثر في عوام الشيعة فلم نرى مطالبات بتحرير فكة أو إعادة الأراضي المحتلة في أربيل من قبل إيران ضمن تظاهرات الشارع العراقي في السابق، إلا في تظاهرات الجمعة الأخيرة طالبوا بتحرير قرى أربيل ونددوا بميناء مبارك مع أصوات أهل السنة كونه تجاوز يلحق الضرر بالعراق والعراقيين ، والمسألة معروفة لأسباب عقائدية وطاعة عمياء لإيران ، وموضوع التظاهرات وسرقة قيادتها لتشويه قضيتها واضح منذ فترة ، وبالسفه المتقصد من موسيقى ورقص لا يخفى هو أمر آخر .
لاحظنا نحن العراقيون وأهل السنة بالذات أن كل زيارة لمسئول كبير من إيران هي لتسليم أوامر جديدة من السلطة العليا في إيران لخادمه المالكي أو المرجعية الفارسية ، بشكل يضمن سرية توصيل المعلومة لخطورتها كون العراق محتل وبحكم محافظة إبرانية في نظر طهران قاتلها الله ، وهذه الزيارات تكررت قبل الانتخابات الرئاسية وبعده ، مما يضفي طابع نذير شؤم ينتظر العراقيين لزيادة الأذى وتخريب العراق ، فقد زار العراق قبل أيام وفد سري برئاسة (سيباني) مع وفد من إسرائيل وأمريكا في أربيل بالذات، وبعدها ظهر الخبر على الفضائيات .تسربت معلومات أن الاجتماع كان غير ودي لمطالبة إيران شريكيها بعدة مطالب من شأنها التفوق على أمريكا في وجودها في العراق مقابل توقف التهديدات من قبل التيار الصدري بملاحقة الجيش الأمريكي . مع أن السبب مضحك لكن أمريكا تأخذه بجدية مما يدل على وجود أمريكا الشكلي إن لم يكن انسحابها شرط مستقبلي في اجتماعات أخرى تفرضه الهيمنة الإيرانية على الوضع في العراق وسحب البساط من تحت أمريكا . لا أحد يجهل أن في جعبة أمريكا الكثير فقد مهدت مقدمات الضعف العربي في المنطقة بموافقة حكامها لتوافق المصالح وبقاءهم في الحكم .
يفترض أن يتذكر حكام الكويت تدخل أمريكا في تهدئة الأزمة وإنهاء مطالبات العراق بدفع تعويضات الغزو على عليه عند زيارة أمير البلاد شخصياً لأوباما وإعلان المقابلة في جريدة الحدث الكويتية ـ وربما هي رسالة للحكومة الصفوية أيضاً بأن أمريكا معهم ـ فأين تدخل أمريكا اليوم لتهدئة الموقف ؟ . ربما أنكرت الكويت الفخ الذي نصبته للرئيس صدام حسين رحمه الله حين أبدت نصيحتها بالتعامل مع اعتداءات آل الصباح بالفعل العسكري وأنها لن تتدخل، وهذا لا يغير الحقيقة، فما الذي يمنع أمريكا ذراع إسرائيل في المنطقة أن مشروع ميناء مبارك هو الأزمة التي تهيأ لتغيير قريب ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد متزامن مع التغييرات المتلاحقة في بلدان الشرق الوسط وعمليات الإطاحة بالحكام باستغلال ثورات الشعب المستقلة مع حبائل اليهود الخفية. 

 إن تفجر العلاقة مجدداً بين العراق والكويت واحتمال التصاعد بشكل عسكري من إيران بصورة غير مباشرة أمر وارد إن علمنا أن الملف النووي يعتبر أمر جدي يهدد أمن إسرائيل ( كما تعتقد أمريكا) وتصريحات البنتاغون أن كل الحلول مطروحة قد وصلت الأسماع ، وأن وقوف أمريكا متفرجة تنتظر ضعف الخليج وإيران معها وهو الأهم هدف بديهي ، خاصة أن المستقبل لا يخلو من تداعيات خطيرة بحكم تهديدات إيران لدول الخليج بعد أحداث العنف في البحرين بسبب مطالبات أصحاب المظلومية الموروثة في الحقوق كوسيلة تبرر الغاية ؟ ليتذكر الكويتيون أن للشيعة سلطة على حاكمهم فهناك معلومات تفيد أنه يملك قناة (السور)مع أفراد من وزارة الداخلية ومحموعة إيرانية ، وهذه القناة تشن هجوم على من يسموهم ( الازدواجيون) وهم من أهل السنة من أصول تنتمي لقبائل من السعودية ويمثلون 70 % من الشعب الكويتي، فحين يتم التضييق عليهم والقضاء عليهم يصبح الأمر أسهل لوجود الرافضة وسيطرتهم الواضحة والبدون للوصول إلى السعودية بعدها .
الكويت الآن في كماشة إيران شاءوا أم أبوا ، وقصف سفارتهم في المنطقة الخضراء وهروب سفيرهم رسالة لطيفة من أعوان الشيطان، فهل نسي حكام الكويت أم جهلوا حقيقة أصدقاءهم كما جهلوا حقيقة أعداءهم في العقيدة وهم بين ظهرانيهم ومن حولهم ؟
الاحتمالات واسعة وتبقى المصالح المشتركة هي التي تحل الأزمات ككل مرة، ويبقى الشعب هو من يتحمل الخسائر جميعها بلا استثناء . نسأل الله العون لتطهير العراق من المجرمين والخونة ونسأله الرضا ومنه النصر .


آملة البغدادية / تموز 2011

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق