أهل السنة في العراق ومنذ سنوات يتلفتون يميناً وشمالاً يبحثون عن قادة تتوحد كلمتهم ليلتفوا حولهم وليوجهوهم بخطوات محددة في كل أزمة لها فعل على الواقع السياسي والديني لمواجهة الخطر الإيراني والأمريكي معاً.
والواقع يقول أن هذه الرؤية الموحدة غير موجودة مهما تبنت أي هيئة قيادة أو صرحت بإدانة ، لأن من فرق الرؤى هو تعدد الأحزاب وتعدد المصالح ، وكل حزب بما لديهم فرحون ، ولهذه العلة أثرها الخطير ، فالغريب أن من يقف عائقاً دون الخلاص من التطويق الصفوي هو عجز رؤساء العشائر السنية أنفسهم عن توحدهم وإنشاء مجلس يعنى بواقع المحافظات السنية ، وفشلوا أيضاً في إنشاء مجمع علماء أهل السنة يعنى بالتصدي للخطر الشرقي على الأقل رداً على اغتيال أئمة المساجد ، بينما نجحت فصائل المقاومة العراقية ــ وهي السنية حصراً ــ من التجمع في مشروع الجهاد بلا تردد ولا تباطؤ ، وبتوخي شرع الله في كل عملياتهم رضي الله عن شهدائهم والأحياء منهم كفصائل ثورة العشرين وجامع وغيرهم ، لكنهم للأسف لم يجدوا حاضنة تمكنهم من العمل السياسي وسط استهداف من كل المحتلين الأمريكي والإيراني ، حتى بات المجاهد منهم متهما بالإرهاب وقابعا في السجون ، ومن قتل أمريكي اعتدى على حرمة البيوت تم إعدامه من قبل الحكومة العميلة ، حتى لو كان ضمن القوات المسلحة الحكومية ،مثل البطل ( قصي ) من نينوى على ما أعتقد .
إن من أهم الخطوات للتصدي هو تشكيل هذا المجمع الديني الذي يأخذ على عاتقه مهمات توعية لخطر التشيع ولخطر المشروع الصفوي الإيراني ، كما لا يخفى مهمة التصدي لقرارات إيران لتشريع الفكر الدخيل على مؤسسات الدولة التربوية والعمرانية والثقافية ، كما لا يخفى الترابط بين السياسة والدين لصلاح المجتمع . إن الحال على ما هو عليه الآن سيء جداً ، فالزمن يلعب لصالح المالكي وزمرته بغض النظر عن حصول ضربة عسكرية على إيران أو لم تحصل، لأن مادة قوة الهيمنة الشيعية هم عوامها لا قادتها ولا دستورها القرآن ، وعلى عكس أهل السنة فأن مادة قوتهم القرآن والسنة ، ولهذا فالخوف منهم كبير لعدم إمكانية القضاء على قوتهم وهي العقيدة ، بمقابل الشيعة التي يسهل القضاء على قوتهم وهم الأفراد المجندين بالكامل بالتربية منذ الصغر بكونهم ( جند الإمام ) .
من هنا تتضح خشية إيران ومراجعها في قم والنجف وقادتها في السياسة من خطر الحوارات والدعوات والجهود المبذولة لفضح الدين الاثني عشري الذي يختبأ خلفه دين مجوسي بلباس صفوي لئلا ينتبه العوام لهم بما لديهم من حجج دامغة بالدليل ومن أرض الواقع . إن من أسباب ضعف أهل السنة وقوة الشيعة واضح بعد غزو العراق خاصة ، والذي لم يتفاعل مع هذا الخطر العرب والمسلمون حتى وصل الأمر إلى سوريا الشقيقة التي صُدم العالم بهول المجازر التي يحصل فيها بتدخل إيران والعراق وحزب الله في لبنان ، فالشيعة منذ قرون كان لديهم مشروع (دولة المهدي المنتظر) ولا يعتبرون البلد الذي يعيشون فيه وطن لهم ، إنما هو معسكر وجبهة ، أما السنة فلا مشروع لديهم لأنهم ينتمون لأوطانهم ولا يكونون دولة داخل دولة ، والمؤسف بعد تهديد وجودهم وعقيدتهم في وطنهم كما هو عليه العراق ما زالوا بلا تحرك واعي ، ولهذا فما يأتي لا يبشر بخير والعياذ بالله ، إلا أن يتدبروا ويعوا أهمية طروحات الشيخ الفاضل الدكتور (طه الدليمي) حفظه الله، وأهمية مؤسسة القادسية الثالثة .
أما عن مجلس رؤساء عشائر أهل السنة ، فنحن بحاجة لمجلس يربط المحافظات السنية مع بعضها فعلياً ويجعلهم مع الحدث أول بأول لا أن تصل أخبار ديالى إلى نينوى بواسطة (قناة الشرقية) أو غيرها . نحن بحاجة لمجلس له نشاط وزيارات متواصلة فيما بينهم يجري فيه صناعة القرار والتفاعل لا أن يتم استدعاءهم من قبل المالكي أو قائد الشرطة أو آمر عسكري آخر . إن لوجود مجلس كبير كهذا يقوم بإحصاء مطالبات الأهالي ثم ترسل إلى البرلمان بالتعاون فيما بينهم بعد توحيدها ، أو تفصيل الخاص منها بحسب ظروف المحافظة بشكل واضح إلى مجالس المحافظات بورقة واحدة مشتركة بكونهم جسد واحد لا يجوز أن تحجز محافظة عن أخرى بأي شكل ، ومن ثم تحول إلى مجلس النواب ككتلة كبيرة يصعب إسكاتها وتجاوزها . لم يجد رؤساء العشائر ــ مع احترامي الشديد وعتبي المحق ــ جرائم 2006 سبب كاف لتوحدهم أمام ضعف من يسمون بنواب عجزوا عن وقف أنهار الدماء ومئات المساجد المهدمة ورايات الثأر جلية مرفوعة ضدهم على واجهات المحلات وجدران البيوت . لم يجدوا جريمة واحدة حجة منذ عشر سنوات رغم الضجيج في مجلس النواب حول استهداف السنة في منطقة (الحرية الثانية ) عام 2005 بشكل جماعي مع حرق منازلهم !. أيضاً لم تكف ملاحقة واستهداف علماء الدين وأهالي أبي غريب حجة ! ولا تهميش واحتكار المناصب حجة وخاصة القوات المسلحة ، ولا حادثة تطويق ديالى من المليشيات أو منع مظاهرات نينوى واعتقال النساء ،أو حادثة النخيب ورقص الشيعة حول المخطوفين، أو تشييع سامراء حجة ! وألف علامة تعجب لا تكفي . من غير المنطقي أن تعجز العشائر السنية عن تدارك أبناءها الذين يتخطفهم الموت والاعتقال ، ومن جهة أخرى يتم توظيفهم في نواحي خاطئة تعود عليهم بالضرر ولا تستثني أحد .
إن ما حدث من مطلب محافظة ديالى وصلاح الدين للفدرالية والتي تم رفضها بقسوة مسلحة واستهداف متعمد وإلهاء عبر قضية ( طارق الهاشمي) ،قد تجمعوا حولها ونسوا الفدرالية ، في حين أن استهداف الأستاذ طارق الهاشمي هو لمنعه من إمكانية تولي قيادة حكم العراق امتداداً للتغيير في المنطقة بتولي ( الأخوان المسلمين ) ، والحادثة لو تنبهوا لها كانت مباشرة بعد عودة المالكي من واشنطن ، مما يعني أن هناك كلام وتوبيخ وتهديد جعل إيران تستبق الحدث بدهاء معروف وتأمر بقضية اعتقال حمايات الهاشمي .لقد كشف الإعلام عن توجه أميركا على لسان المجرم صولاغ الذي أعلن صراحة عن خطورة الثورات العربية السنية وصعود الإخوان كحل لإلهاء أهل السنة عن محاربة أمريكا على حد قوله ، ولهذا كان تطويق (حزام بغداد ) وهم مناطق أهل السنة . كان من المفروض أن تكون المطالب ترقى للفعل كرد فعل مساوي بتشكيل ( أقليم سنة العراق) كمطلب يجمع قواهم وشكواهم في كيان واحد بدل كسرهم الواحد تلو الآخر ، ولا يكاد يصل صوت العظام المكسورة إلا إن سمح لها الطغاة فإي حال ذليل هذا ! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
نطالب بقيادة جديدة واعية من قبل علماءها وشيوخها ورؤساء عشائرها تقوم بفرض مطالب تُطرح في مجلس النواب بشأن جرائم إيران وعملاءها حول قطع مياه نهر ( الوند ) وعمل سد لتحويل مياه نهر ( ديالى ) مما يعني مجاعة يتعرض لها العراق تهدد الزرع والضرع ، ولا يخفى تهديد غلق مضيق هرمز ، وأخرى حول الحدود المفتوحة لكل فساد وأولها المخدرات التي نهشت في جسد القوات المسلحة وجعلها تقاد من رقابها ، والأغذية واللقاحات التي تسمم العباد وتنشر المرض . نطالب بتجمع قوي يفرض عقوبات على كل من يتدخل بالعراق ويحتل أرضه وماءه وسماءه ويملي إرادات لصالحه .
إننا نحتاج لقيادة تنظم الجهود ،فماذا ينتظر رؤساء العشائر وعلماء العراق بعد أن وصل الأمر إلى اعتقال رؤساء العشائر، فضلاً عن اعتقال السنة وتعذيبهم ولا يعلم حال مليون معتقل أو أين هم ! ، والمؤلم أن الشكوى لإطلاق سراحهم توجه للجلاد !
ماذا ينتظر أهل السنة حين تحاصرهم قوات بأسماء متعددة آخرها ( عمليات دجلة ) وهدفها منع محافظات العرب السنة والتركمان من التملص من القبضة الإيرانية ؟ . نسمع رفض وتحركات قادة الأكراد ولا نسمع لقادة أهل السنة رد مناسب لضعفهم وتورطهم بجهل لا يُعقل .
نحتاج لتجمع ديني وعشائري يمهد لقيادة مستقبلية لأهل السنة مستقبلاً ، وتجعل من خطوة (العصيان المدني) ممكناً، والذي يمثل قوة وعامل يحرك الإعلام الذي غاب عن العراق إلا بنشر الفساد وفضائح الشركاء ؟ حل سلمي يتطلب إرادة وفعل جماعي ، مع حضور عربي إعلامي سبب غيابه سريان النار في الهشيم .
والله المستعان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق