في عراق الانتهاكات لا مجال لصرخة مظلوم ولا نجدة لمسئول ، وفي مجلس النواب لا حل جذري ولا حتى أنصاف الحلول، فكل قضية واضحة تصبح مبهمة وسط اعتراض الفرقاء لتناقض المفاهيم . هذا ما جنته الديمقراطية وحكومة الشراكة بأسم الوطنية .
تمر أخبار الفضائح التي ترتكب بحق أهل السنة خاصة في السجون مر الذليل لا الكريم ، والله المستعان ، حيث تشير التقارير أن هناك 101 سجينة في وزارة الداخلية و960 في وزارة العدل و69 في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، والعديد منهن مع أطفالهن ومنهم الرضع .
بعد أن خرجت على العلن فضيحة قديمة جديدة لاغتصاب سجينة عرضتها قناة الشرقية ، سارع النواب إلى الاجتماع وكل في جعبته أوراق تختلف عن الآخر لنفس القضية ، وكأنهم في مؤتمر حرب يبحثون عن بنود في صالحهم ، لا مجلس دولة تتفق لصالح الجميع .
اجتمع البرلمان يوم الأربعاء وتم نقله مرتين عبر القناة ليزيد من لوعتنا ، ويزيد معها حرصنا على ضرورة حكم مناطقنا بأنفسنا لا محالة ، فكيف يكون هناك عدل وأمن وازدهار لبحث انتهاك أعراض السجينات اللواتي تم إلقاء القبض عليهن بلا أوامر قضائية وينتهي بتجريمهن من البعض ؟ وكيف يكون هناك أمل في التعايش مع هؤلاء حين تكون الهجمات مجهولة العلم من وزارة العدل نفسها لأربعة أيام من قبل الداخلية قبل تسليم ملفهن ؟ والأدهى لأسباب خارجة عن المنطق إلا منطق الإجرام الأمني ، إلا وهو للضغط ومساومة الرجال على تسليم أنفسهم بحجة الإرهاب . وطبعاً نتحدث عن مآسي منطقة الطارمية شمال بغداد وأخرى في ديالى ، وأمرأة من ( الصقلاوية ) بلا رجل معيل مع أطفالها ، فبأي عالم نحن نعيش ؟
أصبح العراق عالم سفلي لا يكاد يسمع به أحد ، وإن تناهت الصرخات من بعيد يقال ، شيء معتاد عليه وما لنا وله ! .
من هذا المجلس الذي يفترض فيه الرقابة على الدولة ومؤسساتها ، جلس الرئيس ( أسامة النجيفي ) يستمع إلى اللجنة التي قدمت تقريرها بشأن الانتهاكات التي لا يقبلها دين ولا عرف ، وإذ بنا نتفاجيء بأن رئيس اللجنة ( سليم الجبوري ) اعترف بأنه لم يسجل في تقرير اللجنة شيء عن ( اغتصاب ) ! والسبب هو لحساسية وشعور الأهالي ، وهكذا يضيع الصوت في أول آهة له ، ولكنَ الله يا حرائر العراق .
نتفاجيء ولم ينتهي العجب حيث اعترض نائب صفوي آخر أظنه ( بهاء الأعرجي ) على ذكر مسألة الاغتصاب وهي لم ترد في التقرير ! ، وهكذا تفتح أبواب الإفلات المنطقي وفق الروتين الورقي ، ولا حاجة لشهادة ضحية أو مسائلة ضابط في السجن . وبعد وأكثر ! نتفاجيء باعتراض على الملأ من النائب عن دولة القانون ( حسن السنيد ) بشاربه المصبوغ المقزز يتهجم على رئيس اللجنة بأنه ( متحيز ) بحجة أن اللجنة لم تتحرك ولا مرة واحدة لانتهاكات ( الأرهابيين ) بحق العراقيين ! ، ثم اعترضت الصفوية ( حنان الفتلاوي) بأن هذا الاجتماع على مرأى الإعلام شيء خاطيء ولا يجوز !، لماذا ؟ قالت : لأنه يؤجج العاطفة في الشارع العراقي ويؤدي إلى احتقان . أقول : عجباً لكم يا رافضة ، ألستم في شهر محرم شهر تأجيج العاطفة وشحن الشارع العراقي بقضية قتل الحسين ؟ ألم تنقل الفضائيات وتصرف المليارات لتمثيليات مكذوبة حول حرق الخيام وسكب العبرات والخطب المنسوجة مما لا يعرف لها سند ولا يعقلها عقل ؟ ، وما الذي يحصل أثناءها وبعدها ؟ أليس محاصرة مناطقنا واعتقال شبابنا ؟
لم ينحصر الموقف المؤلم هذا على كشف حقيقة الشركاء ، بل طرأ موقف مفاجيء في نقل مباشر يعتبر صفعة من رئيس البرلمان ( أسامة النجيفي ) حين ترك المؤتمر وهو في منتصف الاستماع وفي أوج احتدامه ليهرع خارجاً تاركاً المجلس لنائبه . ما السبب ؟ قلت في نفسي : لعله علم بقدوم وزير الداخلية أو ربما تم جلب المسئولين عن الجريمة . ولكن لا هذا ولا ذاك .
أتضح بعد دقائق أنه استدعي ليستقبل الإيراني رئيس مجلس الشورى (علي لاريجاني) تحت قبة المجلس العراقي ، ولهذا تطلب تركه ما هو مهم لأهم منه ، وهو حضوره ليدلي ب (تصريح إعلامي) حول نية انعقاد مؤتمر لبحث الوضع الأقليمي ! .
نعم يا عرب ، تُركنا لنذبح بعيداً عن العالم وبعيداً عن ضمائركم . تركت العفيفات بيد الجلاد ساعة كشف جريمته لتتم مصافحته والترحيب به ، ولعلها مقصودة رداً على انتهاك اعراض نساء العراق ولا استبعد ، فالإعلام بيد إيران والسجن بيد إيران والجيش بيد إيران ، فلمن الدار ومن أهلها ؟
كتب التاريخ وسيكتب العار لمن يتهاون في الحق ويعلي المال على الدين، ويضيع الحقوق بلجان عديدة تطالب بالسماح لها بممارسة عملها بسبب تأخير توقيع ( موافق) أو تصريح زيارة . حقائق مريعة نسمعها كل يوم لا تحرك نقاش حاسم ولا يصدر عفو لبريء ، ليستمع من يرفض الفدرالية ويكفر من ينادي بالتقسيم ، ولك الله يا عراق .