لا يخفى أن من أهم الخطوات لنصرة القضية في
أي بلد يعاني من هجمة منظمة تستهدف النفس والمال والعرض هو التصدي المسلح ، ولا
يقتصر عليه بل يعتبر الجانب الاقتصادي في المرتبة الثانية ولا يقل أهمية عنه ، فما
الحال والدين بكل أصوله قد تعرض لهجمات عديدة لتشويه صورته ؟ . لا شك أن ما يستوجب
هو عمل منظم (جماعي) ليؤتى التصدي ثماره في ضربات موجعة للعدو ، ففي بعض الحملات
التي تعرض لها عالمنا الإسلامي من قبل أعداء الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) سواء
في الدانمارك أو فرنسا أو غيرها ، هو ما نُشر من صور وأفلام تسيء لخير البشر النبي
العربي الهاشمي الذي كان خلقه القرآن ، فلم تكن النصرة فعالة إلا بالمقاطعة
الاقتصادية ، برغم نهوض الملايين من المسلمين بمسيرات احتجاجية وتصريحات إعلامية
ومقالات ومخاطبات دبلوماسية ، فقد كانت أسباب النصرة الاقتصادية تكبد العدو
الملايين من الدولارات في غضون أسابيع معدودة ، أرغمت الاعتذار من قبل رؤساءهم .
في العراق المبتلى تتعرض العائلة السنية إلى
هجمة وحشية منظمة من قبل الحكومة الصفوية في العراق بأوامر من ملالي قم ، ومن
أنواعها السيطرة على الاقتصاد العراقي بشكل خبيث يستنزف الثروات ويصدر السموم ، خاصة
وأن الاستيرادات العراقية في أغلبها هي من الدولة الجارة (إيران) الشر أو نيران
الشر، حيث تفردت بتصدير السلع الغذائية والمعدات ومواد الإنشاء والأدوية التي ثبت
بعد إجراء الفحوصات أنها غير مطابقة للمواصفات لانتهاء تاريخ الصلاحية ، ورغم هذا
ما زالت وزارة التجارة تستوردها بقصد طائفي ، بل أن المواد الغذائية والأدوية التي
شملت اللقاحات للاطفال تحوي مواد موبوءة تمثل أحد أشكال الإبادة الجماعية للشعب
العراقي ،ولا سيما أهل السنة بالتحديد بتوجيه من وزارة الصحة العميلة التي تعمدت
رداءة المستشفيات ومستلزماتها . لقد أصبحت العائلة السنية اليوم مطوقة بتعليمات صفوية
مدروسة لسلب قوتها الشرائية لتُجمع في خزينة إيران بصورة مباشرة أو غير مباشرة
بسبب الولاء التام عند الشيعة .
من
الجدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران تضاعف من 7 بلايين دولار العام الماضي
إلى 14 بليوناً، هذا نقلاً من صحيفة الحياة في خبرها المنشور في يونيو / 2012 (إيران تغرق أسواق العراق بالسلع لتخفف
عنها وطأة العقوبات الدولية) ،وأوضحت أن كتلاً نقدية ضخمة بالعملة الصعبة تتسرب إلى
إيران، عبر تجارة السيارات، حيث أوجدت بعض الجهات منافذ عدة لتصريف عشرات آلاف
السيارات الرديئة الصنع بسرعة، وبمبالغ كبيرة مقارنة بنوعيتها، منها منافذ وزارة
التجارة ووزارة الصناعة ومجالس المحافظات. وشدد الخبير الاقتصادي عماد العبود على أهمية أن
يبدأ التاجر العراقي بفرض شروطه. وتابع أن هناك دولاً تريد الفوز بموطئ قدم داخل
السوق العراقية، لا العكس، والكل لاحظ مدى التسهيلات التي قدمتها دول آسيوية عدة،
في محاولة لكسب التاجر العراقي. ودعا إلى عدم الاعتماد على بلد واحد في التعامل التجاري،
موضحاً أن السوق العراقية تستوعب ما قيمته 50 بليون دولار سنوياً من السلع، متهماً
جهات محلية تحولت من مهمة المتاجرة مع إيران إلى مهمة المصرّف لبضائعها. ) أهـ . لذا فأن ما يلزمنا منذ زمن بعيد هو وعي أهل
السنة ، واتخاذ خطوات هامة للتصدي الاقتصادي للعدو الإيراني وخدمه من حيث التصدي
الخارجي والداخلي بالنسبة للعراق ، ويلزم من الحكومات العربية خاصة أن تأخذ
بمهامها أزاء ما يحدث في العراق والذي انعكس عليها سلباً .
للتصدي شكلان : الأول هو (المقاطعة) ،
والثاني هو (الاستثمار المبرمج) ، والذي لم يلتفت إليه المكون السني كافة خاصة في
الوطن العربي لنصرة سنة العراق وضرب إيران اقتصادياً بكل وجه ، بل بالعكس فتحت
أبواب الاستثمار الإيراني في بلدانهم ولم تتخذ خطوات حاسمة بهذا الخصوص !
من حيث التصدي الخارجي :
قرأنا
عن التكامل الاقتصادي في المراحل الدراسية ، ولكن لا نعرف معناه على أرض الواقع ،
ومن الضروري الآن أن يبرمج بشكل سليم يوازي الحاجات والتحديات والوقائع الخطيرة
وأثرها في المستقبل . نلاحظ للأسف تقصير الحكومات العربية في دراسة الوضع العراقي
وما يمكن أن يخدم نصرة أهل السنة ويدر الأرباح على المستثمرين والتجار معاً، فما
هو معلوم عن العراق قوته الشرائية وميل العراقي للشراء بغض النظر عن أعداد العوائل
الفقيرة ، فهي الأخرى تحتاج إلى سلع ومواد غذائية وأجهزة بيتية ومواد احتياطية
للمركبات وغيرها من سلع هامة ، فما يخص الإعمار والإنشائيات ، فقد ذكرت الأنباء عن
عدم صلاحية السمنت مثلاً وهو إيراني المنشأ، مما يعني تقصُد فساد البنى التحتية ــ
بعلم الحكومة في العراق ــ وما يجره من مخاطر في المستقبل ، ثم لا نجد شركات
ووكلاء لهم في بغداد والمحافظات تغني عن التبضع من تجار شيعة في قلب العاصمة بغداد
ومناشئهم إيران ، أو بنوعيات رديئة من دول غربية ، رغم وجود سلع مختلفة من تركيل
والسعودية والأردن إلا أنها دون المطلوب . نرى بعين الأسى غياب وعي أصحاب الشركات
في الدول الغنية كالخليج أو في تركيا وغيرها من الدول الإسلامية والعربية خاصة حول
ضرورة تلازم الاقتصاد السياسي مع الأوضاع الراهنة في المنطقة ، وحتى على صعيد
الشركات الخاصة ، فلا مبرر لحرمان العراق من الاستثمار فيها واقتصاره في مجال
الطاقة مع الحكومة في العراق ، والتي لا يستفاد منها أهل السنة خاصة ً، إنما ريعها
للخزينة المشتركة مع إيران لتعود بشكل عدائي من العرب وإلى العرب ! . من الغريب أن
نجد مواقف متناقضة في التعامل الحكومي، بحيث يكون الحضور الدولي أثناء القمة
لأسباب سياسية تخص رعاياهم بعيداً عن مسئوليتهم اتجاه سنة العراق .
أما ما يخص التصدي الداخلي :
نجد أمرين : فقدان المقاطعة الاقتصادية لكل
ما هو إيراني ، وغياب كسر الاحتكار الشيعي .
عندما نراجع صرفيات العائلة السنية
سواء أكانت بشكل عام أو فردي فنرى إهمال الوعي بضرورة مقاطعة البضائع الإيرانية
أولاً، خاصة وقد تم الكشف عن طريقة دخول العبوات الناسفة عن طريق البضائع الإيرانية مما يشكل دافعاً أكبر للمقاطعة ، وثانياً عدم المبالاة في التبضع من
الشيعة ، فيفترض على كل عائلة أو فرد أن يلتزم بمصادر التبضع من مناطق أهل السنة حصراً
، سواء أكانت مواد غذائية أو كهربائية أو إنشائية وغيرها ليتجنب هدر المال في غير
موضعه ، وإن كانت جميعها تدخل في الميزانية العامة للدولة ،فأن من الضروري أن تكون
في خزينة الوسطاء السنة من عامة الشعب من أصحاب المحلات كشكل من أشكال المقاطعة
غير المباشرة لإيران واذنابها مع خدمة أبناء جلدتهم .
أما عن غياب كسر الاحتكار الشيعي ، فإن لقوة
المال فاعلية في القيادة وفي القضايا السياسية ، فكيف إن جُمعت مع القضية
العقائدية ؟ ! . على أهل السنة أن يعوا منهجية التشيع وتوسعه من خلال مادة قوته (الأفراد)،
وهم بدورهم يستعملون قوة المال أسوة بمنهج اليهود حين اختصوا في مجال بيع ( الذهب)
والعمل المصرفي ، وهذا ما يجري في العراق منذ قرون لم يفطن إليه أهل السنة ، أما الملاحظ
على أهل السنة فهو توجههم في صرف أموال طائلة لشراء العقارات والمركبات وابتعادهم
عن تشغيلها في التجارة من أوسع أبوابها ، إلا ما ندر . ليس من العجيب أن نجد أغلب
التجار الأثرياء هم من الشيعة منذ بداية القرن الماضي ـــ بعد أن وعينا توحدهم في
قضيتهم (متأخرين) بجهود شيوخنا الأجلاء جزاهم الله خير ــ لكن من العجيب أن لا نجد حافز لأصحاب الأموال من
أهل السنة في بلورة (نصرة) قضيتهم وأهلهم بشكل جمعي عن طريق إنشاء الشركات الفردية
والمختلطة، لما فيها من دور في ازدهار مناطقهم ومحافظاتهم التي تشكو من حرمان وعوز
اقتصادي . إن هذه خطوة هامة كنواة لأقليم متكامل، من شأنه أن يرفع القوة الاقتصادية
ويمنع الاحتكار والطوق المفروض عليهم من قبل نقاط التفتيش عند التوجه إلى بغداد
عند الحاجة لأقل السلع سعراً ، فأما آن الأوان للبدء في إنشاء مناطق سنية للتجارة
شاملة في بغداد والمحافظات ومن جهة أخرى تغنيهم عن العلامة التجارية الصفوية ؟
على أهل السنة كافة والعراق خاصة أن يغيروا
من نمط اللامباة، ليقطعوا الطريق أمام الهيمنة الإيرانية التي تفتح المجال للتجار
الشيعة من التوسع في مناطقهم لهذه الأسباب العقائدية ، والتي يمكن أن تتحول إلى بؤر
إجرامية حين أمر المرجعية .
الله
المستعان ، وهو ولي التوفيق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق